على الرغم من الحيوية الاستثنائية التي يعبّر عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مضاعفة الحركة والسفر واستقبال الضيوف، إلا أن شعبيته ليست دائماً على موعد، أو أن الفرنسيين ليسوا دائما شاكرين الجميل.
ففي آخر استطلاع للرأي أجراه معهد "إيفوب" ونشرته صحيفة "لوجورنال ديمانش" الموالية لماكرون، اليوم الأحد، خسر الرئيس الفرنسي 2 في المائة ولم يعد سوى 50 في المائة من الفرنسيين راضين عن سياساته، كاشفاً تدني شعبيته لدى فئة 25 و34 سنة، وأيضاً لدى فئة 50 و64 سنة. فيما يحاول المسؤولون عن الاستطلاع تفسير الأمر من خلال ربطه بالقدرة الشرائية لدى المواطن الفرنسي، والقلق من تأثير التغييرات التي يجريها ماكرون على مستوى عيشه.
وفق هذا الاستطلاع، فإن شعبية ماكرون تنخفض بشكل حادّ لدى المتعاطفين مع حزب "الجمهوريين" اليميني المعارض بنسبة 10 في المائة. كما أن السياسة الحكومية الداخلية ليست غائبة عن هذا الجفاء لدى ناخبي اليمين، خصوصاً بعد قرار ماكرون قبل أيام، التخلي عن إنشاء مطار في منطقة "نوتردام دي لاند"، والاكتفاء بتوسيع مطار نانت، وهو ما اعتبره قياديون ومنتخبون يمينيون كثيرون استسلاماً منه ومن حكومته لابتزاز وتهديد مجموعة من الفوضويين والخارجين على القانون.
ويكشف الاستطلاع في المقابل، أن ماكرون في وضعية أفضل من سابقيه، نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند، بعد مرور الفترة نفسها. فنيكولا ساركوزي كان يحظى بتأييد 47 في المائة في حين أن فرانسوا هولاند، كان في وضعية بالغة السوء، ولم يدعم سياساته حينها، سوى 38 في المائة من الفرنسيين.
كما يستطيع الرئيس الفرنسي، حسبما تقول الصحيفة الفرنسية، أن يحسّ بالرضى لأن عدد الراضين عن سياسته، منذ شهر يونيو/حزيران، تجاوز عدد الراضين عن سياسة رئيس حكومته إدوار فيليب، (49 في المائة) وهو ما يعني أن رئيس الحكومة الفرنسي سيحترق كلما ظهر في المشهد السياسي والإعلامي معلناً قرارات الرئيس الصعبة وغير الشعبية أحياناً.
ولا يتوقف ماكرون عن التصريح بأن استطلاعات الرأي لا تهمه، في إشارة إلى شغف سابقيه المَرضي أحياناً، خصوصاً نيكولا ساركوزي، باستطلاعات الرأي. فهو راض عن الوضعية التي يتمتع بها في أوروبا والعالم، لغياب بريطانيا بسبب "بركسيت"، وكذلك ألمانيا لعدم نجاح المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، حتى الآن، في تأليف حكومتها الجديدة، خصوصاً إن لجأت إلى تأليف حكومة أقلية أو عادت إلى الناخبين مرة أخرى.
فهذا الظرف السياسي يلائم بروز تأثير فرنسا الدولي، مع الاستفادة من مفارقات سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تدفع ماكرون للبروز كزعيم أوروبي نافذ. وهذه المكانة هي ما سيشدد عليها ماكرون في 17 من شهر إبريل/نيسان المقبل، حين سيلقي خطاباً جديداً أمام البرلمان الأوروبي حول مستقبل أوروبا. وسيكون هذا الخطاب، في حال نجاح ميركل بتجاوز محنتها الحالية، إعلاناً عن إصلاح ألماني وفرنسي للاتحاد، الإصلاح العزيز على قلب الرئيس الفرنسي الشاب.