مياه غزّة ليست للشرب

28 فبراير 2015
لا تصلح مياه القطاع للاستهلاك البشري (إيمان عبد الكريم)
+ الخط -

المياه في قطاع غزّة لا تصلح للاستخدام البشري، و95% منها لا تصلح للشرب. هذا ما سبق وأكدته جهات محليّة ودوليّة. في المدرسة المجاورة لمنزله، يعبئ أبو محمود ما يحتاجه من مياه، مع ابنه ياسر البالغ من العمر 14 عاماً. فمنذ فترة طويلة لم تصل المياه إلى منزل العائلة الذي تعرّض إلى القصف في خلال الحرب الإسرائيليّة الأخيرة، نتيجة ما تعانيه الآبار وخطوط التوصيل.

هذه عمليّة يوميّة يقوم بها أبو محمود في الصباح الباكر. ويشكو من ملوحة المياه، قائلاً إنه يضطر إلى شراء المياه المعدنيّة كي يضمن أن ما يشربه صحي ونظيف. يضيف: "أعتقد أن كل المياه التي نستهلكها مليئة بالبكتيريا وهي لا تصلح حتى للأموات".
إلى ذلك، تنتشر في غزّة ظاهرة صهاريج بيع المياه، بكثرة في أزقة القطاع وأحيائه. فتلك توفّر مياه الشرب للسكان، بعد تحليتها في محطات خاصة. ومحطات التحلية تلك التي يمتلكها بعض الأشخاص كمشاريع صغيرة، تعتمد على المياه المستخرجة من آبار المياه الجوفيّة التي تحفظ في خزانات بلاستيكيّة، ومن ثم تُضخّ إلى وحدات التحلية لتخليصها من البكتيريا والفيروسات.
وكانت دراسات محليّة ودوليّة قد بيّنت أن نسب الملوحة في المياه وصلت إلى درجات خطيرة، لافتة إلى أن ذلك يسجّل حتى في داخل محطات التحلية نفسها.

وفي إحدى محطات التحلية في شرق مدينة غزّة، يتحدّث أحمد الخطيب أحد العاملين في توصيل المياه المحلاة إلى المنازل، عن استيائه من التنقّل ما بين تلك المحطات من دون أن يتمكّن عدد كبير منها من توفير المياه الصالحة للشرب بحسب المعايير المناسبة.
ويرى الخطيب أن الأزمة في تفاقم، لافتاً إلى أن "الناس يتصلون دائماً بنا ليعبّروا عن استيائهم من ملوحة المياه أو من طعمها أو حتى لونها. وهذا ما يجعلنا نعاني مشاكلات كثيرة ترتبط بمصداقيتنا مع زبائننا".

ويوضح هنا مدير الطب الوقائي في وزارة الصحة الفلسطينيّة مجدي ضهير أن الوزارة تتابع محطات التحلية الخاصة وتحلل شهرياً عينات منها. كذلك تكشف عن السيارات التي تنقل المياه وتفحص العاملين.
ويقول إن "نسبة الملوحة مرتفعة في المياه، بسبب ما تواجهه محطات التحلية في خلال عملها. فثمّة محطات تستخدم فلاتر قديمة، ومحطات أخرى تخلط وللأسف كميات من المياه المحلاة بأخرى غير محلاة. وثمة محطات أخرى تتخلص من الأملاح كلها، الضارة كما النافعة". يتابع: "الفحوصات التي نقوم بها في داخل المحطات تكون سليمة، لكن بعض المشكلات تسبّبها وسيلة نقل المياه وعدم تنظيف الخزانات". ويشرح أنه يفضل استخدام الناقلات المعدنيّة بدلاً من تلك البلاستيكيّة، وينصح المواطنين بعدم شراء المياه من الخزانات البلاستيكيّة لأنها "غير مرخصة وعشوائية".

في قطاع غزّة أكثر من 120 محطة تحلية خاصة تُضاف إلى المحطات الثلاث الرئيسيّة. تنتج المحطات الصغيرة ما بين 30 و50 متراً مكعباً يومياً، مع الإشارة إلى أن 40 محطة منها فقط مرخصة، بحسب ما يفيد مدير المختبرات في سلطة جودة البيئة الدكتور تامر طليبي.
ويعيد طليبي السبب إلى ضعف الرقابة والمتابعة نتيجة وجود أكثر من جهة مراقبة واحدة موزعة ما بين سلطة المياه وجودة البيئة ووزارة الصحة، وكل واحدة تعمل بشكل منفصل. ويلفت إلى أن سلطة المياه أرسلت بلاغات إلى المخالفين الذين لم يرخصوا محطاتهم، بناءً على قرارات صارمة صدرت في آخر اجتماعات الإدارات المسؤولة. بالتالي، ستُجبر المحطات على الحصول على تراخيص وأخذ عينات بشكل مباشر لتحليلها.

وينصح طليبي المواطنين بضرورة التنبّه عند اختيار المحطات وسيارات النقل والتأكد من نظافتها، بالإضافة إلى وضع بعض نقاط من الكلور في خزاناتهم بمقدار قطرتَين لكل 250 مليمتراً للتخلص من أي تلوّث بكتيري.