وأوضح التحقيق، الذي نشره اليوم موقع "وللا"، أنه بعد نفي الولايات المتحدة في حينه المسؤولية عن تنفيذ الغارة، فإنه يرجح أن تكون إسرائيل هي من تقف وراء الهجوم، مشيرا إلى أن الهجوم هدف إلى ردع طهران عن مواصلة بناء ممر بري يربط إيران بسورية ولبنان ويمر عبر العراق.
ولفت التحقيق إلى أن "خطأين" أقدم عليهما سليماني ساعدا على تحديد موقع المبنى، الذي كانت مليشيا "النجباء"، التي تعد أحد المركبات الرئيسية في "الحشد الشعبي" تتخذه مقرا لها، ويزوره سليماني في فترات متقاربة، بهدف تنظيم مسألة تدشين الممر البري.
ونبّه إلى أن الخطأ الأول تمثل في أن التلفزيون الإيراني عرض، قبيل الهجوم، بطاقة كتبت بيد سليماني ووجهت إلى مالك المبنى في مدينة البوكمال، الذي سيطرت عليه المليشيات الموالية لإيران، يعتذر فيه سليماني عن هذه الخطوة، حيث أشار التحقيق إلى أن سليماني قد كتب في ذيل البطاقة رقم هاتفه الشخصي.
وأضاف التحقيق أن الخطأ الثاني الذي وقع فيه سليماني تمثّل في سماحه لعناصر من "قوات النجباء" بالتقاط "صورة سلفي" معه، في أعقاب تمكّن المليشيات من السيطرة على البوكمال وطرد تنظيم "داعش" الإرهابي منها.
وأشار التحقيق إلى أنه تم رصد تحركات قام بها كل من سليماني ونائب قائد "الحشد الشعبي" جمال جعفر محمد، المعروف بـ"أبو مهدي المهندس"، بعد توافقهما على تنفيذ مخطط تدشين الممر البري، كاشفاً أن الإثنين زارا معا عدة مرات البوكمال السورية.
ولفت التحقيق إلى أن سليماني قرر فتح الممر البري ليكون مسارا لنقل الإمدادات والسلاح للمليشيات في سورية ولـ"حزب الله" في لبنان، بحيث يمر المسار بمدينة البوكمال ثم يتجه إلى دير الزور، ومنها إلى دمشق.
وحسب معدّي التحقيق، فإن سليماني معنيّ بأن يتم استئناف العمل في المعبر الحدودي في البوكمال، لا سيما السماح بالأنشطة التجارية والاقتصادية، على اعتبار أن مثل هذا التطور يجعل الأجهزة الاستخبارية الأجنبية تجد صعوبة كبيرة في التمييز بين البضائع والأسلحة التي تمر من المعبر.
وأشار التحقيق إلى أن إسرائيل معنية تماما برصد تحركات سليماني؛ لأنه المسؤول عن الأنشطة العسكرية خارج حدود إيران، إلى جانب أنه يقود بشكل مباشر القوات العسكرية التي تتمركز خارج الحدود، فضلا عن علاقته الوثيقة بالمرشد الإيراني، علي خامنئي.
ونقل الموقع عن ضابط كبير خدم في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" قوله: "في كل مكان ينشط الإيرانيون وتنجم مشكلة ما، يتقدم سليماني لمواجهتها"، مشيرا إلى أن سليماني مسؤول عن تنظيم عمليات الدعم الموجه لـ"حزب الله"، والجهود الهادفة إلى إنقاذ نظام بشار الأسد، إلى جانب مسؤوليته المباشرة عن التدخل في العراق.
ورأى أن مكانة سليماني العسكرية تفوق مكانة قائد الحرس الثوري ورئيس هيئة أركان الجيش في إيران، بسبب العلاقة الخاصة التي تربطه بخامنئي، مشيرا إلى أن سليماني يبذل حاليا جهودا كبيرة للتأثير على الواقع في العراق، وأن تأثيره هناك كبير جدا.
ولم يستبعد التحقيق أن تكون إسرائيل قد تلقّت إذنا من الإدارة الأميركية بتنفيذ الغارة في البوكمال، لتكون رسالة إلى سليماني.