لم تخفِ طهران انتقادها الزيارةَ التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى سلطنة عمان، من دون أن تبتعد عن اعتبار مسقط صديقاً استراتيجياً ووسيطاً لحلحلة ملفاتها العالقة مع الآخرين، ولطالما استقبلت محادثاتها السرية والعلنية مع أميركا وعملت على نقل الرسائل بين الطرفين. وصحيح أنّ المسؤولين الإيرانيين، ممن شجبوا هذه الزيارة، قرأوا فيها استهدافاً للقضية الفلسطينية ومحاولةً لتسهيل تطبيق "صفقة القرن"، لكنّ ساحة التحليل قد تحمل بين طياتها أبعد من ذلك.
ومع أنّها ليست المرة الأولى التي يحصل فيها لقاء عُماني - إسرائيلي، إلا أنّ مستشار الشؤون الدولية الأول لرئيس مجلس الشورى الإسلامي، حسين أمير عبد اللهيان، وجّه انتقاده المباشر للسلطان قابوس بن سعيد، معتبراً أنّ هذه الاستضافة "لا تتناسب وحكمته المعهودة". أمّا وزارة الخارجية الإيرانية، فدعت الدول الإسلامية إلى عدم الرضوخ لضغط البيت الأبيض ورفض التحركات الإسرائيلية التي من شأنها خلق مشكلات جديدة في الإقليم.
وقد تزامنت هذه الزيارة مع عودة الحديث عن وجود اتصالات واحتمال عقد مباحثات إيرانية أميركية في مسقط، كما جرى سابقاً، إلا أنّ طهران نفت ذلك رسمياً. كما أتت الزيارة مباشرة بعد زيارة المساعد السياسي لوزير الخارجية العماني محمد بن عوض الحسان، طهران، والتي التقى فيها وزيرَ الخارجية محمد جواد ظريف، والتي تلت بدورها جولة أخرى للمساعد الأول لهذا الأخير حسين جابري أنصاري، وكانت مسقط والدوحة محطتين فيها.
في السياق ذاته، رجح الرئيس الأسبق لدائرة غرب آسيا في الخارجية الإيرانية قاسم محبعلي، في حديث لموقع "إيلنا"، أن يكون نتنياهو قد سلّم رسالة هامة إلى إيران عبر مسقط، وتوقّع وضع عنوان دعم إيران فصائلَ المقاومة على الطاولة العمانية، إلى جانب ملفات ثانية تعني طهران بشكل مباشر.
وبحسب هذا الديبلوماسي السابق، فإنّ طهران لم تبدِ حساسية وتوتراً عاليَين من الزيارة رغم انتقادها، كما لن تؤثّر في مسار العلاقات مع الشريك الوسيط، وهو ما ينطبق على العلاقات الإيرانية مع أطراف ثانية من قبيل روسيا، أذربيجان، أرمينيا، وغيرها من الدول الإسلامية والعربية التي تقبل التطبيع مع إسرائيل.
ورغم الشجب الإيراني الصريح للزيارة الذي ظهر ناعماً في حين، وحاداً وصريحاً في تصريحات أخرى، لا سيما تلك التي وجهت الانتقاد المباشر للسلطان العماني، إلا أنّ ذلك في الحقيقة لا يعني اختلافاً في الداخل على العلاقات مع السلطنة ولا مساومة على التطبيع، ولن يعني تبديل مسار الحسابات السياسية على السكة الإيرانية العمانية، التي قد تحمل هذه المرة رسالة قادمة من وجهة جديدة.