في جنوب إيطاليا وعلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، نابولي تلك المدينة العتيقة التي تنتظر الفرح منذ سنوات طويلة، لقد مرّ الكثير من الوقت عليها منذ أن عاشت لذة الجنون في عالم كرة القدم.
ثالث أكبر مدن إيطاليا مع جماهيرها تعيش حالة من الغليان الدائم كبركان فيزوف القريب منها. هناك حيث المعالم الأثرية الجميلة والكنائس القديمة والقصور الملكية، في تلك المدينة الكثير من الحب الممزوج على جدران المنازل العتيقة، بين الشوارع والأزقة الضيقة ستشاهد حب الساحرة المستديرة، أطفالٌ يركلون الكرة هنا وهناك وأمامهم أسطورة، صورة دييغو أرماندو مارادونا على الحائط تحكي الكثير من قصص العشق، حتى لو أن ابن جلدته الأرجنتيني الآخر، غونزالو إيغوايين خانهم في يومٍ من الأيام.
من وحي التأسيس
بين التأسيس ودييغو وما بعدهما الكثير من الكلام ليقال. في عام 1904 تحديداً وصل إلى ميناء المدينة رجل إنكليزي يعمل في شركة شحن بحري يدعى ويليامر بوثز إضافة إلى زميله هيكتور بايون، حيث التقيا مجموعة من أبناء المدينة وهم كونفورتي وكاتيرينا وآميديو سالسي، والذين أسسوا معاً فريق نابولي لكرة القدم والكريكت.
بعد سنوات حُذفت كلمة كريكت من اسم النادي، وفي 1912 قررت مجموعة من اللاعبين الأجانب بقيادة بايون الانفصال عن النادي السابق، وأسست فريقاً اسمه "إنترناسيونالي نابولي". مع اندلاع الحرب العالمية الأولى توقفت المنافسة قبل أن يعود النشاط الرياضي من جديد بعد نهايتها، ليتم دمج الفريقين سنة 1922 بسبب الصعوبات المالية، ليقرر بعدها الأعضاء سنة 1926 تغيير اسم الفريق ليصبح ما هو عليه الآن برئاسة جيورجيو أسكاريلي، وفي أول مسابقة نُظمت هناك احتل الفريق المركز الأخير، ما دفع بعضهم لإطلاق لقب "l ciucciarelli"، أي الحمير الصغيرة، مع أن شعار النادي كان يومها يحتوي على صورة حصان.
مرحلة هبوطٍ وصعود
بعد تنظيم الاتحاد الإيطالي بطولة الدوري بشكل أفضل وتوزيع الأندية على الدرجة الأولى والثانية، برز في صفوف النادي لاعبان، الأول هو سالوسترو ومارسيلو ميهاليتش اللذان استُدعيا لتمثيل منتخب إيطاليا.
بقي الأتزوري ضمن كبار الدوري الإيطالي خلال تلك الفترة في الدرجة الأولى تحت قيادة المدرب الإنكليزي ويليام غاربوت، لكن في النصف الثاني من الثلاثينيات واجه بعض الصعوبات حتى هبط للدرجة الثانية في بداية الأربعينيات، ومع بدء الحرب العالمية الثانية توقفت المنافسات ليعود النشاط بعدها في 1945-1946، لكنه سقط للدرجة الثانية في الموسم التالي قبل أن يصعد في بداية الخمسينيات، فكان يتقدم حيناً في الترتيب ثم يتراجع لمراكز متأخرة.
لم تكن الأحوال أفضل في الستينيات، حيث تأرجح الـ"بارتينوبي" بين الدرجة الأولى والثانية، لكن الإنجاز الأفضل كان تحقيق لقب كأس إيطاليا بالفوز على سبال 2-1 عام 1962. في النصف الثاني، قدم الفريق مستوى أفضل وبات معروفاً أكثر فشارك في بعض المسابقات الأوروبية، فحصد في عام 1975 لقب الكأس ثانية بعد الفوز على فيرونا 4-0.
وصول الأسطورة
كانت تلك المدينة المهمشة والفقيرة تنتظر في يومٍ من الأيام فرحة التتويج بلقب الدوري، لم ينجح كلّ من مروا في تحقيق ذلك حتى المميز عمر سيفوري، لكن وصول دييغو أرماندو مارادونا يوم الخامس من يوليو/ تموز سنة 1984 كان له وقعٌ خاص.
أمام 75 ألف متفرج في ملعب "سان باولو" التاريخي تم تقديم مارادونا، قال حينها الكاتب الرياضي ديفيد غولدبلات: "كانوا مقتنعين بأن المنقذ قد وصل"، فيما ذكرت صحيفة محلية يومها: "بالرغم من أننا لا نمتلك عمدة ومنازل ومدراس وحافلات وعمل، رغم كل هذه الأمور لدينا مارادونا".
قبل وصول الأيقونة كانت فرق شمال ووسط إيطاليا تسيطر على المسابقة، كميلان ويوفنتوس وإنتر، بعد فترة قصيرة بات مارادونا القائد والنجم المطلق، وعلى أثرها قادهم لتحقيق الحلم المنشود، أي لقب الدوري الإيطالي، لأول مرة في موسم 1986 - 1987، حينها كتب غولدبلات: "الاحتفالات صاخبة في الشوارع، سلسلة من الحفلات المتتالية، كرنفالٌ على مدار الساعة استمر لأسبوع وأكثر. لقد انقلب العالم رأساً على عقب. قام أبناء المدينة بجنازات وهمية ليوفنتوس وميلان، وحُرقت توابيتهم، فأعلنوا هزيمة القسم الآخر من إيطاليا وأكدوا أن إمبراطورية جديدة قد ولدت".
رُسمت صورة مارادونا على الجدران، وتمت تسمية الأطفال حديثي الولادة باسمه تكريماً له. خلال تلك الفترة قادهم للفوز بلقب الكأس عام 1987 والدوري الأوروبي عام 1989 وكذلك السوبر الإيطالي والدوري من جديد في عام 1990. عن دييغو قال فرانكو باريزي، أسطورة ميلان: "حين يكون في القمة لا توجد طريقة لإيقافه".
الصعوبات والعودة بقوة
بعد رحيل الكثير من الأسماء في التسعينيات تراجع الفريق وتقهقر تدريجياً حتى أعلن إفلاسه في عام 2004 وهبط إلى الدرجة الثالثة. ظن الجميع أن الحلم بات كابوساً، إلى أن وصل منتج الأفلام السينمائية أوريليو دي لورينتس، والذي أحياه من جديد عاماً بعد آخر، فأعاده إلى الدرجة الأولى، حيث بات مرشحاً في الموسم الحالي لتحقيق اللقب مع المدرب المميز ماوريسيو ساري والقائد السلوفاكي مايرك هامشيك، والذي حطم رقم مارادونا كأفضل هداف للفريق بـ117 هدفاً، وهو في الوقت الحالي معشوق الجماهير الأول، فما الذي سيحصل في حال رفع لقب السكوديتو في نهاية الموسم؟
اقــرأ أيضاً
ثالث أكبر مدن إيطاليا مع جماهيرها تعيش حالة من الغليان الدائم كبركان فيزوف القريب منها. هناك حيث المعالم الأثرية الجميلة والكنائس القديمة والقصور الملكية، في تلك المدينة الكثير من الحب الممزوج على جدران المنازل العتيقة، بين الشوارع والأزقة الضيقة ستشاهد حب الساحرة المستديرة، أطفالٌ يركلون الكرة هنا وهناك وأمامهم أسطورة، صورة دييغو أرماندو مارادونا على الحائط تحكي الكثير من قصص العشق، حتى لو أن ابن جلدته الأرجنتيني الآخر، غونزالو إيغوايين خانهم في يومٍ من الأيام.
من وحي التأسيس
بين التأسيس ودييغو وما بعدهما الكثير من الكلام ليقال. في عام 1904 تحديداً وصل إلى ميناء المدينة رجل إنكليزي يعمل في شركة شحن بحري يدعى ويليامر بوثز إضافة إلى زميله هيكتور بايون، حيث التقيا مجموعة من أبناء المدينة وهم كونفورتي وكاتيرينا وآميديو سالسي، والذين أسسوا معاً فريق نابولي لكرة القدم والكريكت.
بعد سنوات حُذفت كلمة كريكت من اسم النادي، وفي 1912 قررت مجموعة من اللاعبين الأجانب بقيادة بايون الانفصال عن النادي السابق، وأسست فريقاً اسمه "إنترناسيونالي نابولي". مع اندلاع الحرب العالمية الأولى توقفت المنافسة قبل أن يعود النشاط الرياضي من جديد بعد نهايتها، ليتم دمج الفريقين سنة 1922 بسبب الصعوبات المالية، ليقرر بعدها الأعضاء سنة 1926 تغيير اسم الفريق ليصبح ما هو عليه الآن برئاسة جيورجيو أسكاريلي، وفي أول مسابقة نُظمت هناك احتل الفريق المركز الأخير، ما دفع بعضهم لإطلاق لقب "l ciucciarelli"، أي الحمير الصغيرة، مع أن شعار النادي كان يومها يحتوي على صورة حصان.
مرحلة هبوطٍ وصعود
بعد تنظيم الاتحاد الإيطالي بطولة الدوري بشكل أفضل وتوزيع الأندية على الدرجة الأولى والثانية، برز في صفوف النادي لاعبان، الأول هو سالوسترو ومارسيلو ميهاليتش اللذان استُدعيا لتمثيل منتخب إيطاليا.
بقي الأتزوري ضمن كبار الدوري الإيطالي خلال تلك الفترة في الدرجة الأولى تحت قيادة المدرب الإنكليزي ويليام غاربوت، لكن في النصف الثاني من الثلاثينيات واجه بعض الصعوبات حتى هبط للدرجة الثانية في بداية الأربعينيات، ومع بدء الحرب العالمية الثانية توقفت المنافسات ليعود النشاط بعدها في 1945-1946، لكنه سقط للدرجة الثانية في الموسم التالي قبل أن يصعد في بداية الخمسينيات، فكان يتقدم حيناً في الترتيب ثم يتراجع لمراكز متأخرة.
لم تكن الأحوال أفضل في الستينيات، حيث تأرجح الـ"بارتينوبي" بين الدرجة الأولى والثانية، لكن الإنجاز الأفضل كان تحقيق لقب كأس إيطاليا بالفوز على سبال 2-1 عام 1962. في النصف الثاني، قدم الفريق مستوى أفضل وبات معروفاً أكثر فشارك في بعض المسابقات الأوروبية، فحصد في عام 1975 لقب الكأس ثانية بعد الفوز على فيرونا 4-0.
وصول الأسطورة
كانت تلك المدينة المهمشة والفقيرة تنتظر في يومٍ من الأيام فرحة التتويج بلقب الدوري، لم ينجح كلّ من مروا في تحقيق ذلك حتى المميز عمر سيفوري، لكن وصول دييغو أرماندو مارادونا يوم الخامس من يوليو/ تموز سنة 1984 كان له وقعٌ خاص.
أمام 75 ألف متفرج في ملعب "سان باولو" التاريخي تم تقديم مارادونا، قال حينها الكاتب الرياضي ديفيد غولدبلات: "كانوا مقتنعين بأن المنقذ قد وصل"، فيما ذكرت صحيفة محلية يومها: "بالرغم من أننا لا نمتلك عمدة ومنازل ومدراس وحافلات وعمل، رغم كل هذه الأمور لدينا مارادونا".
قبل وصول الأيقونة كانت فرق شمال ووسط إيطاليا تسيطر على المسابقة، كميلان ويوفنتوس وإنتر، بعد فترة قصيرة بات مارادونا القائد والنجم المطلق، وعلى أثرها قادهم لتحقيق الحلم المنشود، أي لقب الدوري الإيطالي، لأول مرة في موسم 1986 - 1987، حينها كتب غولدبلات: "الاحتفالات صاخبة في الشوارع، سلسلة من الحفلات المتتالية، كرنفالٌ على مدار الساعة استمر لأسبوع وأكثر. لقد انقلب العالم رأساً على عقب. قام أبناء المدينة بجنازات وهمية ليوفنتوس وميلان، وحُرقت توابيتهم، فأعلنوا هزيمة القسم الآخر من إيطاليا وأكدوا أن إمبراطورية جديدة قد ولدت".
رُسمت صورة مارادونا على الجدران، وتمت تسمية الأطفال حديثي الولادة باسمه تكريماً له. خلال تلك الفترة قادهم للفوز بلقب الكأس عام 1987 والدوري الأوروبي عام 1989 وكذلك السوبر الإيطالي والدوري من جديد في عام 1990. عن دييغو قال فرانكو باريزي، أسطورة ميلان: "حين يكون في القمة لا توجد طريقة لإيقافه".
الصعوبات والعودة بقوة
بعد رحيل الكثير من الأسماء في التسعينيات تراجع الفريق وتقهقر تدريجياً حتى أعلن إفلاسه في عام 2004 وهبط إلى الدرجة الثالثة. ظن الجميع أن الحلم بات كابوساً، إلى أن وصل منتج الأفلام السينمائية أوريليو دي لورينتس، والذي أحياه من جديد عاماً بعد آخر، فأعاده إلى الدرجة الأولى، حيث بات مرشحاً في الموسم الحالي لتحقيق اللقب مع المدرب المميز ماوريسيو ساري والقائد السلوفاكي مايرك هامشيك، والذي حطم رقم مارادونا كأفضل هداف للفريق بـ117 هدفاً، وهو في الوقت الحالي معشوق الجماهير الأول، فما الذي سيحصل في حال رفع لقب السكوديتو في نهاية الموسم؟