ناصيف حتي يستوضح تداعيات "قانون قيصر" على لبنان

17 يونيو 2020
يتخوف اللبنانيون على اقتصادهم (حسام شبارو/الأناضول)
+ الخط -

بالتزامن مع دخول "قانون قيصر"، اليوم الأربعاء، حيّز التنفيذ، استوضح وزير الخارجية في لبنان، ناصيف حتي، من سفيرة الولايات المتحدة الأميركية دوروثي شيه، خلال استقباله لها، عن تداعيات القانون على الشركات اللبنانية العاملة في سورية.

وأوضح مصدر في وزارة الخارجية اللبنانية، لـ"العربي الجديد"، أنّ الزيارة اليوم تأتي في إطار دبلوماسي، باعتبار أن على السفيرة أن تبلغ وزير الخارجية رسمياً بالتفاصيل المتعلقة بالقانون وتداعياته على مختلف المؤسسات اللبنانية العاملة في شتّى القطاعات، سواء الموجودة في لبنان أو لديها فروع في سورية، حتى يُصار إلى درسها ومناقشتها والبحث فيها على صعيد الحكومة قبل اتخاذ أي موقفٍ.
على صعيد متصل، يترك وزير الصناعة عماد حبّ الله (محسوب على حزب الله) الموقف الرسمي للحكومة، مشدداً في الوقت نفسه لـ"العربي الجديد" على أنّ لبنان سيقوم بكلّ ما يلزم لتأمين المواد الضرورية للبنانيين، سواء الصناعية أو الزراعية.

في حين، أشار سيمون أبي رميا، النائب في "تكتل لبنان القوي"، الذي يرأسه النائب جبران باسيل، صهر رئيس الجمهورية، في تغريدة على حسابه عبر "تويتر"، إلى أنّ "اليوم تبدأ مفاعيل قانون قيصر. الضغوط تتزايد والغيوم تتلبّد أكثر وأكثر على لبنان مالياً واقتصادياً وسياسياً"، مجدّداً دعوته كل القيادات إلى أنّ "الوقت هو للحكمة والمسؤولية لا لتسجيل النقاط وتبادل المزايدات. مصلحة لبنان العليا فوق كل اعتبار. الأيديولوجيات الخشبية تسقط أمام واجب حماية لبنان".


ويطبق "قانون قيصر" على أربع مراحل، بعدما كان الكونغرس الأميركي قد أقرّه ووقّع عليه الرئيس دونالد ترامب في 20 ديسمبر/كانون الأول 2019. وينصّ القانون، الذي تعود تسميته إلى ضابط سوري انشق عن النظام وسرّب قرابة 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل قتلوا تحت التعذيب في السجون السورية وتأكدت صحّتها من جانب مكتب التحقيق الفيدرالي الأميركي، على فرض عقوبات هي الأقسى من نوعها على نظام الرئيس السوري بشار الأسد وداعميه ومموليه، الأمر الذي يضع عدداً من الدول تحت مجهر العقوبات الأميركية، من بينها لبنان الذي قد يتأثر للمرة الأولى كدولة وليس "حزب الله" فقط. 


ويتخوّف اللبنانيون من تداعيات "قانون قيصر" على الاقتصاد اللبناني بشكلٍ خاص، نظراً للعلاقات العسكرية والسياسية القائمة بين "حزب الله" والنظام السوري وتبادل الزيارات بين الطرفين، وفي وقتٍ لا تزال المعابر غير الشرعية مفتوحة والتي يستفيد منها "حزب الله" لتهريب المازوت والأموال إلى النظام السوري، بالإضافة إلى عمليات تهريب القمح التي تكررت كثيراً في الفترة الأخيرة.
وشدد رئيس الجمهورية، ميشال عون، اليوم الأربعاء، على أنّ الأجهزة الأمنية اتخذت تدابير إضافية لوقف كل عمليات التهريب وعلى كل الأصعدة، إن على المعابر البرية أو في المرفأ.

ضرب الليرة اللبنانية

وعن تداعيات "قانون قيصر" على لبنان، يبيّن مدير "معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية"، سامي نادر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "تداعيات القانون على الاقتصاد اللبناني ظهرت حتى قبل دخوله حيّز التنفيذ من خلال الطلب العالي على الدولار الذي شهدناه، خصوصاً في الفترة الأخيرة، وشرائه وتحويله إلى سورية، ما أدى إلى ضرب الليرة اللبنانية وتسجيل غلاءٍ فاحشٍ في الأسعار".

من ناحية ثانية، يقول مدير "معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية" إنّ "كلّ ما له علاقة بقطاع النفط، ولا سيما تهريب المازوت، أصبح هدفاً محتملاً للعقوبات الأميركية من خلال "قانون قيصر" الذي وسّع دائرة المشمولين به، وهذه المواد النفطية مدعومة من البنك المركزي في لبنان وتهرّب إلى سورية، وشهدنا عمليات تهريب المازوت في الفترة الأخيرة إلى داخل سورية بشكل واضح وفاضح، وبالتالي فإنّ كارتيل النفط يلعب دوراً أساسياً بعمليات التهريب إلى سورية، وهناك شركات معروفة بالاسم تُسيطر على قطاع النفط، وقد تكون عرضة للعقوبات الأميركية إذا ثبتَ قيامها بعملياتِ التهريب".

حلفاء سورية

وأمس الثلاثاء، تناول أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله، "قانون قيصر" في كلمة متلفزة، مشيراً إلى أنّه يلحق الأذى باللبنانيين كثيراً، قبل أن يضيف "من هنا عليهم ألا يفرحوا بالقانون، لأنه يؤذيهم وربما بما هو أكثر من سورية، باعتبار أنّ سورية هي المنفذ البري الوحيد للبنان باتجاه العالم ولمنتجاتنا الزراعية والصناعية والاستيراد والتصدير والتبادلية الاقتصادية والتجارية بين البلدين قائمة حتى في أسوأ الأزمات على صعيد العلاقة بين الدولتين". واستطرد بالقول "من يريد إقفال الحدود البرية مع سورية يدعو إلى فتحها مع العدو الإسرائيلي".

وقال نصرالله إن "لجوء أميركا إلى قانون قيصر هو دليلٌ على انتصار سورية في الحرب العسكرية والميدانية لأنه آخر أسلحتها"، مؤكداً أنّ "حلفاء سورية الذين وقفوا معها سياسياً وعسكرياً لن يتخلّوا عنها في مواجهة الحرب الاقتصادية ولن يسمحوا لها بأن تسقط". وزعم أن "المستهدف من القانون هو الشعب السوري بهدف إعادة الفوضى وعودة الحرب الأهلية".

ومضى قائلاً: "ما نواجهه اليوم في الموضوع الاقتصادي هو حرب، وعلينا أن نتحلّى بإرادة الحرب ولن نخضع للأميركيين، ونحن قادرون على الاستغناء عنهم"، مضيفاً "أتفهم عدم قدرة الحكومة على مواجهة الولايات المتحدة، لكن ما أطالب به هو عدم الخضوع لقانون قيصر".

وبحسب نصرالله، فإن "أميركا لا تفتش في لبنان إلا على مصالح إسرائيل وأمن إسرائيل والحدود البرية والبحرية للكيان ومستقبله، والمراهنون على جوعنا نقول لهم لن نجوع ولن نسمح بأن يجوع لبنان"، مضيفاً "لن نسلم للأميركيين ولن نخضع لكم تحت ضغط التجويع".
المساهمون