انتشرت في السنوات الأخيرة مطاعم ومقاهي في أحياء المنصور والجادرية وغيرها من الأحياء الراقية في العاصمة العراقية بغداد.
داخل هذه المطاعم والمقاهي المختلفة تعمل شابات كـ"نادلات"، بزي موحّد، ومظهر أنيق؛ دفعهن الفقر وقسوة الظروف الاجتماعية إلى تخطي العرف العراقي الخاص بكون هذا عملا رجاليا، فتقدمن للعمل برغم ما يكابدن من مضايقات وتحرش.
الخطوة يراها بعض سكان العاصمة مثيرة للاستغراب، فيما يثني عليها البعض الآخر لجرأتها. قالت النادلة أروى (26 عاما)، وهي تعمل في أحد مقاهي الجادرية، إن "عملي نادلة لا يختلف عن باقي الأعمال التي تقوم بها النساء في مختلف المجالات، غير أن تقبّل الأمر يختلف بين شريحة وأخرى".
وأضافت لـ"العربي الجديد": عندما قدمت طلب العمل كنادلة كنت متخوفة من ردة فعل أسرتي، ونظرة المجتمع لي، غير أنني فكرت أن هذا المجتمع لا ينظر إلى حاجتنا وفقرنا ولا إلى ظروفنا المعيشية، فقررت أن أقدم على هذه الخطوة دون الاكتراث لما سيقال عني، لأن العمل لن ينقص من احترامي لنفسي شيئا".
واعتبرت أروى أن "كل عمل تقوم به الفتيات يتعرض للانتقاد، خاصة إذا كان ذلك العمل جديدا على المجتمع، مثل عمل النادلات الذي يفرض أحيانا البقاء لساعات متأخرة من الليل".
وأكدت أنها تتعرض باستمرار للمضايقات والتحرش من بعض الرجال الذي ينظرون إليها وصديقاتها في المهنة كفريسة يسهل اصطيادها، "متناسين أن عملنا كنادلات هو أمر فرضته الظروف العائلية وليس شيئا آخر".
بدورها، قالت النادلة سهاد (23 عاما)، لـ"العربي الجديد"، "عملي كنادلة في المطعم من أجل توفير المال لعائلتي بعيدا عن أي أهداف أخرى". وأوضحت أن المجتمع العراقي استغرب في بادئ الأمر من فكرة عمل الفتيات كنادلات في المقاهي والمطاعم، لكنه بدأ يتقبل الأمر شيئا فشيئا.
ولم تخف سهاد رغبتها في تغيير هذا العمل، وذلك بالنظر إلى سوء فهم المجتمع ونظرات الاحتقار التي ترافقها وخجلها من القول إنها تعمل نادلة أمام الكثير من الناس.
وتباينت آراء الزبائن الذين يرتادون هذه المطاعم والمقاهي، حول عمل الفتيات كنادلات.
قال سامح العزاوي (38 عاما)، لـ"العربي الجديد": "غالبا ما أقصد هذه المطاعم والمقاهي، لأنها توفر الراحة والهدوء، ولا أرى في عمل النادلات أي نقيصة، بل على العكس قد وفر نقلة نوعية لتلك المقاهي، إضافة إلى كل ما تتميّز به من خدمة ونظافة وموقع استراتيجي".
وأكد أن أغلب النادلات ممّن تراوح أعمارهن بين 18 إلى 25 سنة، طبقاً لمواصفات معينة تتعلق بالمظهر الأنيق وحسن الاستقبال، كما أن ارتداءهن ملابس موحدة وأنيقة أضاف لمسة جاذبية على المكان".
أما سعدون أحمد (27 عاما)، وهو مستشار قانوني في إحدى الشركات، فقال لـ"العربي الجديد": أول مرة دخلت هذه المطاعم في الجادرية، شعرت بالصدمة من وجود فتيات يعملن كنادلات. صحيح أن تلك المطاعم لا تبدو كباقي مطاعم بغداد لا في أسمائها ولا أسعارها المرتفعة ولا ديكوراتها الجميلة، غير أنني لم أحبّذ الأمر، خاصة أن النادلات يبقين إلى ساعات متأخرة من الليل.
وعبّر أحمد عن رغبته في ألا تنتشر تلك المطاعم، وأن يكون عمل المرأة، وخاصة الفتيات، يتعلق بشيء يليق بها وبكرامتها وبتقاليد المجتمع المحافظ، على حد وصفه.