مير سليم لـ"العربي الجديد": لن أنسحب من الانتخابات الإيرانية

03 مايو 2017
قد يوزّع وجود جهانغيري الأصوات بينه وروحاني (العربي الجديد)
+ الخط -

أصرّ رئيس المجلس المركزي لحزب "مؤتلفة" الإسلامي المحافظ، سيد مصطفى مير سليم، على تقديم ترشحه للانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة في 19 مايو/أيار الحالي، منفصلاً عن الجبهة الشعبية لقوى الثورة الإسلامية (جمنا)، التي تضم محافظين من جبهات وأحزاب عدة، معترضاً على آلية اختيار مرشحيها. كما أكد أنه سيكمل السباق ولن ينسحب لصالح أي من المرشحين. مير سليم عضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام، وكان وزيراً للثقافة في حكومة الرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني، وعمل مستشاراً للمرشد علي خامنئي، حين كان هذا الأخير رئيساً لإيران فشغل منصب مدير مكتبه الرئاسي، ولديه اليوم تحفظات على سياسة حكومة حسن روحاني الداخلية والخارجية.

* ما الأسباب التي دفعتك للترشح خارج إطار (جمنا)؟
كان لدى أعضاء حزب مؤتلفة الإسلامي رؤية حول الظروف السياسية والاقتصادية الراهنة، فأجمعوا على أن الحكومة الحالية لن تكون قادرة على حل قضاياها وهو ما يستدعي إزاحتها وتشكيل حكومة محافظة. اتخذنا قراراً بتقديم مرشح للرئاسيات منذ إبريل/نيسان 2016، وطرح 11 اسماً، تمّت الموافقة على أربعة منها، وحصلت بدوري على أعلى نسبة وفقاً لعملية اقتراع داخلي. وحصل هذا كله قبل تشكيل الجبهة الشعبية التي ما زالت حديثة العهد.

* كان واضحاً أن المحافظين يحاولون الإجماع على اسم مرشح واحد قادر على الإطاحة بروحاني، فهل خطوتك هذه تعني وجود خلاف عميق؟
لا يوجد بيننا خلاف بالمعنى السياسي، كلنا متفقون على هدف واحد، ألا وهو الحصول على المقعد الرئاسي وتشكيل حكومة محافظة، لكن خلافنا يكمن في طريقة خوض السباق.

* ألا تعتقد أن هذا سيتسبب بتوزيع أصوات الناخبين على المرشحين المحافظين الثلاثة، وهو ما قد يصب لصالح روحاني؟
بالطبع ستتوزع الأصوات، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن روحاني سيستفيد من الأمر، شعبية الرئيس المعتدل انخفضت كثيراً كما اختلفت آراء داعميه من المحافظين، فضلاً عن أن وجود نائب الرئيس اسحاق جهانغيري بين المرشحين، قد يوزع الأصوات بينه وبين روحاني نفسه. بالتالي أنا أرجح أن تتجه الأمور نحو دورة ثانية، فلن يحصل أي من المرشحين الستة على النسبة المطلوبة.

* هل هذا يعني أنك مستمر بالسباق؟
بالطبع، حتى لو توزعت الأصوات بين المحافظين سأستمر ولن أنسحب لصالح أي أحد.

* هل توجد عليك ضغوط معينة من قبل محافظين آخرين لتنسحب لصالح عمدة طهران محمد باقر قاليباف أو سادن (خادم) العتبة الرضوية ابراهيم رئيسي وهما ممثلا (جمنا)؟
لا، أنا أمثل حزباً محافظاً عريقاً تزيد تجربة أعضائه عن خمسة عقود، ونعرف تماماً كيف نشارك في العملية السياسية، ولدينا جميعاً خبرة طويلة، لذا قررنا خوض السباق، الجبهة الشعبية مازالت حديثة العهد وغضّة التجربة.


* ما الذي تعتقد أنه يميزك عن بقية المرشحين وخاصة المحافظين؟

ما تعلمناه في حزب مؤتلفة هو الالتزام بالأخلاق السياسية، التي لا تسمح لنا بالتعدي على أي طرف حتى لو كان خصماً. وهذا ما قام به بعض المرشحين خلال المناظرة التلفزيونية الأولى، كما أنه لدي تجربة حزبية سياسية عريقة وهذا ما يفتقده بقية المرشحين برمتهم. ما أقدّمه خلال الدعاية الانتخابية يمثل حزباً كبيراً، وأطرحه بناءً على جلسات تشاورية ووفق برنامج عملي معد سابقاً، لكن البقية يظهرون وجهات نظر شخصية حول قضايا البلاد. لدى حزب مؤتلفة أكثر من 220 مكتباً موزعاً في كل أنحاء البلاد ما يعني أننا على تماس مع الشعب ومشكلاته.

* ما تقييمك للمناظرة التلفزيونية الأولى بينكم؟ هل استطعت أن توصل ما تريد خلالها؟
المناظرات تشد المشاهدين أكثر من غيرها من أساليب الدعاية الانتخابية للمرشحين، وتؤثر على الناخب بشكل مباشر وهو ما يعني ارتفاع نسب المشاركة في الاقتراع، التي أعتقد أنها ستصل إلى 65 في المائة. ويوجد في إيران الآن حوالى 55 مليون نسمة يتمتعون بشروط الاقتراع، وعلى المرشح أن يحصل على عشرين مليوناً على الأقلّ. وما زال هناك وقت ونحن نستعد لمناظرتين جديدتين. وأعتقد أنني استطعت تفصيل برنامجي الحكومي بشكل جيد فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية كونها كانت موضوع المناظرة الأولى، لكن البعض يرجّحون إعطاء طابع جريء وهذا لا يمثل حزب مؤتلفة، فلا الهجوم ولا الانتقاد اللاذع ولا توجيه الاتهامات مقبول بالنسبة لي. وهذا ما على بقية المرشحين احترامه ممن فضلوا جر الأمور نحو تشنج علني.

* ما هي نقاط ضعف وقوة قاليباف ورئيسي، المرشحين المحافظين الآخرين؟
لدى قاليباف تجربة عمرها 12 سنة في إدارة بلدية طهران، قبل هذا كان قائداً للشرطة، وهذا يعني تجربة واسعة لكنها ذات مسؤوليات كبرى، وقلة هم من يستطيعون النجاح بها من دون مخالفات أو أخطاء. أعتقد بأن مسؤولياته في مناصبه هذه، تعني بأن لديه ملفات إشكالية قد تُستخدم ضده وتتحول لنقاط ضعف كبيرة. أما رئيسي فقبل توليه منصب سادن العتبة الرضوية قبل عام تقريباً، تولّى مناصب قضائية عدة، وهذا أمر يجعله يفتقد للتجربة والخبرة السياسية التنفيذية، في مقابل امتلاكه تجربة حقوقية قضائية واسعة تركت لديه ملفات إشكالية بالتأكيد. كما أنه اليوم يركز على مواقع التواصل وعلى جذب شريحة شعبية نحوه، ومن المقرر أن ينسحب أحدهما لصالح الآخر، وسيسعى الأول لإيصال الثاني لجولة الإعادة. أصلاً لم يكن لدى رئيسي الرغبة بخوض السباق، لكن (جمنا) أصرت على تقديمه كمرشحها، وهذه الجبهة لا تتوافق معي على آلية العمل.

* في المناظرة ذاتها فاجأ نائب الرئيس الحالي اسحاق جهانغيري الجميع بجرأته وبتصريحاته حيث قال إنه يمثل الإصلاحيين بعد أن قدّم نفسه كمرشح سيساعد روحاني، وأقر أنه سينسحب لصالحه، ما رأيك بترشحه وما الذي حدث بين هذين الاثنين؟
جميع استطلاعات الرأي أشارت لانخفاض شعبية الرئيس روحاني، ولقد عرف أعضاء حكومته ومؤيدوه أنه سيتعرض لانتقادات ولهجوم لاذع من المحافظين وخصوصاً من قبل قاليباف، ومنعاً لأداء روحاني دور المدافع عن نفسه، قرر هؤلاء تقديم مرشح داعم للحكومة ليدافع عن سياساتها وهو ما يعني حصد أصوات أكبر شرط أن ينسحب في النهاية لصالح روحاني. فطرحت أسماء عدة على الطاولة، منها وزير الخارجية محمد جواد ظريف، وزير الصحة حسن قاضي زاده هاشمي ووزير الاتصالات محمود واعظي، لكن جهانغيري حظي بتأييد أكبر. في المناظرة بدا روحاني ضعيفاً للغاية أمام الآخرين، وقرر قاليباف أن يشنّ هجوماً على كليهما، داعياً جهانغيري لمنح المرشحين الحقيقيين فرصة كونه يمثل قوة دعم وحسب. وهو ما أثار حفيظة هذا الأخير، الذي دافع عن نفسه قائلاً: إنه يمثل التيار الإصلاحي، فتنبه الإصلاحيون لقوة جهانغيري ولجرأته وبعث فيهم الأمل. وهذا قد يعني عدم انسحابه، ما سيوزع الأصوات بينه وبين روحاني، وبالنتيجة سيصب هذا الأمر لصالح المحافظين.


* ما هو تقييمك للوضع السياسي والاقتصادي في البلاد حالياً وما الذي يجب على الحكومة المقبلة أن تفعله؟

المشاكل التي بدأت منذ سنوات تفاقمت خلال زمن الحكومة الراهنة، وعلى رأسها الركود، فالسوق يعاني فتوراً ولدى الإيرانيين مشكلات معيشية جمّة وسياسات حكومة روحاني زادت الوضع سوءاً، رغم أنها نجحت بالتحكم بنسبة التضخم، لكن البطالة وضعف الاستثمار ما زالا على رأس المشاكل. كما يعد الفساد مشكلة كبرى يجب اقتلاعها، وهي التي تعود جذورها لزمن العقوبات الاقتصادية التي فرضت على إيران في سنوات سابقة، فتساهلت حكومة محمود أحمدي نجاد مع الأمر سابقاً. وعندما لاحظت تعقيدات نتائجه، قررت الاستعانة بأطراف للالتفاف على العقوبات، وبدأ هؤلاء باستيراد ما تحتاجه البلاد من بضائع وخدمات على حساب الحكومة بالحصول على مبالغ باهظة دخلت إلى جيوبهم، ما أدخل إيران في دوامة اختلاسات كبرى ما أدى لزيادة نسبة الفقر والشرخ الطبقي، ومواجهة هذه المسألة تحدٍّ كبير للغاية.

* هل تعتقد أن حكومة روحاني كانت قريبة كثيراً من الغرب؟ وهل ترى ضرورة في استمرار الاتفاق النووي وفق الظروف الراهنة؟
اعتبرت الحكومة الحالية أن حلحلة العراقيل التي تواجهها تكمن في التخلص من العقوبات ومسبباتها الخارجية، فاعتمدت على سياسة تحسين العلاقات مع الغرب بما يسهل العلاقات التجارية ويحل مشاكل البلاد ويزيد فرص العمل. شجّع فريق روحاني هذا الخيار دون التنبه إلى أن أميركا والغرب وحلفاءهم لا يريدون أن تتحول إيران لقوة فاعلة أصلاً، فأخطأ روحاني الظن، إلا أن الجانب الإيجابي من الاتفاق النووي يتعلق باقتناع المجتمع الدولي بأن إيران لا تشكل تهديداً ولا تريد امتلاك سلاح نووي. لكن طهران نفذت كل التعهدات مقابل خرق متكرر وإصرار على فرض عقوبات جديدة من قبل الولايات المتحدة وأوروبا. وعلى الحكومة المقبلة أن تهتم أكثر بمقومات الاقتصاد الداخلية وتبتعد عن خيار الالتصاق بالخارج وتستفيد من خبرات الشباب، قد يكون هذا خياراً صعباً لكن نتائجه مضمونة.

* بعد أربع سنوات من رئاسة روحاني باتت العلاقات مع الجيران من العرب أكثر توتراً، وتبدي العديد من الأطراف عدم رضاها عن سياسات إيران الإقليمية ودورها في العديد من الملفات، ما رأيك؟
لن نتخلى عن محور المقاومة، هذا محور مدعوم شعبياً وستحافظ إيران على مساندته رغم أنها دفعت ثمناً وضحّت بشهداء كثر، لكن النتيجة أن الجميع باتوا على قناعة بأن الجماعات التكفيرية والإرهابية تشكل خطراً على العالم برمته. ويوماً ما سيدرك الجميع أن سياسات إيران كانت صحيحة، والحكومات العربية التي تعارض إيران وسياساتها هي بالأساس حكومات استبدادية ضعيفة، وتقمع بدورها حركات التحرر في دولها، هناك من يريد تشويه صورة إيران، لكن هذه الحكومات تخالفنا من منطلق ضعف.

دلالات