نجاة.. امرأة وحيدة بين صيادي القنيطرة

09 مايو 2015
تعمل في الميناء في أكثر من مهنة (العربي الجديد)
+ الخط -
تحمل صناديق السمك الثقيلة من المركب إلى السوق، لتبيع السمك للزبائن بعد ذلك. تجدها لاحقاً تغسل السيارات، أو تخرج في رحلة صيد في ميناء مدينة القنيطرة المغربية على المحيط الأطلسي.

هي نجاة (42 عاماً) التي ودعت أهلها باكراً. تقول: "كنت صغيرة عندما فقدت والدي، فتزوجت أمي من فرنسي وهاجرت معه، وتركتني وحيدة في المغرب". تضيف: "أمي تعمل، اليوم، ممرضة في فرنسا، ولديها ابن وبنت يحملان الجنسية الفرنسية ويتمتعان بكلّ حقوقهما". أما نجاة فقد رفض طلبها في كلّ مرة تقدمت فيها بطلب التأشيرة للالتحاق بوالدتها.

وعن اختيارها العمل في الميناء، وهو عمل يحتكره الرجال، تقول: "عملت في البيوت أول الأمر، واستنتجت أنّ صحتي ستضيع في الكنس والطبخ وغيرهما، طوال اليوم، مقابل دراهم معدودة، ففضلت البحث عن عمل آخر".

جاءت نجاة، في أحد الأيام، لتناول السمك المشوي في ميناء مدينة القنيطرة. وجذبها المكان، ففكرت في البحث عن عمل، ولم تجد أمامها سوى فرصة تحميل السمك وبيعه. وهي المهنة التي تمارسها منذ 15 عاماً. وما زالت تتابعها رغم كلّ التعب المصاحب لها، فهي ببساطة لا تستطيع "مفارقة الميناء".

تمكنت نجاة، بفضل صبرها وعزيمتها، أن تضع بصمتها في المكان، وتنال احترام بائعي السمك وكلّ العاملين في الميناء. فهي تسابقهم في حمل الصناديق وكنس المكان وتنظيفه وغسل السيارات وتنظيف أنواع السمك. بل تسابقهم إلى الخروج في مراكب الصيد في الرحلات الحافلة بالمخاطر.

تقول نجاة : "خرجت مرات عديدة في رحلات صيد بالقوارب. وأنا المرأة الوحيدة وسط عشرات الرجال. غير أني لا أشعر وسطهم بأنوثتي. فالكلّ لديه غرض واحد هو صيد السمك، والرجوع بعد ساعات من مواجهة الأمواج والمخاطر بغنيمة بحرية تغنيه عن السؤال والاستجداء".

لا تخفي نجاة تعرضها في بداية التحاقها بالعمل في الميناء لكل أنواع التحرش والمضايقات. فقد وجدت صعوبة كبيرة في التواصل والاندماج مع زملائها الرجال. بل التجأت، يوماً، إلى شرطة الميناء مطالبة بحمايتها. لكن بعد مضي الوقت، استطاعت أن تجد مكاناً بين الرجال.

تستعرض نجاة ما تمارسه، اليوم، من أعمال: "أغسل السيارات، وأبيع السمك، وأرفع الصناديق، وأعمل كل ما يعرض عليّ. لا أحتاج سوى العمل والعمل المتواصل لكي أوفر لنفسي ما يعفيني من السؤال". وتضيف: "لا أريد العمل في مصنع السمك هنا، فكلّ الفتيات فيه يتعرضن للتحرش. ولا أنوي ارتكاب جريمة في حق متحرش فأمضي ما تبقى من حياتي في السجن".
المساهمون