30 أكتوبر 2024
مومسات تل أبيب يخدمن الصهيونية
أورد مقال سابق لكاتب هذه السطور ("العربي الجديد"، 19/ 7 /2017) أن فكرة "تحسين النسل" التي تبنّتها النازية حظيت، في ثلاثينيات القرن العشرين الفائت، بتأييد وترحيب لدى مؤسسات الحركة الصهيونية في فلسطين، وتقرّر التكتم على ذلك في الأعوام اللاحقة.
ليس هذا التأييد الحقيقة السوداء الوحيدة في ماضي الصهيونية، بل ثمة كثير مثلها مما لا يزال خاضعًا للتكتم، ومنها رعاية "منظومة دعارة"، بالأساس في مدينة تل أبيب، بهدف "خطب ودّ" الجنود الأجانب.
وبموجب ما تؤكد دراسةٌ بهذا الخصوص، أعدتها الباحثة دانييلا رايخ من جامعة حيفا قبل أكثر من عشرة أعوام، كانت تل أبيب، في ثلاثينيات القرن العشرين وأربعينياته، مدينة صاخبة تعج بالحفلات الماجنة، حيث انتشرت عشرات النوادي الليلية، ومئات المقاهي والمطاعم، في أكثر من 11 شارعًا رئيسيًا في المدينة، بخلاف جزيرة قبرص المجاورة التي احتوت وقتذاك على عدد قليل من أماكن اللهو والترفيه، ذات المستوى المتدني. وكان هناك نحو مائة ألف جندي بريطاني وأسترالي، وغيرهم من عساكر الدول الأجنبية الذين خدموا في فلسطين التي كانت خاضعة لحكم الانتداب البريطاني وشكلت، في ذلك الوقت، إبان الحرب العالمية الثانية، بمثابة "ملاذ خلفي" لجبهة الحرب في الشرق الأوسط. وبحث هؤلاء في أثناء "استراحة المقاتل" عن فرصة للمتعة والترفيه، ولم يواجهوا مشقةً كبيرة في الوصول إلى مبتغاهم، إذ وجدوا رهن إشارتهم نحو خمسة آلاف "مضيفة" يهودية مستعدّات، بإيعاز وتشجيع من مؤسسات الحركة الصهيونية، مثل الوكالة اليهودية، لاستقبال هؤلاء الجنود واستضافتهم.
تكتب رايخ في دراستها أن "دور النساء اليهوديات بشكل عام لا حضور له في الرواية التاريخية، وقصة الفتيات اللاتي أقمن علاقات مع الجنود الأجانب، بشكل خاص، لم يرد لها أي ذكر على الإطلاق في هذه الرواية". وتذكر أن تل أبيب شهدت، في فترة الأربعينيات، ازدهارًا كبيرًا في أقدم المهن (الدعارة)، في ظل وجود أعداد كبيرة من الجنود الأجانب في المدينة من جهة، ومن جرّاء الوضع الاقتصادي الذي واجهته المهاجرات الجدد، وبنات العائلات اليهودية الفقيرة من جهة أخرى. وفي سبتمبر/ أيلول 1943، نُشر تقرير في صحيفة أميركية ذُكر فيه أن معدّل عدد المومسات للفرد الواحد في تل أبيب هو الأعلى في العالم، مقارنة مع أي مدينة حلّ فيها جنود أجانب.
اشتكى ضباط بريطانيون، في تلك الفترة، من أنهم لا يستطيعون الدخول إلى أماكن ترفيه ولهو من دون الاصطدام بـ"نساء مريبات" يتمادين في مداعباتهن لهم. وأبدى قادة الجيش البريطاني، بشكل خاص، انزعاجهم من ازدياد أعداد جنودهم الذين أصيبوا بأمراض جنسية في تل أبيب (250 إصابة)، ما اضطر سلطات هذا الجيش في 1945 إلى افتتاح معهد طبي خاص في المدينة، لإجراء فحوصات للجنود الذين ارتادوا دور الدعارة.
وتورد الباحثة وقائع تثبت أن زعامة الحركة الصهيونية في فلسطين شجّعت ودعمت إقامة مزيد من أماكن الترفيه واللهو اليهودية، لتلبية حاجات الأعداد المتزايدة من الجنود الأجانب المتدفقين في فترة الحرب العالمية الثانية. وسعت هذه الزعامة إلى استغلال العلاقة مع الجنود الأجانب لأغراض النشاط الدعائي للمشروع الصهيوني، أملًا في تحوّل هؤلاء الجنود إلى سفراء للنيات الحسنة لدى عودتهم إلى بلدانهم، فوجدت أن "بنات إسرائيل" الحسناوات والمثقفات هن خير من يقمن بهذه المهمة. وتحقيقًا لهذا الغرض، أقيمت في المستعمرات اليهودية "لجان ضيافة" جرى تمويلها من المؤسسات القومية والهيئات البلدية اليهودية. وأقامت هذه اللجان نوادي خاصة نظمت نشاطات ترفيهية منوعة لعشرات آلاف الجنود الأجانب، وبضمنهم ضباط وأفراد شرطة. وزار هذه النوادي التي انتشر معظمها في تل أبيب، وكانت الفتيات يشكلن العنصر الأساسي في عملها، أكثر من عشرين ألف جندي بريطاني وأجنبي بالمتوسط في الشهر الواحد.
وتثبت الوقائع أن الدائرة السياسية في الوكالة اليهودية كانت الجهة المنفذة والموجهة لـ"شؤون الضيافة" هذه، من ألفها إلى يائها.
ليس هذا التأييد الحقيقة السوداء الوحيدة في ماضي الصهيونية، بل ثمة كثير مثلها مما لا يزال خاضعًا للتكتم، ومنها رعاية "منظومة دعارة"، بالأساس في مدينة تل أبيب، بهدف "خطب ودّ" الجنود الأجانب.
وبموجب ما تؤكد دراسةٌ بهذا الخصوص، أعدتها الباحثة دانييلا رايخ من جامعة حيفا قبل أكثر من عشرة أعوام، كانت تل أبيب، في ثلاثينيات القرن العشرين وأربعينياته، مدينة صاخبة تعج بالحفلات الماجنة، حيث انتشرت عشرات النوادي الليلية، ومئات المقاهي والمطاعم، في أكثر من 11 شارعًا رئيسيًا في المدينة، بخلاف جزيرة قبرص المجاورة التي احتوت وقتذاك على عدد قليل من أماكن اللهو والترفيه، ذات المستوى المتدني. وكان هناك نحو مائة ألف جندي بريطاني وأسترالي، وغيرهم من عساكر الدول الأجنبية الذين خدموا في فلسطين التي كانت خاضعة لحكم الانتداب البريطاني وشكلت، في ذلك الوقت، إبان الحرب العالمية الثانية، بمثابة "ملاذ خلفي" لجبهة الحرب في الشرق الأوسط. وبحث هؤلاء في أثناء "استراحة المقاتل" عن فرصة للمتعة والترفيه، ولم يواجهوا مشقةً كبيرة في الوصول إلى مبتغاهم، إذ وجدوا رهن إشارتهم نحو خمسة آلاف "مضيفة" يهودية مستعدّات، بإيعاز وتشجيع من مؤسسات الحركة الصهيونية، مثل الوكالة اليهودية، لاستقبال هؤلاء الجنود واستضافتهم.
تكتب رايخ في دراستها أن "دور النساء اليهوديات بشكل عام لا حضور له في الرواية التاريخية، وقصة الفتيات اللاتي أقمن علاقات مع الجنود الأجانب، بشكل خاص، لم يرد لها أي ذكر على الإطلاق في هذه الرواية". وتذكر أن تل أبيب شهدت، في فترة الأربعينيات، ازدهارًا كبيرًا في أقدم المهن (الدعارة)، في ظل وجود أعداد كبيرة من الجنود الأجانب في المدينة من جهة، ومن جرّاء الوضع الاقتصادي الذي واجهته المهاجرات الجدد، وبنات العائلات اليهودية الفقيرة من جهة أخرى. وفي سبتمبر/ أيلول 1943، نُشر تقرير في صحيفة أميركية ذُكر فيه أن معدّل عدد المومسات للفرد الواحد في تل أبيب هو الأعلى في العالم، مقارنة مع أي مدينة حلّ فيها جنود أجانب.
اشتكى ضباط بريطانيون، في تلك الفترة، من أنهم لا يستطيعون الدخول إلى أماكن ترفيه ولهو من دون الاصطدام بـ"نساء مريبات" يتمادين في مداعباتهن لهم. وأبدى قادة الجيش البريطاني، بشكل خاص، انزعاجهم من ازدياد أعداد جنودهم الذين أصيبوا بأمراض جنسية في تل أبيب (250 إصابة)، ما اضطر سلطات هذا الجيش في 1945 إلى افتتاح معهد طبي خاص في المدينة، لإجراء فحوصات للجنود الذين ارتادوا دور الدعارة.
وتورد الباحثة وقائع تثبت أن زعامة الحركة الصهيونية في فلسطين شجّعت ودعمت إقامة مزيد من أماكن الترفيه واللهو اليهودية، لتلبية حاجات الأعداد المتزايدة من الجنود الأجانب المتدفقين في فترة الحرب العالمية الثانية. وسعت هذه الزعامة إلى استغلال العلاقة مع الجنود الأجانب لأغراض النشاط الدعائي للمشروع الصهيوني، أملًا في تحوّل هؤلاء الجنود إلى سفراء للنيات الحسنة لدى عودتهم إلى بلدانهم، فوجدت أن "بنات إسرائيل" الحسناوات والمثقفات هن خير من يقمن بهذه المهمة. وتحقيقًا لهذا الغرض، أقيمت في المستعمرات اليهودية "لجان ضيافة" جرى تمويلها من المؤسسات القومية والهيئات البلدية اليهودية. وأقامت هذه اللجان نوادي خاصة نظمت نشاطات ترفيهية منوعة لعشرات آلاف الجنود الأجانب، وبضمنهم ضباط وأفراد شرطة. وزار هذه النوادي التي انتشر معظمها في تل أبيب، وكانت الفتيات يشكلن العنصر الأساسي في عملها، أكثر من عشرين ألف جندي بريطاني وأجنبي بالمتوسط في الشهر الواحد.
وتثبت الوقائع أن الدائرة السياسية في الوكالة اليهودية كانت الجهة المنفذة والموجهة لـ"شؤون الضيافة" هذه، من ألفها إلى يائها.