موسم بن مشيش الديني: الصوفية في خدمة التنمية

12 يوليو 2017
يتوقع أن يتحول الموقع إلى أكثر الأمكنة زيارة(العربي الجديد)
+ الخط -
على مدار ثلاثة أيام متواصلة نظمت نقابة الشرفاء العلميين بالمغرب موسماً دينياً لإحياء ذكرى القطب الصوفي، عبد السلام بن مشيش، مؤسس المدرسة المشيشية الشاذلية تحت شعار "السلم والتسامح في خدمة التنمية".
الموسم السنوي الشهير حمل قيماً صوفية بحتة، أرادت أن تؤكد فيها المدرسة الصوفية الشاذلية على قيم التعايش والانفتاح والتسامح، بما يتوافق مع الخطاب الديني الوسطي الذي تقوده المغرب في أفريقيا وأوروبا. محلياً، يقوم الموسم على ما يُسّمى "صلة الرحم" مع أهالي المنطقة وصولاً إلى قبائل الصحراء. يقول نبيل بركة، مدير اللجنة المنظمة للموسم، لـ"العربي الجديد": "تعتبر الفعالية حفلاً دينياً أسسه جدّي محمد بركة منذ 150 عاماً تقريباً، ينطلق على أساس صلة الرحم بين القبائل الشمالية الواقعة حول الضريح وبين مريدي المدرسة الشاذلية- المشيشية بالمغرب وخارجه، فضلاً عن القبائل الصحراوية في صحراء المغرب وهذا تأكيد على الرسالة الاجتماعية والوطنية التي ينادي بها الموسم".

يذكر بركة أن "الزوار قديماً كانوا يحجون لجبل "العلم" على أقدامهم أو باستخدام البهائم لساعات طويلة نيلاً لبركة المكان أو التبرك وقراءة القرآن والأذكار والمدائح النبوية، ولم تنقطع قراءة القرآن منذ القرن 12 هجري". وحول زيارة القبائل الصحراوية قال مدير اللجنة التنظيمية: "يتخذ الموسم بعداً وطنياً. عندما أسس نقيب الشرفاء العلميين هذه الفعالية كان يطلب من الإدارة البرتغالية المستعمرة حضور العائلات الصحراوية للمكان تأكيداً على صلة الرحم ووحدة المغرب".
نال الإمام أبو حسن الشاذلي الصلاة المشيشية عن شيخه عبد السلام بن مشيش، وأسس بعدها أكبر مدرسة روحانية "الشاذلية المشيشية" وصلت دول أفريقية والمغرب العربي ومصر والمشرق إلى الهند تقريباً بعد أن حصل على "القطبانية" في مصر، واسمه "الشاذلي" نسبة للشاذلة في تونس. يقول بركة: "حافظ الموسم على ترسيخ قيم التصوف وأساسها المحبة للعبادة والعمل والانفتاح والالتزام بوصايا الشيخ عبد السلام بن مشيش، انتقلت بين الأجيال بحيث نرى أن الشباب أيضاً من زوّار المقام رغم اختلاف أهدافهم من الزيارة".

شمل برنامج الموسم ندوات نقاش حول دور التصوف في التنمية، وفعاليات روحانية على غرار "ختم سلك من القرآن"، والذكر والمدح النبوي" و"الهيبة الملكية" وهي فعالية رئيسية تقدم فيها هدية من العاهل المغربي للمشرفين على الزاوية رمزاً للعناية بالبعد الروحي للبلاد، إضافة إلى فقرات عكست الموروث المحلي مثل معرض للمنتجات الجبلية وأشهرها المنديل والشاشية، لباس المرأة التقليدي، وحضور فرق فنية للحضرة العيساوية والطقطوقة الجبلية. يقول بركة: "ينتعش الجانب الاقتصادي والاجتماعي خلال الموسم لأهالي المنطقة الجبلية التي تسقط فوقها الثلوج بكثافة، يبيع الأهالي منتجاتهم المحلية وتروج الحركة التجارية للمحلات والمطاعم والمقاهي، أمّا بقية العام تظلّ الحركة راكدة ولا يوجد بديل لفرص العمل"، مردفاً: "استطاع الموسم أن يشجع السياحة الروحية للمكان، يأتي الناس بدافع الإيمان والبحث عن صفاء الروح والمعاملة الطيبة".

يتطلع منظمو الموسم الروحي إلى "تأهيل المنطقة خدماتياً بشكل يستطيع استيعاب الزوار، كإقامة الفنادق وأماكن لركن السيارات للانفتاح بشكل أكبر على العالم". يقول بركة: "نطالب الحكومة المغربية بتسليط الضوء على موقع "مولاي عبد السلام" لإقامة تجهيزات تستوعب الكمّ الهائل للزوار، يوجد أكثر من 300 ألف محبّ للشيخ حول العالم يطمح لزيارة المكان لكنّ طاقته الاستيعابية ضعيفة" ويتوقع بركة أن يتحول المكان "للموقع الأكثر زيارة بعد مكة والمسجد الأقصى". كذلك يعمل المنظمون على "نشر الطريقة الشاذلية- المشيشية عبر إطلاق موقع يتحدث بلغات مختلفة". يقول بركة في هذا الصدد: "نحاول أن نقدم للزوار العلم ضد التطرف والتعرف على الصوفية التي يجهلها كثيرون والانفتاح والحوار مع السلفيين والوهابيين، الصوفية لا تكتمل إلّا بالعلم والشريعة لأنّ الإسلام الصوفي ليس بدعة".



دلالات
المساهمون