لا همَّ لهم سوى أن يعودوا إلى ديارهم، وقد حلّ الأمان فيها ورحل عنها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، فسكان الموصل النازحون، أكدت حالهم التي يعيشونها في مخيمات النزوح، المخاوف التي سبقت نزوحهم، وذكرتها العديد من المنظمات الإنسانية، كنتيجة حتمية ترافق معركة استعادة السيطرة على الموصل.
لا يدري عمر أحمد ماذا يجري حوله. فهو ومن في سنه من الصغار، الذين لم يتجاوزوا السادسة من العمر بعد، يلهون بين الخيم في مخيم الخازر للنازحين، شرق الموصل، تارة يلعبون "الغميضة" وتارة يطارد أحدهم الآخر.
يقول أحمد العبيدي والد عمر، إن ولده قد تغيّر شكله كثيراً، والسبب بحسب قوله "تغييرات الطقس التي لا مفرّ من التعرض لها بالنسبة لمن يعيشون في خيمة وسط الصحراء". يضيف في حديثه لـ "العربي الجديد" أن "البرد القارس والتراب من حولنا الذي تحمله الرياح أصاب جلد ولدي بتيبّس"، لافتاً إلى أن "فرقة صحية تابعة لمنظمة إنسانية زودتنا بمراهم. قالوا إن علينا أن نستخدمها جميعنا، لكنها لم تنفع ولدي".
يقول العبيدي: "نحن أحسن حالاً من كثيرين غيرنا. بالرغم من إصابة عائلتي بالكامل (خمسة أفراد) بنزلات برد وحالات إسهال. هناك عائلات تعرّض أبناؤها لأمراض خطيرة، وبعض العائلات فقدت فرداً أو أكثر منها"، موضحاً أن "كثيرين قتلهم داعش، أو احتجزهم كرهائن أو ماتوا من المرض قبل نزوحنا". يتابع: "هؤلاء النازحون الذين يملؤون المخيم ليس لهم أي طلبات، هم يتمنون العودة إلى ديارهم فقط. نريد أن نعيش بسلام بعيداً عن داعش وعن القتل والدم والظلم".
ومع استمرار معركة الموصل، التي انطلقت في 17 أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، بين القوات العراقية والبيشمركة الكردية ومليشيات مختلفة من جهة، وداعش من جهة أخرى، يستمرّ مسلسل نزوح المدنيين، وتستمر بذلك أيضاً أعداد النازحين بالارتفاع، وهي أعداد تختلف الجهات الرسمية والمنظمات المحلية والدولية في تحديد أرقامها.
يؤكد عدد من التقارير، منها يتبع للأمم المتحدة أن عدد النازحين تجاوز 70 ألف نازح، وهو ما يُذَكّر بالتحذيرات التي أطلقتها منظمات إنسانية ودولية عدة، قبل انطلاق المعركة، من نزوح أعداد أكبر من قدرة الحكومة العراقية على استيعابها.
اقــرأ أيضاً
في درجات حرارة متدنية، تصل إلى ما دون الصفر، لا تحمي النازحين منها سوى خيم صغيرة تجمع العائلة الواحدة، فيما يحاول البعض توفير دفء أكبر بفرش العلب الكرتونية على أرض الخيمة، وتغطيتها بالنايلون والأغطية. وتحوي بعض الخيم على مدافئ نفطية، وهو ما جعل الصغار يتجمّعون من حولها.
تقول نورا الشمري، وهي أم لأربعة أطفال، نزحت برفقة زوجها وأطفالها وعدد من عائلات أقاربها، إنهم يجتمعون في خيمة شقيقتها، التي تمكنت من الحصول على مدفأة. تشرح لـ"العربي الجديد" أن "الرجال اتفقوا على أن يناموا ليلاً في خيام بلا مدافئ مفضّلين أن ينعم الأطفال والنساء بها". تتابع: "لعلها أيام وينتهي كل شيء. هذا كل ما نحلم به. نريد أن نعود إلى قرانا. عليكم أن توصلوا رسالتنا: نحن لا نريد داعش ولم نكن سبباً في احتلالهم مدينتنا، ولم نتعاون معهم، بل كانوا قساة معنا لأن رجالنا لم ينضموا إليهم".
رسالة أخرى وجّهها نازح آخر عبر "العربي الجديد"، يلفت فيها إلى أن "لا أحد من سكان الموصل يريد مساعدات حال عودتهم. هم فقط يحلمون بالعودة". يضيف عبد الرحمن الطائي: "كنا نعيش تحت حكم داعش وأغلبنا بلا عمل، حرمنا أنفسنا وأطفالنا من أشياء أساسية كثيرة. حين تعود الحياة إلى طبيعتها في الموصل سنعيد ما تهدم بأنفسنا. سنعود لمزاولة أعمالنا ووظائفنا، بالتأكيد سوف نكون على ما يرام".
يؤكد الطائي أن سكان الموصل نزحوا بأعداد كبيرة، وأنهم مستمرون بالنزوح، فـ "الوضع مؤلم داخل المناطق التي يسيطر عليها داعش"، وفقاً لقوله، لافتاً إلى أنه "من الصعب إحصاء عدد النازحين. بعضهم تمكنوا من الوصول إلى المخيمات، وآخرون اتجهوا نحو سورية". يقول: "هناك من قتل في أثناء النزوح عن طريق قناص لداعش، أو العبوات الناسفة التي زرعها داعش في الطرقات. كذلك هناك سكان يخافون المجازفة والهرب، لا سيما أن لديهم أطفالاً وكباراً في السن ومرضى. لكن البعض جازفوا فحملوا أطفالهم ومرضاهم وهربوا، وتمكنوا من الوصول إلى مخيمات النزوح".
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد حذّرت في بيان لها، من احتمال ارتفاع عدد النازحين من الموصل في حال استمرت معارك تحرير المدينة لعدة أشهر.
وقال مدير عمليات المنظمة دومينيك ستيلهارت: "لن يتوقف القتال في الموصل قريباً، لأن المقاومة شديدة، ولذا فعلى الأرجح، رغم أنه ليس بإمكاني أن أتنبأ بذلك، لكن على الأرجح سنرى معارك طويلة، ما يعني زيادة معاناة السكان الذين سيجدون أنفسهم مرة أخرى محاصرين بين جبهتي القتال".
وأضاف: "لقد لاحظنا أيضاً على الأرض، ارتفاعاً في عدد الأشخاص المصابين ممن يفرّون من الموصل، وهو ليس تدفقاً ثابتاً، إذ ترتفع الأعداد حسب مواقع المعارك وطبيعة المواجهات".
اقــرأ أيضاً
لا يدري عمر أحمد ماذا يجري حوله. فهو ومن في سنه من الصغار، الذين لم يتجاوزوا السادسة من العمر بعد، يلهون بين الخيم في مخيم الخازر للنازحين، شرق الموصل، تارة يلعبون "الغميضة" وتارة يطارد أحدهم الآخر.
يقول أحمد العبيدي والد عمر، إن ولده قد تغيّر شكله كثيراً، والسبب بحسب قوله "تغييرات الطقس التي لا مفرّ من التعرض لها بالنسبة لمن يعيشون في خيمة وسط الصحراء". يضيف في حديثه لـ "العربي الجديد" أن "البرد القارس والتراب من حولنا الذي تحمله الرياح أصاب جلد ولدي بتيبّس"، لافتاً إلى أن "فرقة صحية تابعة لمنظمة إنسانية زودتنا بمراهم. قالوا إن علينا أن نستخدمها جميعنا، لكنها لم تنفع ولدي".
يقول العبيدي: "نحن أحسن حالاً من كثيرين غيرنا. بالرغم من إصابة عائلتي بالكامل (خمسة أفراد) بنزلات برد وحالات إسهال. هناك عائلات تعرّض أبناؤها لأمراض خطيرة، وبعض العائلات فقدت فرداً أو أكثر منها"، موضحاً أن "كثيرين قتلهم داعش، أو احتجزهم كرهائن أو ماتوا من المرض قبل نزوحنا". يتابع: "هؤلاء النازحون الذين يملؤون المخيم ليس لهم أي طلبات، هم يتمنون العودة إلى ديارهم فقط. نريد أن نعيش بسلام بعيداً عن داعش وعن القتل والدم والظلم".
ومع استمرار معركة الموصل، التي انطلقت في 17 أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، بين القوات العراقية والبيشمركة الكردية ومليشيات مختلفة من جهة، وداعش من جهة أخرى، يستمرّ مسلسل نزوح المدنيين، وتستمر بذلك أيضاً أعداد النازحين بالارتفاع، وهي أعداد تختلف الجهات الرسمية والمنظمات المحلية والدولية في تحديد أرقامها.
يؤكد عدد من التقارير، منها يتبع للأمم المتحدة أن عدد النازحين تجاوز 70 ألف نازح، وهو ما يُذَكّر بالتحذيرات التي أطلقتها منظمات إنسانية ودولية عدة، قبل انطلاق المعركة، من نزوح أعداد أكبر من قدرة الحكومة العراقية على استيعابها.
في درجات حرارة متدنية، تصل إلى ما دون الصفر، لا تحمي النازحين منها سوى خيم صغيرة تجمع العائلة الواحدة، فيما يحاول البعض توفير دفء أكبر بفرش العلب الكرتونية على أرض الخيمة، وتغطيتها بالنايلون والأغطية. وتحوي بعض الخيم على مدافئ نفطية، وهو ما جعل الصغار يتجمّعون من حولها.
تقول نورا الشمري، وهي أم لأربعة أطفال، نزحت برفقة زوجها وأطفالها وعدد من عائلات أقاربها، إنهم يجتمعون في خيمة شقيقتها، التي تمكنت من الحصول على مدفأة. تشرح لـ"العربي الجديد" أن "الرجال اتفقوا على أن يناموا ليلاً في خيام بلا مدافئ مفضّلين أن ينعم الأطفال والنساء بها". تتابع: "لعلها أيام وينتهي كل شيء. هذا كل ما نحلم به. نريد أن نعود إلى قرانا. عليكم أن توصلوا رسالتنا: نحن لا نريد داعش ولم نكن سبباً في احتلالهم مدينتنا، ولم نتعاون معهم، بل كانوا قساة معنا لأن رجالنا لم ينضموا إليهم".
رسالة أخرى وجّهها نازح آخر عبر "العربي الجديد"، يلفت فيها إلى أن "لا أحد من سكان الموصل يريد مساعدات حال عودتهم. هم فقط يحلمون بالعودة". يضيف عبد الرحمن الطائي: "كنا نعيش تحت حكم داعش وأغلبنا بلا عمل، حرمنا أنفسنا وأطفالنا من أشياء أساسية كثيرة. حين تعود الحياة إلى طبيعتها في الموصل سنعيد ما تهدم بأنفسنا. سنعود لمزاولة أعمالنا ووظائفنا، بالتأكيد سوف نكون على ما يرام".
يؤكد الطائي أن سكان الموصل نزحوا بأعداد كبيرة، وأنهم مستمرون بالنزوح، فـ "الوضع مؤلم داخل المناطق التي يسيطر عليها داعش"، وفقاً لقوله، لافتاً إلى أنه "من الصعب إحصاء عدد النازحين. بعضهم تمكنوا من الوصول إلى المخيمات، وآخرون اتجهوا نحو سورية". يقول: "هناك من قتل في أثناء النزوح عن طريق قناص لداعش، أو العبوات الناسفة التي زرعها داعش في الطرقات. كذلك هناك سكان يخافون المجازفة والهرب، لا سيما أن لديهم أطفالاً وكباراً في السن ومرضى. لكن البعض جازفوا فحملوا أطفالهم ومرضاهم وهربوا، وتمكنوا من الوصول إلى مخيمات النزوح".
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد حذّرت في بيان لها، من احتمال ارتفاع عدد النازحين من الموصل في حال استمرت معارك تحرير المدينة لعدة أشهر.
وقال مدير عمليات المنظمة دومينيك ستيلهارت: "لن يتوقف القتال في الموصل قريباً، لأن المقاومة شديدة، ولذا فعلى الأرجح، رغم أنه ليس بإمكاني أن أتنبأ بذلك، لكن على الأرجح سنرى معارك طويلة، ما يعني زيادة معاناة السكان الذين سيجدون أنفسهم مرة أخرى محاصرين بين جبهتي القتال".
وأضاف: "لقد لاحظنا أيضاً على الأرض، ارتفاعاً في عدد الأشخاص المصابين ممن يفرّون من الموصل، وهو ليس تدفقاً ثابتاً، إذ ترتفع الأعداد حسب مواقع المعارك وطبيعة المواجهات".