موسيقى بديلة لمجتمع بديل (3 -3)

02 ابريل 2017
(فرقة مشروع ليلى/ فيسبوك)
+ الخط -

هل تُلائم الموسيقى البديلة المجتمع العربي الذي نعيش فيه؟ وهل تعبّر القضايا التي تتبنّاها فرقُ الموسيقى البديلة عن قضايا الإنسان العربي المعاصر؟

علينا في البداية أن نؤكّد على قضية تاريخية مهمّة، وهي تزامن اهتمام مراكز الإعلام بالموسيقى العربية البديلة مع ربيع الثورات العربية، على الرغم من أن تاريخ تأسيس العديد من هذه الفرق يعود لما قبل سنة 2010؛ فبسبب اهتمام الإعلام العربي المفاجئ للهوامش، كان الاهتمام بهذه الفرق والجماعات الموسيقية المغمورة أمرًا لازمًا، فأوجدت العديد من البرامج المهتمّة بهذا النوع من الموسيقى دفعةً واحدة، وصدرت بعض الفرق البديلة لتنال شهرة عربية، وتم التعامل معها باعتبارها الفن البديل القادر على مواكبة تطلّعات جيل الثورة، وأهمّ هذه البرامج، برنامج "البرنامج" للإعلامي المصري باسم يوسف، والذي خصّص فقرة فنية يختم بها "برنامجه التحريضي"، واستضاف فيها فنانين وفرقاً مغمورة من بلدان عربية مختلفة، ليبدو وكأنه يبحث عن فنٍ بديل لمجتمع بديل؛ ولكن سرعان ما أنهى يوسف برنامجه بطريقة دراماتيكية، وتركت البرامج الفنية مهمّة البحث عن الموسيقيين المغمورين، لتعود هذه الفرق إلى المسارح تبحث عن الجمهور.

ومن الممكن أن نصنف الموسيقى البديلة بأربعة أنواع، بحسب معيار الجمهور المستهدف وأسلوب التسويق:


1- فرق تستهدف الجمهور الغربي:
تحاولُ بعض فرق الموسيقى البديلة أن تنتج موسيقى شرقية يغلب عليها طابع الأصالة، لتلبّي المسعى الجمالي للمستشرقين، الغربيين منهم والشرقيين؛ فاتّجهت بعض الفرق والمغنين لإنتاج الموسيقى الصوفية الأصيلة أو المحدثة، مثل ظافر يوسف وعبد الرحمن محمد وفرقة "ابن عربي" وغيرهم، كما اتجهت بعض الفرق والمغنين للفولكلور وعملت على تحديثه وأنتجت أعمالًا جديدة بروح الفولكلور، مثل ريما خشيش وغادة شبير وغيرهما، واكتفت بعض الفرق بإعادة عزف الأغاني الفولكلورية كما هي في حفلاتها، بالإضافة لأغاني عرابي الموسيقى البديلة العربية الشيخ إمام والسيد درويش، مثل فرقة "الصعاليك" وفرقة "نول" وغيرهم.


2- فرق تستهدف المهمّشين:
تلتزم بعض الفرق بقضايا إنسانية، وتضع قضية نشر الوعي الاجتماعي كهاجس لها، أو كمبرّر لعملها؛ ويعتمد هذا النوع من الفرق على المنظّمات غير الحكومية بالتسويق له، وأحيانًا تجلب لهم الجماهير من المخيّمات، وتقدّم فعالياتها بعد مقدمة طويلة من الخطابات الإنسانية، وتدّعي أحيانًا بأنها تحاول أن توصل صوت المهمّشين بطريقة فنية، مثل ما فعل مايك ماسي بأغنية "كرمالي" التي ادّعى أن كلماتها كُتبت من قبل نساء تعرضن للاغتصاب، ومثل فرقة "بنت المصاروة" التي تروي قصص فتيات معنّفات، وتعقبها بوصلات غنائية؛ وعادةً ما يكون حضور هذه الحفلات مجانياً، ويتمّ دفع نفقات الفنان وأتعابه من خلال التمويلات الأجنبية للمشاريع الإنسانية في أوطاننا.


3- فرق تستهدف الشباب المتحمّس للقضايا السياسية:
تستثمر بعض الفرق والمغنين حماسة الشباب للقضايا السياسية لتصنع جمهورًا لها، فقد أطلقت العديد من الفرق والمغنين أغاني سياسية بالتزامن مع ثورات الربيع العربي، مثل فرقة "كايروكي" وفرقة "مشروع ليلى"، ولكن هذه الفرق سرعان ما تراجعت، وتحدّد شكل الأغنية السياسية بنمط "الراب"، ولا تزال حتى اليوم حفلات مغني "الراب" مثل الراس، والسيد درويش، وبو كلثوم، تستقطب شريحة واسعة من الجمهور.


4- فرق تستهدف المجتمع البديل:
حاولت بعض الفرق الموسيقية أن تتوجّه إلى شريحة خاصة من المجتمع، تلك الشريحة التي ترفض هويتها العربية، وتحاولُ بشكل مستمرّ أن تتنكّر للمجتمع الذي تعيش فيه وتتقلّد بالمجتمعات الغربية، فقدّمت موسيقى منسلخة عن الموسيقى العربية بشكل كامل، وكأنها امتداد للموسيقى الغربية باللغة العربية، وغالبًا ما تُحاكي قضايا وقيم متعالية على المجتمعات العربية، مثل فرقة "مشروع ليلى" التي تبنت قضايا المثلية الجنسية واضطهادها في المجتمع العربي.

المساهمون