نتائج هلسنكي في جنوب سورية: ألفا غارة بـ48 ساعة

19 يوليو 2018
تتعرض نوى لأعنف قصف خلال سنوات (أحمد المسلم/فرانس برس)
+ الخط -

تصف كل المصادر الميدانية في محافظتي درعا والقنيطرة، جنوب غرب سورية، القصف الذي تتعرض له المنطقة، منذ ثلاثة أيام، بـ"الهستيري وغير المسبوق"، إذ تنهمر آلاف الصواريخ وقذائف المدفعية الثقيلة، وغيرها، كالمطر، على المناطق التي ما زالت خارج سيطرة النظام السوري، في شمال غرب درعا وأرياف القنيطرة. وقد شهدت هاتان المنطقتان، خلال اليومين الماضيين، مجزرتين ذهب ضحيتهما أكثر من 30 مدنياً، منهم 19 في مدينة نوى ليل الثلاثاء-الأربعاء، وهي أكثر المدن، التي تسيطر عليها المعارضة السورية، اكتظاظاً بالسكان شمال غرب درعا.

وتتعرض نوى منذ الثلاثاء لـ"أعنف قصف مدفعي وصاروخي وجوي خلال سنوات"، إذ تقول المصادر المحلية هناك إن "الطائرات الحربية والطوافات لا تغادر سماء المدينة التي يقطنها عشرات آلاف المدنيين"، مضيفة "وقعت مجزرة. 19 مدنياً قتلوا، بينهم ثلاثة أطفال وثلاث سيدات خلال الليل (الثلاثاء-الأربعاء)". وتحدث الناشط الميداني، علاء المسالمة، لـ"العربي الجديد"، عن حالة "ذهول وفوضى وتخبط لدى كل الأهالي هنا. لا مكان ننزح إليه، والمستشفى الذي كنا نُسعف الجرحى إليه، دمرته غارة للطيران". وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن إطلاق نحو 350 صاروخاً على مدينة نوى والمناطق المحيطة بها، ما جعل الطريق إلى داخل نوى وخارجها مهلكاً. ونقلت وكالة "رويترز" عن أحد السكان في نوى، ويدعى مالك الغاوي، قوله "الوضع كيوم القيامة. الشهداء بالشوارع والكل عاجز عن سحبهم". كما نقلت عن آخر قوله "لا نعرف أين نأخذ المصابين، فالقرية أحرقت" بالغارات والقصف المستمر منذ يومين. وكان قُتل 14 مدنياً صباح الثلاثاء بقصف جوي استهدف مكان إقامتهم في محيط قرية عين التينة بريف محافظة القنيطرة الأوسط.
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، شن طيران النظام الحربي والطوافات لنحو 1980 غارة منذ فجر الأحد الماضي، حتى أول من أمس، في ريفي القنيطرة ودرعا، خصوصاً شمال غرب درعا ومناطق "مثلث الموت"، يضاف إليها غارات أخرى شنها هذا الطيران أمس الأربعاء.

وتعكس هذه الهجمة العسكرية العنيفة، وعدد الغارات، والمجازر التي خلفتها، ما يبدو أنه ارتياح للنظام، وحليفته موسكو، من نتائج قمة هلسنكي، بين الرئيسين الروسي، فلاديمير بوتين، والأميركي دونالد ترامب، والتي أعلنا فيها، أن أولوية بلادهما في جنوب سورية هي الحفاظ على أمن إسرائيل، وإعادة مواقع النفوذ والسيطرة هناك، لما كانت عليه قبل سنة 2011، أي لاتفاقية "فض الاشتباك" بين قوات النظام السوري والجيش الإسرائيلي الموقعة في مايو/أيار 1974 في جنيف. وقد سيطرت قوات النظام السوري، خلال الأيام القليلة الماضية، على مزيد من المدن والبلدات والقرى والمرتفعات الاستراتيجية، في ريف درعا الشمالي الغربي، أهمها تل الحارة قرب البلدة التي تحمل نفس الاسم، وأمس على تل المحص قرب بلدة نمر. وقالت الأمم المتحدة إن الهجمات والقصف والغارات في درعا، تسببت بكارثة إنسانية، إذ بلغ عدد المتضررين منها نحو 350 ألف شخص، فروا من قراهم وبلداتهم، وتوزعوا في العراء، قرب الشريط الحدودي مع الأردن، وآخرون قرب الشريط الحدودي مع الجولان المحتل.




استهداف وادي اليرموك

وفي أقصى ريف درعا الغربي، تقع مجموعة قرى وبلدات، تُعرف باسم وادي اليرموك، ويسيطر عليها منذ سنوات تنظيم "جيش خالد بن الوليد"، المبايع لتنظيم "داعش". وكانت مناطق هذا التنظيم تنعم بالهدوء منذ أشهر، واستمرت هذه الحالة، بعد بدء النظام السوري، بدعم روسي، الهجوم على مواقع المعارضة السورية بمحافظة درعا، الشهر الماضي. وظهر واضحاً أن النظام وحلفاءه الروس غير متعجلين لمحاربة البقعة الوحيدة في درعا، التي تخضع لسيطرة "داعش"، وكانت الأولوية القضاء على كافة الفصائل التي تتبع للجيش السوري الحر.

وبعيد الارتياح النسبي للوضع الميداني، بالنسبة للقوات المهاجمة في درعا، بدأت هذه القوات منذ ثلاثة أيام، عمليات قصف محدود على قرى وادي اليرموك، لتتوسع أمس الأربعاء، الذي شهد شن الطيران الحربي، لغارات مترافقة مع قصف مدفعي وصاروخي. واستهدف القصف في وادي اليرموك، أمس الأربعاء، مجموعة قرى خاضعة لسيطرة تنظيم "جيش خالد"، الذي يسيطر على نحو 15 قرية وبلدة غرب درعا، عند الحدود الأردنية مع فلسطين المحتلة، أشهرها نافعة، وجملة، والشجرة، ومعربة، وجلين، والشبرق وغيرها. ومنذ الأسبوع الماضي، اقتربت قوات النظام من جبهات المواجهة البرية مع "جيش خالد"، والتي كان يسيطر عليها الجيش السوري الحر، وذلك عقب بسط سيطرتها على بلدتي تل شهاب وزيزون الحدوديتين مع الأردن. وفي موازاة ذلك، كان قد تقلص عدد المدنيين، الذين ينزحون من قرى وادي اليرموك نحو الحدود مع الجولان وريف القنيطرة، بعدما فرض عناصر "جيش خالد" قيوداً على نزوح المدنيين من مناطق نفوذه. وكانت مصادر في غرب درعا قالت، لـ"العربي الجديد"، إن تنظيم "جيش خالد" يمنع العائلات من النزوح خارج القرى التي يسيطر عليها، وتبلغ نحو 15 قرية، وذلك بعد أن شهدت الأيام القليلة الماضية، نزوح نحو ثلاثة آلاف عائلة نحو ريف القنيطرة والحدود مع الجولان.

معبر نصيب "في الخدمة قريباً"

إلى ذلك، وبعد نحو أسبوعين من سيطرة قوات النظام على معبر نصيب الحدودي مع الأردن، بدأت بعض وسائل إعلامه بالترويج لإمكانية فتح هذا الممر التجاري قريباً. وذكرت صفحات مقربة من النظام، على الإنترنت أمس، أن معبر نصيب قد يتم افتتاحه قريباً، وسط استمرار إجراءات الصيانة وتأهيل الطرقات نحو المعبر وتعيين العقيد مازن غندور رئيساً للمعبر. وكانت تصريحات بعض مسؤولي النظام، قد كشفت عن ما وصفته بـ"الخطط السريعة" لتأهيل المعبر وإعادة فتحه "قريباً"، وهو ما استقبله مسؤولون أردنيون بارتياح، إذ وصف رئيس غرفة صناعة عمان المعبر بـ"الشريان" المهم لبلاده، في وقت قال نقيب أصحاب الشاحنات في الأردن، محمد الداوود، في تصريحات صحافية، إن نحو خمسة آلاف شاحنة أردنية جاهزة لنقل البضائع بين سورية والأردن.

المساهمون