نازحون عراقيون... هذا شتاؤهم الرابع خارج بيوتهم

09 ديسمبر 2017
يأملنَ أن تكون المساعدة كافية لهنّ ولعائلاتهنّ (العربي الجديد)
+ الخط -

في مخيّم الوند للنازحين الواقع في قضاء خانقين بمحافظة ديالي، على بعد نحو مائة كيلومتر من العاصمة العراقية بغداد، تتذكّر إنعام (23 عاماً) نزوحها وأفراد عائلتها قبل نحو أربعة أعوام. حينها لم يسكنوا في هذا المخيّم، وقد انتقلوا إليه قبل أقلّ من عام، وذلك خلال رحلة استلزمت كثيراً من المال والجهد وفقدوا فيها وظائفهم ودراستهم.

تخبر إنعام "العربي الجديد" أنّه عندما نزحوا في منتصف عام 2014 من قريتهم الواقعة عند أطراف نينوى، شماليّ العراق، "كان عمري 19 عاماً. وخلال هذه السنوات الأربع، أشعر بأنّني كبرت ضعفَي عمري. لقد عانينا نحن والنازحون الآخرون صعوبات كثيرة وتنقّلنا بين مخيّمات عدّة داخل إقليم كردستان العراق". تضيف: "وعانينا من الحر والبرد وقسوة حياة التنقّل بين خيام وكرفانات. وعرفنا أوقاتاً عصيبة، إذ لم نجد في أيام كثيرة طعاماً نأكله أو دواء نتعالج به من أمراض أصابتنا. كذلك، خسر إخوتي الصغار مدارسهم وفقد والدي عمله".

وتشير إنعام إلى أنّ "كثيرين من الناس الذين تعرّفنا إليهم، إمّا عادوا إلى ديارهم أو انتقلوا إلى مخيّمات أخرى. جميعنا، انقلبت حياتنا إلى الأسوأ". وتتابع أنّ "نازحين كثيرين من الذين عادوا، لم يجدوا منازلهم مثلما تركوها. وقد اضطر بعضهم إلى البقاء نازحاً. ونحن من جهتنا، لا نملك منزلاً نعود إليه ولا عملاً نعتاش منه. لقد تضررت مزرعة جدي حيث كنّا نعمل، في حين هُدم منزلنا الصغير. لذا نعيش هنا في المخيّم، على المساعدات". وتكمل: "سوف نعاني من قسوة الشتاء الرابع، لكنّنا كلّنا أمل أن تلتفت إلينا الحكومة وتعوّضنا عمّا فقدناه، لنتمكّن من الوقوف على أقدامنا من جديد".



أبو آمنة (38 عاماً) نازح عراقي آخر، يخبر "العربي الجديد" أنّه نزح مع عائلته من ديالى "في الأيام الأولى من دخول تنظيم داعش إلى مدينة الموصل في عام 2014. توجّهنا إلى مدينة كلار في محافظة السليمانية، حيث استقررنا عند أقارب لنا سبقونا في النزوح. بعدها، رحت أبحث عن منزل استأجره لعائلتي، وحتى اليوم تنقّلت بين خمسة منازل". يضيف أبو آمنة: "فقدت تجارتي، فأنا كنت أملك محال لبيع المواد الغذائية. كذلك فقدت بستاني الصغيرة وسيارتي ومنزلنا الذي دمّر جزء كبير منه. ولم أتمكن بعد من العودة إلى محافظتي ديالى حيث الأوضاع غير مستقرة، فالمليشيات ما زالت تفرض سيطرتها على المحافظة. وهذا ما يجعلنا نجزم بعدم إمكانية العودة حتى تتمكن الحكومة من فرض سيطرتها على مدينتنا بعيداً عن حكم المليشيات".

في السياق، يقول إبراهيم محمود (27 عاماً) وهو ناشط في المجتمع المدني لـ"العربي الجديد"، إنّ "العائلات النازحة تعيش أوضاعاً صعبة، خصوصاً في فصلَي الصيف والشتاء. واليوم، أظنّ أنّ أهمّ ما تحتاجه العائلات النازحة في المخيمات مع حلول الشتاء، هو فرص عمل لأرباب العائلات تساعدهم على توفير المعيشة الأفضل بالإضافة إلى تكاليف نقل أولادهم إلى المدارس". ويشير إلى أنّ "النازحين يعانون من قيود عدّة مفروضة عليهم، إذ إنّهم لا يملكون الحرية الكاملة للتنقل خارج مخيّماتهم إلا لفترة محدودة. كذلك فإنّهم لا يستطيعون مغادرة المخيّم إلا بموافقة إدارته والجهة الأمنية المشرفة على أمنه إلى جانب المنظمات الدولية والمحلية والسلطات المحلية".



ويوضح محمود أنّ "مخيّمات النازحين المنشأة في إقليم كردستان العراق تضم عدداً كبيراً من العائلات. فمخيّم الوند الأول - كرفانات يضمّ على سبيل المثال نحو 900 عائلة، في حين يضمّ مخيّم الوند الثاني - خيم 300 عائلة. كذلك، يضمّ مخيّم قوره تو 300 عائلة ومخيّم تازة دي 400 عائلة". ويشير المسؤول عن شؤون العائلات النازحة إلى أنّ "المؤسسات الدولية جميعها مسؤولة عن تقديم العون، مادياً ومعنوياً، إلى العائلات النازحة، خصوصاً برنامج الأغذية العالمي الذي استمرّ بتقديم المواد الغذائية الضرورية للنازحين منذ الأيام الأولى وحتى اليوم. ففي المخيّمات عائلات لا تستطيع العودة إلى مناطقها الأصلية خوفاً من المليشيات أو بسبب تدمير منازلها. وفي حين لم يعد لتلك العائلات أيّ مكان تعود إليه، يوفّر المخيّم لها المأوى الآمن".

تجدر الإشارة إلى أنّه منذ يونيو/ حزيران من عام 2014، نزح أكثر من أربعة ملايين عراقي على خلفية الصراع داخل البلاد. وقد أفاد تقرير مشترك أصدره برنامج الأغذية العالمي والحكومة العراقية في أبريل/ نيسان الماضي، بأنّ أكثر من نصف العائلات العراقية معرّضة إلى خطر انعدام الأمن الغذائي، ولم يعد في إمكانها استيعاب أيّ صدمات أخرى مثل الصراعات أو ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية. وقد وجد التقرير أنّ 53 في المائة من السكان و66 في المائة من النازحين معرّضون لانعدام الأمن الغذائي، في حين ارتفع معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي إلى ضعفَيه بين العائلات النازحة بالمقارنة مع العائلات التي لم تهجّر من منازلها.