يخوض مئات آلاف السوريين في مناطق الحصار السورية معظمهم من الأطفال والنساء صراعاً مريراً مع الجوع، مصرّين على مواصلة الحياة على أراضيهم، ومنها مضايا والزبداني وبقين بريف دمشق، بسكانها البالغ عددهم قرابة الخمسين ألف إنسان. وهؤلاء محاصرون منذ قرابة خمسة أشهر، بشكل تام، ما تسبب بموت عدة أشخاص، وبعشرات حالات الإغماء اليومية، بسبب سوء التغذية والرعاية الصحية.
ودفع تدهور الأوضاع الإنسانية في مضايا والزبداني وبقين عدداً من الناشطات إلى افتتاح مركز إيواء للأشخاص المهدّدين بفقدان حياتهم نتيجة سوء التغذية، في مدينة مضايا، في محاولة منهم لإبعاد الموت عن الأهالي.
وقالت إحدى مؤسسات المركز التي طلبت عدم ذكر اسمها، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الواقع الإنساني في مضايا، يفوق كل تصوّر، والناس هنا تحوّلوا إلى أشباح بكل ما تعنيه الكلمة، وإذا كان هناك من يريد لنا الموت، فلن نجعلهم يفرحون برؤيتنا نموت جوعا".
أضافت: "نستقبل يومياً عشرات حالات الإغماء، معظمها من الأطفال وكبار السن. نستقبلهم ونؤمن لهم الدفء. كما نقدم لهم وجبة طعام ساخنة، حتى يتمكنوا من الوقوف على أرجلهم، ونرسلهم إلى منازلهم"، موضحة أن الوجبة التي يقدمونها هي عبارة عن شوربة مكوّنة من القليل من الرز والعدس واللحم والملح والبهارات إن وجدت.
ولفتت الناشطة إلى أنهم يحصلون على هذه المواد "عبر وسطاء بيننا وبين حزب الله اللبناني الموالي للنظام، والمتحكّم الحقيقي بكل مداخل المدينة بعد أن لغم محيط المدينة، ويطلق النار على أي شخص يحاول الخروج".
كما لفتت إلى أن أسعار المواد الغذائية في مضايا بلغت أرقاماً خيالية "فقد وصل سعر الكيلوغرام الواحد من العدس أو الرز إلى 65 ألف ليرة سورية، في حين يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد منهما في السوق حدود 300 ليرة" (سعر صرف الدولار في السوق السوداء 389 ليرة).
ولفتت مصادر معارضة مطلعة من مدينة مضايا طلبت عدم الكشف عن هويتها، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "الحزب والنظام يماطلان في تطبيق اتفاق التسوية الذي وقع الشهر الماضي بين الإيرانيين وجيش الفتح، والذي خرج بموجبه 127 جريحا من الزبداني، ونحو 400 شخص من الفوعة وكفريا، على أن تكون الخطوة الثانية إدخال المواد الغذائية للمدينة، إلا أنها لم تطبق حتى اليوم، الأمر الذي يزيد من سوء الأوضاع الإنسانية، في وقت يحذر ناشطون من وقوع كارثة إنسانية".
اقرأ أيضاً: أطفال الرستن من دون حليب