استمرت موجة النزوح الجماعية لأهالي مدينة سرت، على وقع تزايد أنباء عن قرب اندلاع حرب بين القوى المسلحة في ليبيا من جهة، وبين مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية" في سرت من جهة أخرى.
وقال أحد النازحين، في حديث لــ"العربي الجديد": "وصلت بأسرتي يوم أمس إلى طرابلس صحبة ما يقارب الثلاثين أسرة، هربا من بطش مسلحي التنظيم ورعب الأنباء المتزايدة عن عمل عسكري وشيك في مدينتنا"، مضيفا أن المدينة أصبحت مدينة أشباح بامتياز، بعد أن هجرها جل سكانها خلال الأيام الماضية، ولا يزال هناك بعض السكان في أطراف المدينة، لا سيما في المزارع والضواحي.
وأكد النازح: "لقد أجبرنا على الخروج بأمتعتنا الشخصية، فـ"داعش" يخيرنا بين البقاء أو الخروج مقابل تنازلنا عن بيوتنا له بكل ما فيها من أثاث، ودفع مقابل مالي بعد أخذ إذن من إدارة الحسبة "الشرطة" وتعهد بعدم العودة".
ووصف المتحدث مدينته بالمعسكر الكبير المليء بالأسلحة والمقاتلين، مؤكداً أن قبيلة بعينها من المدينة لها علاقة بالنظام السابق هي من تشكل حاضنة لمقاتلي التنظيم، وتسهل لهم الدعم اللوجستي، لا سيما توفير الوقود من المناطق المجاورة.
وقال: "شاهدنا تحركات تدل على استعدادات للقتال، بالإضافة للخطب التعبوية التي يلقيها التنظيم على عناصره لحشد هممهم للحرب".
وعن تمدد سيطرة "داعش"، قال: "التنظيم يسيطر على كل المناطق الواقعة بين سرت إلى بن جواد شرقاً، أولى مناطق الهلال النفطي، ما يعني قرابة خمس قرى، أما غرباً فحتى بوابة الخمسين كيلومتراً فقط".
وفي تعليقه على عمليات القصاص والإعدامات بالمدينة أوضح المواطن الليبي: "لا شك أن التنظيم دموي، ولكن الإعلام استغل انقطاع سرت عن العالم ففبرك الكثير من الأنباء الزائفة. توجد إعدامات، ولكنها ليست بالشكل المهول الذي تسمعونه"، قبل أن يشدد بخصوص الحرب على التنظيم: "نحن لا نريد الإرهاب، ولكن كل سرت تعلم جيدا أن القتال ليس من أجلنا، وكل الأطراف التي تلوح بحرب وشيكة تستغل مأساتنا لتحقيق مكاسب سياسية". وختم قائلا: "النفط هو وجهة المجموعات المسلحة القادمة من الشرق والغرب، وكذلك دول العالم، وسرت منذ أكثر من عام تحت سيطرة داعش، ولم يلتفت إلينا أحد".
وسيطر تنظيم "داعش" على مدينة سرت بشكل فعلي منذ ما يقارب العام، ليتوسع شرقا حتى بن جواد (200 كم غرب سرت)، وهي أولى مناطق الهلال النفطي، قبل أن يشتبك عدة مرات مع حرس المنشآت النفطية، ويستطيع الوصول إلى خزانات النفط في ميناء السدرة، أهم موانئ النفط بالمنطقة، ويلحق بها أضراراً جسمية.