نتفليكس... هل تهدد عرش هوليوود؟

26 نوفمبر 2018
إدريس إلبا في فيلم "بيستس أوف نو نايشن" (يوتيوب)
+ الخط -
تقوم صناعة الأفلام بشكل عام على صالات ودور عرض الأفلام، حيث تعد هذه القاعات مصدر الربح الأساسي للأفلام، عن طريق بيع التذاكر للراغبين في المشاهدة، والآن وبعد حوالي 100 عام على افتتاح أول قاعة سينمائية، ما زالت لهذه القاعات الأهمية نفسها عند منتجي وصناع الأفلام، حيث يُقاس نجاح الفيلم أو فشله من الأسبوع الافتتاحي الأول للعرض في دور السينما في مكان ما، ثم في جميع أنحاء العالم. ولكن مؤخرًا، صار هناك من يُنافس دور السينما في العرض، حيث ومنذ عدة عوام سعت إحدى خدمات البث إلى عرض الأفلام عبر الإنترنت، مما شكل تحديًا أمام صناعة الأفلام بشكل عام، حيث لم يعد على المشاهد أن يخوض غمار تجربة السينما، وإنما يمكنه بناء سينما بيتية لمشاهدة الأفلام التي يريد وبجودة عالية. هل تشكل خدمة البث هذه تهديدًا حقيقيًا لعرش هوليوود وصناعة الأفلام؟ 

التأسيس
شركة أميركية تأسست في عام 1997 على يد ريد هاستنغز ومارك راندولف لتكون شركة بيع وتأجير الأقراص المدمجة مثل شركة "بلوكبوستر" والتي كانت المنافس الوحيد حينذاك. انطلقت نتفليكس عام 1998 بثلاثين موظفا و925 فيلما متوفرا للتأجير فقط، ولكنها تخلّت عن فكرة البيع وركزت على خدمة تأجير الأفلام عبر البريد. في عام 2007، بدأت شركة نتفليكس خدمة بث الأفلام عبر الإنترنت حيث سمحت لمستأجري الأفلام لديها بمشاهدة ساعة مقابل كل دولار ينفقونه على خدمة تأجير الأقراص الشهرية. ومع دخول منافسة "هولو" و"أبل" وغيرها من خدمات البث عبر الإنترنت، ألغت الشركة قيود المشاهدة على البث بجعلها غير محدودة.


مسلسلات نتفليكس الأصلية
مع الانتشار الكبير والواسع للشركة، لم ترد أن تبقى فقط في مربع العرض، بل أرادت أيضًا أن تدخل في مربع الإنتاج وامتلاك الحقوق الحصرية للعرض، وهو ما قادها في عام 2011، لتبدأ في إنتاج مسلسل لها House of Cards من إخراج ديفيد فينشر، وقد حقق نجاحًا على مستوى عالمي. وأقامت الشركة العديد من العقود والاتفاقيات مع استديوهات كبيرة لإنتاج مسلسلات خاصة مثل مسلسلات الأبطال الخارقين من عالم "مارفل" وغيرها من المسلسلات التي حققت نجاحًا على المستويين المحلي الأميركي وعلى المستوى العالمي. وأعلنت الشركة مؤخرًا أنها ستنتج مسلسلات خاصة حول العالم حسب الدولة وحسب الثقافة، فأعلنت عن إنتاج مسلسلات هندية وأوروبية وأسترالية وأعلنت أيضًا عن بث مسلسلات عربية بدءًا من عام 2018 مثل مسلسل "جِن". هذا التنوع الثقافي واللغوي لدى نتفليكس هو ما يضمن لها النجاح والاستمرار، فلم تكتفِ الشركة بعرض الإنتاجات الأميركية بل اشترت حقوق مسلسلات وأفلام بلغات أوروبية (مسلسل Dark) وعربية (مسلسل "جِن") وإسبانية (مسلسل Money Heist) وغيرها من اللغات.






أفلام نتفليكس الأصلية
لم تكتفِ نتفلكس بدخولها عالم الشاشة الصغيرة، بل أرادت أن تقتحم عالم السينما والشاشة الكبيرة، وهو ما قامت بهِ العام الماضي (2017)، حيث أعلنت عن إنتاج عدة أفلام بالتعاون مع كبار الممثلين في هوليوود مثل براد بيت الذي كان نجم فيلم War Machine، والذي بُثّ على موقع الشبكة مباشرة، وفيلم Bright من بطولة ويل سميث وفيلم Beast of No Nation من بطولة إدريس ألبا. ووقعت الشبكة سابقًا أيضًا لإنتاج أربعة أفلام مع الممثل الكوميدي آدم ساندلر وبث أول فيلم له The Ridiculous Six في نهاية عام 2015. وكما نرى، فقد استقطبت نتفليكس بعضًا من كبار الممثلين والمخرجين في هوليوود للعمل لديها على مسلسلات، وأفلام أقل ما توصف بهِ أنها عالمية، ولكن الشبكة نفسها ما زالت لديها الكثير من المشاكل مع الاستديوهات الكبيرة، وجوائز السينما العالمية مثل الأوسكار، حيث تشترط أغلب جوائز السينما أن تعرض الأفلام في قاعات العرض وليس على الإنترنت، وهو سيشكل عائقًا أمام الكتاب والمخرجين والممثلين الطموحين للفوز بالجوائز، ويجعلهم يفكرون أكثر من مرة قبل أن يوافقوا للعمل مع نتفليكس.





هل تهدد نتفليكس عرش هوليوود؟
انطلق مهرجان "كانّ" السينمائي الماضي، بدون وجود أي أفلام من استديوهات نتفليكس وقد حصل هذا لأن نتفليكس رفضت توزيع بعض أفلامها على دور العرض مما جعل كان تشترط على الأفلام التي ستعرض وتشارك في المهرجان أن تكون معروضة في دور العرض، فردت شركة نتفليكس بالانسحاب من المهرجان بشكل كامل. وقال مدير المحتوى على نتفليكس تيد سارندوس ردًا على الحادثة: "اختار المهرجان أن يحتفي بطريقة التوزيع بدلًا من الفن السينمائي. ونحن متأكدون 100% من أننا ملتزمون بالفن السينمائي". وعلى الرغم مما حصل في مهرجان "كان" السينمائي، لا يمكن النظر لنتفليكس على أنها ضحية تآمر أو ما شابه، وعلى خلاف ما قاله تيد سارندوس، فإن الثورة التي أحدثتها نتفليكس ليست ثورة محتوى أو فن سينمائي وإنما ثورة في طريقة التوزيع، حيث إن كثيرا من إنتاجاتها ليست "قوية" كما تسوق الشبكة. وعندما سئل المخرج الشهير ستيفن سبيلبيرغ عن رأيه في خدمات البث عبر الإنترنت مثل نتفليكس وأمازون، قال: "مجرد ما يُعرض الفيلم على التلفاز، فقد صار فيلمًا تلفزيونيًا وليس سينمائيًا، وعليهِ، ومهما كان قويًا، فقد يُرشح لجائزة إيمي، ولكنه لا يمكن ولا يجب أن يترشح لجوائز الأوسكار!". تأتي هذه التعليقات في ضوء الإنجازات الكبيرة التي حققتها خدمات البث عبر الإنترنت في عروض الجوائز في السنوات الأخيرة. حيث حصلت على ثمانية ترشيحات لجوائز الأوسكار، وكان آخرها أربعة ترشيحات لفيلم Mudbound. وفي الوقت الذي وافقت الأوسكار على مثل هذه الأفلام وأعطتها الحق في الترشح، إلا أن كثيرا من المخرجين قد وقفوا إلى صف سبيلبيرغ، فقال كريستوفر نولان (مخرج ثلاثية باتمان ودنكيرك)، إنه لن يعمل أبدًا مع شركات مثل نتفليكس لأنها تبتعد بشكل كبير عن دعم الأفلام السينمائية.
المساهمون