وتتكبد الأسر التاورغية ظروفا إنسانية صعبة في ظل غياب أدنى الخدمات، والأوضاع السياسية والاقتصادية التي تعصف بليبيا، كما يقول محمد رضوان، نازح ومسؤول داخل مخيم الفلاح لـ"العربي الجديد": "فرقت الظروف الصعبة الأهالي على المخيمات، هناك مخيم يضم 270 أسرة، ومخيم الفلاح 2 يضم 140 أسرة، أما مخيم طريق المطار الذي كان يؤوي 208 أسر، فقد تم هدمه وطرد العائلات منه، إلى جانب مخيم الفلاح القريب من مقرات الحكومة في العاصمة طرابلس، والذي يؤوي أكثر من ستين عائلة.
المساكن التي تؤوي النازحين عشوائية وصفيحية، أنشأها سكان تاورغاء وقطنوا بها على أمل أن يتغير حالهم وتتحقق وعود عودتهم، غير أن هذا الأمر لم يتحقق، على الرغم من اتفاق المصالحة الذي تم مع مصراتة، والذي كان يفترض أن يعود بموجبه أهالي تاورغاء الذين يتجاوز عددهم 40 ألفا إلى مدينتهم.
ويوضح محمد رضوان أن "العائلات في تاورغاء لا ترفض العودة كما تروج لذلك بعض الشائعات، بل إنهم يرحبون بكل بوادر الصلح بين مصراتة وتاورغاء، لكن لديهم بعض المطالب البسيطة، متمثلة في الجانب الأمني للحفاظ على حياتهم، وتوفير الخدمات الضرورية للعيش". ويتابع: "الإمكانيات هنا ضعيفة جدا، الخدمات الصحية والتعليمية تكاد تكون منعدمة، لا توجد كهرباء، الأهالي هنا ينتظرون ما وعدت به الحكومة من إعادة إعمار المدينة وتهيئتها".
من جهتها، توضح محاسن عبد الله، مديرة مدرسة ونازحة داخل مخيم الفلاح: "لقد تأسست هذه المدرسة مع بداية النزوح، يرتادها 500 تلميذ، 3 طلاب في مقعد واحد، وهي لا تستطيع استيعاب كل تلاميذ المخيم، لأنها غير مهيأة، ولا تتوفر على شروط التمدرس والإمكانيات العلمية المطلوبة، هذا إلى جانب النقص الكبير في المعلمين".
يذكر أن مشكلة تهجير أهالي مدينة تاورغاء الساحلية، بدأت منذ سيطرة مليشيات مسلحة من مصراتة على المدينة في 2011. وكان المفترض أن تنتهي مطلع فبراير/شباط الماضي، بحسب بيان رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج، الذي أكد أن أهالي تاورغاء سيعودون إلى منازلهم، إلا أن الاتفاق لم ينفذ، بسبب تعنت المليشيات.
وكانت تاورغاء المتاخمة لمدينة مصراتة، وسط البلاد، موقعاً عسكرياً لكتائب النظام السابق، لقصف ثوار مصراتة، لتتحول بعدها إلى ساحة حرب بعد سقوط النظام، إذ اعتبرها الثوار "مدينة مارقة" ويتوجب تهجير سكانها البالغ عددهم 40 ألف نسمة، فدمروا أغلب أجزاء المدينة، لتتحول إلى مدينة أشباح.