مع اختتام المؤتمر الدولي السادس حول الأزمة السورية، اليوم الأربعاء، تعهدت الدول المشاركة بمبلغ 4.4 مليارات دولار أميركي، بعدما طلبت الأمم المتحدة حوالي 8 مليارات دولار لتلبية الاحتياجات داخل سورية وفي الدول المجاورة.
وحاول مؤتمر "دعم مستقبل سورية والمنطقة"، الذي شارك في رئاسته كل من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، المساهمة في تعزيز الاستجابة الدولية للوضع الإنساني للأزمة السورية وتحسين دعم اللاجئين والدول المضيفة. كما سعى المؤتمر أيضا إلى مناقشة الوضع السياسي في البلد والمنطقة.
وكرر المشاركون تأكيد أن الحل السياسي وحده هو الذي سيضمن الاستقرار الدائم في سورية، مع تجديد الدعم للعملية التي تقودها الأمم المتحدة، أملا بأن تعود الأطراف السورية إلى طاولة المفاوضات. ولم تتردد منسقة السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، في توجيه رسالة إلى كل من طهران وموسكو، إذ صرحت قبل انطلاق اليوم الثاني من المؤتمر: "نريد من روسيا وإيران بشكل خاص ممارسة الضغوط على دمشق لتقبل بالجلوس إلى الطاولة تحت رعاية الأمم المتحدة". مطلب لم يلق حتى الآن آذانا صاغية من حليفيها النظام السوري.
وفي انتظار انفراجة سياسية قد تلوح في الأفق، سعى المنظمون إلى الحصول على تعهدات من الحكومات المشاركة بتقديم أكثر من ستة مليارات دولار للمساعدات الإنسانية داخل سورية، بالإضافة إلى اللاجئين في العراق والأردن وتركيا ولبنان. وكان رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، قد أعلن في اللقاء الافتتاحي أنه "لا تزال الاحتياجات كبيرة والموارد نادرة. على الرغم من كل جهودنا، فإن احتمالات عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في لبنان حقيقية.
كما توجد احتمالات لتطرف الشباب العاطل عن العمل، اللبنانيين والسوريين. وقد تؤدي الظروف الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة إلى زيادة السخط الاجتماعي. مما قد يؤدي إلى الاضطرابات والعنف ويهدد الاستقرار الأمني والسياسي للبلاد، وسيوفر حوافز للنازحين للبحث عن ملاذ في مكان آخر".
لكن التعهدات لم تتجاوز 4,4 مليارات دولار من المساعدات لعام 2018، كما أعلن مسؤول الشؤون الإنسانية والإغاثة في الأمم المتحدة، مارك لوكوك، خلال مؤتمر صحافي، مشددا على "أنها بداية جيدة، حتى لو أننا كنا نتمنى المزيد".
وكان لوكوك قد صرح من قبل بأنه يأمل بالحصول على تعهدات بقيمة ثمانية مليارات دولار، محذرا من أن بعض البرامج قد يتم وقفها إذا لم يتم الحصول على التمويل، مذكرا بأن منظمة تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة تمكنت فقط من جمع نصف المبالغ المطلوبة في 2017.
انتقادات
وفور الإعلان عن مبلغ التعهدات، أصدرت تسع منظمات دولية غير حكومية بيانا تنتقد فيه نتائج المؤتمر، إذ اعتبرت أن "المؤتمر لم يخط بما فيه الكفاية نحو تقديم الدعم الكافي لملايين السوريين الذين يحتاجون إلى المساعدة والذين يواجهون مستقبلًا غير مضمون. فعلى الرغم من أن الأزمة الآن في عامها الثامن، إلا أن الاحتياجات غير الملباة والمتنامية لملايين الرجال والنساء والأطفال تفرض على الدول المانحة مواصلة الدعم".
وأشار البيان إلى أن "الوعود التي قطعت في بروكسل، حول الحاجة إلى احترام التعهدات بشأن التوظيف والتربية وإعادة التوطين، رغم الترحيب بها، لن تمنع الأطفال من العمل في لبنان، ولا إرسال كل الأطفال إلى المدرسة في الأردن ما لم تكن هناك آليات قوية لضمان ترجمة الالتزامات إلى فعل".
وتشمل الالتزامات توفير أكثر من مليون فرصة عمل للاجئين السوريين وتوفير أقسام الدراسة لملايين الأطفال السوريين. وشددت المنظمات على أنه "يتعين على المانحين والبلدان المستضيفة الاجئين أن يضمنوا حصول جميع السوريين على حماية قانونية، ولجزء منهم الحق في لم شمل الأسر".
واعتبرت أن على السياسيين تقديم دعمهم، وليس تعاطفهم مع الشعب السوري، إذ "يستمر المدنيون في دفع ثمن باهظ للصراع في مواجهة العنف المتواصل والهجمات على المستشفيات والمدارس".
وقد شددت البلدان التي اجتمعت في بروكسل على إرسال رسالة دعم قوية من خلال الدعوة إلى حماية المدنيين المحاصرين في النزاع، وإعادة تأكيد أن عودة السوريين إلى البلاد وداخلها أمر غير ممكن طالما لم يتم الوفاء بالشروط اللازمة لعودة آمنة وكريمة وطوعية.
"لكن الدول المانحة لم تفعل شيئا مرة أخرى لزيادة نسبة إعادة التوطين بما يتعدى 3 ٪ من اللاجئين السوريين الذين استقبلتهم، بل فضلت بدلا من ذلك تركهم في البلدان المجاورة لسورية، التي تستضيف أكثر من خمسة ملايين لاجئ"، كما ذكر بيان المنظمات.
تمويل فعلي لدعم احتياجات المواطنين السوريين وعودة الأطراف السورية إلى طاولة المفاوضات من أجل حل سياسي هو الهدف الرئيسي لمؤتمر يدرك بأن الآمال مشروعة، لكن تحقيقها يحتاج إلى إرادة جميع المعنيين بالأمر.