وجّه رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، "نداء استغاثة" للقوى السياسية اللبنانية من خلال دعوته رؤساء الكتل النيابية ورئيس الحكومة إلى عقد حوار حول الملفات السياسية العالقة وهي: ملف رئاسة الجمهورية، عمل مجلس النواب، عمل مجلس الوزراء، قانون الانتخابات النيابية، قانون استعادة الجنسية، اللامركزية الإدارية ودعم الجيش والقوى الأمنية.
وأكد بري أنه سيوجّه الدعوة لهذا الحوار خلال الأيام العشرة الأولى من شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، وأمل بأن تستجيب القوى السياسية اللبنانية لهذه الدعوة لإنقاذ لبنان من هذه الأزمة.
وجاءت مبادرة بري خلال المهرجان الذي أحيته حركة "أمل" (التي يرأسها بري) في مدينة النبطية (جنوبي لبنان)، بمناسبة الذكرى السابعة والثلاثين لتغييب مؤسس الحركة الإمام موسى الصدر ورفيقيه.
وأيّد بري مطالب الحملات المدنية والتجمعات الشبابية التي تظاهرت في الأيام الماضية رفضاً لفساد الطبقة السياسية والمحاصصة الطائفية وعجز الحكومة على المستويات كافة، وفشلها في تأمين أبسط حقوق المواطنين.
وتوجّه إلى المعتصمين والمتظاهرين ودعاهم لـ"المطالبة بالدولة المدنية وبقانون انتخابي على قاعدة النسبية، فتكونون بنائين لمستقبل لبنان، وإلا فإني أخشى عليكم من باب الحرص".
كما طالبهم بري أيضاً بالتشديد على وجوب إلغاء الطائفية السياسية، لافتاً إلى أنه حاول كرئيس لمجلس النواب، ثلاث مرات، إنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، واعترف أنه "في كل مرة كانت هذه الطائفية تثبت أنها أقوى مني ومن إرادة مجلس النواب".
وانتقد بري النائب ميشال عون وغيره من المكوّنات المسيحية من دون أن يسميهم، مشيراً إلى أنّ "الاعتداء على التشريع اعتداء على ممثلي الشعب والشعب من خلال ممثليه، ومنع التشريع جريمة تفوق كل جريمة أخرى. للتغيير باب واحد، يا أذكياء، هو المجلس والمجلس هو لكل لبنان، وإلا الفوضى التي نشاهد بعضها اليوم".
وأعاد التأكيد على التحالف مع "حزب الله" والمقاومة، مشدداً على أهمية "حماية الحدود والمقاومة؛ وهما حاجتان في ظل استمرار الأطماع الإسرائيلية والتهديدات الإرهابية العابرة للحدود التي سبق وهددت الداخل".
كما انتقد دعاة التقسيم وأنصار الفيدرالية في لبنان، موضحاً أنّ هؤلاء "باتوا أكثر جرأة، والكانتونات أصبحت منتشرة، ونحن نرفض كل هذه الأشكال من التقسيم".
بدوره، أكد زعيم تيار "المستقبل" اللبناني، سعد الحريري، استجابته لدعوة بري للحوار، مشيراً إلى أن "الاتفاق على بت موضوع رئاسة الجمهورية يشكل المدخل السليم للبحث في القضايا الكبرى".
وغرّد الحريري عبر حسابه على موقع "توتير" قائلاً: "نحن بالتأكيد سننظر بإيجابية لهذا الموضوع عندما نتلقى الدعوة"، مضيفاً أن إعلان التمسك بالحكومة وتفعيل مجلس النواب "قاعدتان للاستقرار المطلوب في هذه المرحلة".
وفي ما يخص الملفات الإقليمية، أيّد بري الاتفاق النووي بين الغرب وإيران، لافتاً إلى وجوب المحافظة على الرباعي الماسي "أي مصر، السعودية، إيران وسورية، من أجل المحافظة على الاستقرار في المنطقة، وتعزيز العلاقة بين النظام العربي والجوار المسلم".
واعتبر أنّ هذا الاتفاق "يعيد ترتيب أوطاننا والمستقبل، ويعيد صياغة إطار النظام العام في المنطقة، انطلاقاً من اليمن الذي نسأل الله أن يعود سعيداً".
وأمل بري أن يتم الحل في اليمن بمشاركة جميع المكوّنات فيه، كما أكد من جهة أخرى على الخطوات الإصلاحية والمطالب الاجتماعية التي تحصل في العراق، مشيراً إلى أنها "بأهمية الانتصارات التي يحققها الجيش العراقي على مسارات تحرير المدن العراقية من إرهاب تنظيم داعش".
وحول الملف السوري، قال بري إن "سورية تدفع ثمن كل إرهاب العالم، والمطلوب جعل هزيمة الإرهاب أولوية وعندئذٍ العمل على حل سياسي"، مضيفاً أن مقارنة النظام السوري بالإرهاب "مقارنة سخيفة وخطيرة في آن، إذ تعني تقسيم سورية"، مؤكداً ضرورة قيام غرفة عمليات موحدة لمحاربة "الإرهاب" وتجفيف مصادره المالية والتسليحية.
وعلى المستوى الفلسطيني، حذر بري من شطب حق العودة لمصلحة التوطين، لافتاً إلى أن الكثير من العوامل والوقائع تشير إلى تراجع أوضاع الشعب الفلسطيني، منها الانقسام السياسي والوضع الاقتصادي وإعادة إعمار غزة، بالإضافة إلى التوترات الجارية في مخيمات اللجوء في لبنان، ووقف مساعدات "الأونروا" (المفوضية العليا لشؤون اللاجئين الفلسطينيين)، والاعتداءات المستمرة على الشعب الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة.
وفي ما يخص ملف تغييب الصدر، رفض بري "كل خطوة تطبيعية تحت مسميات إبرام اتفاقات تربوية أو سياحية أو إعلامية مع ليبيا"، موضحاً أن التطبيع الوحيد المسموح به والمقبول هو "تفعيل التعاون في قضية الإمام ورفيقيه فقط، عبر إشراك المنسّق القضائي اللبناني في التحقيقات الواجب إجراؤها".
وأشار بري إلى أنّ ما استجدّ في هذه القضية منذ عام إلى اليوم يتخلّص بالآتي: تشكيل السلطات الليبية لجنة متابعة ولجنة قضائية خاصة بها، وإصدار مجلس حقوق الإنسان توصية للحكومة الليبية حول ضرورة الكشف عن قضية الإمام، بالإضافة إلى التنسيق مع الدولة الإيطالية والقضاء الإيطالي (باعتبار أنّ آخر الأماكن التي شوهد فيها الصدر كانت في إيطاليا قبل صعوده إلى طائرة متوجهة إلى ليبيا)، كما طالب بري بأن تكون هذه القضية جامعة، وأن تنال الاهتمام العام والكامل.
اقرأ أيضاً: "العفو الدولية" تدعو للتحقيق في قمع تظاهرات لبنان