عرف الجزائريون الطفل عبد الرحمن فارح (9 سنوات)، أصغر حافظ للقرآن ليس في الجزائر فحسب وإنما في العالم. حفظ القرآن وعمره لا يتجاوز الثلاث سنوات. واكتشف الناس موهبته من خلال قنوات تلفزيونية محلية ودولية.
كان الطفل عبد الرحمن مصابا بالصمم، حسب والده، لكنه نطق في عامه الثالث، وكانت أولى الكلمات التي نطقها آيات من سورة الكهف وسورة مريم ومن دون أخطاء.
فاجأ الطفل والديه وجيرانه، ووصفه شيوخ المساجد في الجزائر بأنه الطفل المعجزة، كما أعجب به الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في حينه، كما دعاه في احتفالات ليلة القدر ليلقي دعاء الختم الرمضاني.
وخصص والدا عبد الرحمن شيخا يساعد ابنهما على تطوير مهاراته في تلاوة القرآن. لكن المسؤولين في الجزائر تنصلوا من رعايته، مع العلم أنه مع بلوغ عامه التاسع اليوم، يؤم المصلين في أحد مساجد بوفاريك بولاية البليدة شرق العاصمة الجزائرية.
ويعرب الأستاذ الجامعي فارس مسدور، الذي تكفل برعاية عبد الرحمن، عن أمله بأن يصبح عبد الرحمن عالما جليلاً، مؤكداً في تصريحات لـ"العربي الجديد"، سعيه إلى توجيه الطفل المعجزة للاستفادة من موهبته وتطويرها، وخاصة في ظل تهميش السلطات لمثل تلك الحالات النادرة والمشرفة.
وتساءل: "كيف للجزائر أن تتخلى عن مواهبها، وتهمش أصحابها ولا تمنحهم الفرص للبروز، أو الاستفادة منهم كل في تخصصه؟
عبد الرحمن نموذج من بين آلاف النماذج والمواهب الجزائرية الشابة التي اختارت العودة للعتمة، بعد تسليط الضوء عليها في وسائل الإعلام.
أما الطالب الجزائري في كلية الهندسة الميكانيكية، موسى بن زواوي، وهو نموذج آخر من الموهوبين، فصنع نموذجا مصغرا لطائرة بدون طيار، لكنه تعرض للعراقيل في الجامعة.
وقال لـ"العربي الجديد": "طول الطائرة ثلاثة أمتار على مستوى الجناحين، ومتران لهيكلها، وأطلقت عليها اسم العزم، تيمنا بالنشيد الوطني الجزائري".
وأضاف "لا أنتظر مقابلا من أحد، ولا أبالي بمن سخر مني أو وقف في طريقي، فهم يزيدونني عزما وقوة، ومبدئي في الحياة أن أرى الجزائر تتربع على عرش الدنيا، وسنواصل طريق شهداء الوطن، وكل الأبطال".
وعبر أستاذ الفيزياء معمر حمية لـ" العربي الجديد" عن ألمه وأمله في نفس الوقت لواقع موهوبين كثر سواء من تلامذته أو من أبناء وطنه.
وتحدث حمية عن موهوب آخر نابغة في الإلكترونيات، ويقول عنه إنه كان في البداية منزويا في القسم، لكنه مع مرور الوقت أظهر عن موهبة فائقة في تصليح أي جهاز إلكتروني. ولفت إلى تفوق الطالب مصطفى بوعسة بين أترابه وزملائه، لكنه اصطدم بواقع مرير، بأن الجامعة لا تلبي رغبته وقدرته الفائقة على حل المعادلات، وتفكيك الأجهزة وإعادة تركيبها.
وأشار إلى تمكن الطالب من إنجاز نموذج من كمبيوتر خاص، موضحاً أنه مع مرور سنتين في جامعة قسنطينة، تعرض الطالب بو عسة لإحباط كبير لاستصغار الجامعة منتوجه فاختار التوقف عن الدراسة، وبدأت مرارة عيشه.
وتابع حمية "لكن ساعده لاحقاً مالك موقع إلكتروني في الاتصال بشركة كورية لصناعة الإلكترونيات، وهنا بدأ مصطفى في خطوة البحث عن مكان في القارة الأخرى والهجرة من الجزائر".
وقبل سنوات حاولت السلطات الجزائرية إنشاء ثانوية للرياضيات للتكفل بالموهوبين والنوابغ في المجالات العلمية، لكن هذه التجربة لم تستثمر الكفاءات العلمية لهؤلاء الطلبة.
ومن الموهوبين من غادر الجزائر للتعلم في جامعات غربية، تستفيد من طاقاتهم العلمية، وكان بينهم المخترع الموهوب محمد دومير، الذي فاز بجائزة أحسن اختراع علمي، لكنه لم يحظ في الجزائر بأي تقدير، ما دفعه إلى اختيار البقاء في دولة عربية يساهم في جهودها العلمية.