بنيامين نتنياهو على سكاي نيوز (يوتيوب)
20 اغسطس 2020
+ الخط -

وكأنّه عرسٌ تمّ التحضير له منذ سنوات، يتعامل الإعلام الإماراتي، أو ذلك الدائر في فلك أبوظبي، مع الاتفاق بين الإمارات ودولة الاحتلال الإسرائيلي، منذ الإعلان عن التحالف، قبل أيام. عملٌ بصريّ متقن على المواقع الإلكترونية وعلى الشاشات، يحتفي بما يحسبه ذاك الإعلام "انتصاراً" و"إنجازاً فريداً". هكذا، حوّل هذا الإعلام التطبيع إلى عمل بطولي، معارضوه "متآمرون" و"حاسدون" للنجاحات تلك. في هذا الإطار، تأتي "إبداعات" كلّ وسيلة إعلاميّة. لكنّ مجال "سكاي نيوز عربية" كان أوسع من ذلك حتى، فراحت القناة بعد تهليل كبير وبروباغندا واسعة، وإطلاق وسوم وحملة ترويجيّة، إلى مقابلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (الإثنين)، على اعتبار أنّها السبق الأعظم لأول قناة عربية تقابله مباشرةً. وفي الحوار، يتفاخر نتنياهو بالاتفاقية مع الإمارات، فيحكي عن التشارك في الدراسات لإيجاد علاج لكوفيد-19، ويهاجم الدول التي عارضت صراحةً التطبيع المُعلن، كتركيا وإيران. إلا أنّ أغلب حديثه عن "أهمية معاهدة السلام" و"الخير" الذي ستعود به على البلدين وعلى المنطقة. يغازل نتنياهو الإمارات، ويقول إنّها رائدة وديمقراطية ومزدهرة، ويشبّهها بإسرائيل. يخفي الانتهاكات الإماراتية لحقوق الإنسان، والجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين أولاً والعرب ثانياً، لتحتفل القناة بمديح المجرم للديكتاتور.
وتتقصّد المذيعة فضيلة السويسي التي تطرح أسئلةً عامة وسطحية خرجت أغلب إجاباتها في بيانات الإعلان عن الاتفاقيّة، أن تتحدث عن "وقف" الضم الإسرائيلي لأراض فلسطينية جديدة، وهو ما روّجت له القناة مع عدد من وسائل الإعلام الإماراتية والسعودية على أنّه سبب رئيسي من أسباب إقدام الإمارات على هذه الخطوة، لينفي نتنياهو كلّ ذلك، ويشير إلى أنّ "تعليق" الضم هو طلبٌ أميركي يهدف إلى "توسيع معاهدة السلام في الشرق الأوسط" لضمّ دول أخرى، فيما تبدو المذيعة سعيدة بانضمام دول أخرى، وتطلب من رئيس وزراء الاحتلال أن يطلعها على تفاصيل "رغم أنّ التكتم مطلوب".
والتكتّم الذي يعود إلى الرفض الشعبي للخطوة، لا إلى حماية "السبق" من الكشف، لا يمنع أن تعتبر القناة تصريحات نتنياهو منزّلة ولا يمكن التشكيك فيها، فقط لأن الإمارات قامت بتلك الاتفاقية، لا لأن التصريحات تلك فيها أي حقيقة أو ما يُشير إليها. وبحوالى 13 دقيقة هي مدة المقابلة، تُصبح الإمارات "رسالة سلام" في الحديث عن تحالفها مع الاحتلال الإسرائيلي، لكنّ تعابير "الحرب" تسيطر على القناة عندما تتحدث عن دول أخرى، بينها عربية كقطر. إذ لا مشكلة للقناة في الحروب المندلعة في الدول العربية، فالإمارات تشارك وتدعم مليشيات فيها وتروّج لها عبر شاشتها وأخواتها. يتبدّل مفهوم "السلام" في دقائق فيُصبح ذلك الذي ينعم فيه المحتل والمتحالفون معه فقط، من دون أن يكون ذلك حقّ للفلسطينيين أو السوريين أو الليبيين أو اليمنيين مثلاً. تتبدّل الروايات وتنقلب الحقائق كيفما تشاء الإمارات، "الدولة الديمقراطية" التي لا تسمح بمخالفة الرأي معها... تماماً كالاحتلال الإسرائيلي.

 

إعلام وحريات
التحديثات الحية
المساهمون