أجمعت وسائل الإعلام الإسرائيلية على أن السعي إلى تطويق الأزمة التي تفجرت بين تل أبيب وموسكو، في أعقاب إسقاط الطائرة الروسية في محيط اللاذقية، وضمان عدم تأثيرها في مواصلة تمتع إسرائيل بهامش حرية مطلق في سورية، كان على رأس سلم أولويات اللقاء الذي جمع الليلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ولفت المعلقون الإسرائيليون إلى أن نتنياهو طالب ترامب بعدم سحب القوات الأميركية من سورية، طالما أن إيران تحافظ على وجود عسكري هناك.
وقال يوسي ميلمان، معلق الشؤون الاستخبارية في صحيفة "معاريف"، إن نتنياهو بحث مع ترامب أنماط التحرك الذي يمكن أن تُقدم عليه واشنطن لمساعدة تل أبيب في احتواء الأزمة مع موسكو.
وفي تقرير نشرته الصحيفة، اليوم، أشار ميلمان إلى أن نتنياهو بحث القضية نفسها مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، كما أن مستشاره للأمن القومي مئير بن شابات ناقش القضية ذاتها مع نظيره الأميركي جون بولتون.
واعتبر أن نتنياهو معني بالاستعانة بخدمات ترامب لتطويق الأزمة مع روسيا، في أعقاب إسقاط الطائرة الروسية في محيط اللاذقية، الأسبوع الماضي.
وأضاف أن اللقاءات المكثفة التي يجريها نتنياهو وكبار مساعديه، والتي شارك فيها أيضا رئيس الموساد يوسي كوهين، تهدف إلى تدخل ترامب لدى بوتين والحصول منه على تعهد بالسماح لإسرائيل باستئناف عملياتها العسكرية في سورية ضد الوجود الإيراني وقوات "حزب الله" في سورية.
وأشار إلى أنه على الرغم من الأزمة بين موسكو وتل أبيب، إلا أن منظومة التنسيق التي تربط سلاح الجو الإسرائيلي بقيادة الجيش الروسي في قاعدة "حميميم" تعمل بشكل مستمر ولم تتوقف.
وتوقع المعلق الإسرائيلي أن تضطر إسرائيل لتجميد عملياتها في سورية، إلى أن تتم تسوية الخلاف مع موسكو، لافتا إلى أنه يرجح على نطاق واسع أن يكون نتنياهو قد طالب ترامب بعدم السماح بانسحاب القوات الأميركية من سورية وأن تربط واشنطن بين انسحاب هذه القوات وإجلاء القوات الإيرانية.
وفي السياق، أبلغ نتنياهو القناة الإسرائيلية العاشرة أنه قدم لترامب عدة مطالب بشأن تطويق أزمة سقوط الطائرة الروسية، مؤكدا أن الأخير استجاب لكل مطالبه. وقال جيل تماري مراسل القناة في واشنطن، إن ترامب تعهد بالتدخل لدى بوتين لثنيه عن قراره تزويد نظام بشار الأسد بمنظومة "إس 300".
وأشارت القناة إلى أنه على الرغم من تأكيد كبار المسؤولين الإسرائيليين عزمهم على مواصلة العمل ضد الوجود الإيراني في سورية، إلا أنهم يدركون أن تزويد نظام الأسد بمنظومات دفاع جوي متقدمة من طراز "إس 300" سيعيق قدرة تل أبيب على مواصلة تحركاتها في سورية.
من ناحية ثانية، لفتت القناة إلى أن التصريحات التي أدلى بها كل من ترامب ونتنياهو بشأن إيران تدلل على أن الجانبين يتحدثان اللغة نفسها تماما.
من جهته، قال مسؤول أمني إسرائيلي سابق إن التدخل الأميركي لصالح إسرائيل لن يسهم في تحسين قدرتها على مواصلة عملياتها في سورية. وقال رونين دنغور، الذي شغل منصب نائب رئيس قسم الأبحاث في ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية إن قرار بوتين تزويد نظام الأسد بمنظومة "إس 300" يهدف بشكل أساس إلى تغيير أنماط سلوك إسرائيل في سورية وتعزيز مكانة روسيا في المنطقة.
وفي مقال نشره موقع "وللا" اليوم الخميس، شدد دنغور على أن هناك شكوكاً عميقة إزاء قدرة إسرائيل في المستقبل على مواصلة عملياتها ضد إيران في سورية، حتى في حال تدخلت إدارة ترامب.
ولفت إلى أن الأمور ستكون أكثر خطورة، في حال قام الروس بإدارة منظومات الدفاع الجوية المتطورة التي سيحصل عليها نظام الأسد.
وحذّر دنغور من أن سلوك روسيا سيفضي إلى المساس بالتفوق النوعي الإسرائيلي في المنطقة بأسرها، مشيرا إلى أن موسكو ستزود أيضا مصر وتركيا والجزائر بمنظومات دفاع جوي متطورة.