موسم التخفيضات لا يحرك ركود الأسواق في تونس

11 فبراير 2018
ركود في الأسواق التونسية (فرانس برس)
+ الخط -


في نهج محمد علي، أحد أشهر أماكن العاصمة تونس، المختصة في بيع الأقمشة والمنسوجات، تزدحم الحركة ويقف العابرون طويلا أمام واجهات المحلات، ولكن التجار يرون أن الوضع أشبه بالضجيج بلا طحين، بسبب قلة المبيعات رغم الانطلاقة المبكرة لموسم التخفيضات الشتوية.

وبحسب القانون فإن موسم التخفيضات ينطلق عادة في النصف الثاني من شهر فبراير/ شباط الجاري، غير أن غرفة المنسوجات والملابس قررت البدء مبكرا ليحل في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، بهدف تنشيط الحركة التجارية وإفساح المجال أمام العائلات التونسية لاقتناء احتياجاتهم قبل انقضاء فصل الشتاء.

ويقر محسن بن ساسي، رئيس الغرفة الوطنية للملابس الجاهزة والأقمشة بسوء تقدير المهنيين لنتائج موسم التخفيضات، مؤكدا أن النتائج المحققة بعد أكثر من 3 أسابيع ضعيفة جداً.

ويقول بن ساسي في حديث لـ"العربي الجديد"، إن غرفة تجار المنسوجات والملابس الجاهزة، درست تقديم موعد التخفيضات مع وزارة التجارة، وكانت تأمل أن يتمكن التجار من تدارك الموسم وخلق حركة تجارية في الأسواق تزامنا مع العطل المدرسية غير أن النتائج كانت مخيبة للأمال.

وعن أسباب فشل موسم التخفيضات يوضح بن ساسي، أن هناك العديد من العوامل التي أدت إلى هذا الوضع، منها ما يتعلق بسلوك التجار أنفسهم، فالبعض منهم لا يحترمون قوانين التخفيضات ويعمدون إلى عرض منتجات تعود إلى مواسم ماضية، ما يقطع حبل الثقة بين التاجر والمستهلك.

ويشير إلى ضرورة إرساء تقاليد جديدة لموسم التنزيلات على غرار كبار العواصم الأوروبية، التي تحول هذا الموعد إلى مهرجان تسوق يحقق فيه التجار أرباحاً مهمة، مضيفا أن الوضع الاقتصادي في البلاد وجيوب التونسيين المنهكة من غلاء المعيشة ساهما كذلك في ركود المبيعات.


وتجيز القوانين التجارية في تونس تنظيم موسم التنزيلات في مناسبتين في السنة الأولى في بداية شهر فبراير/شباط، تستمر 6 أسابيع، والثانية في منتصف يوليو/تموز أو بداية أغسطس/آب، حسب ما يقرره التجار بالاتفاق مع وزارة التجارة، ويستمر أيضا 6 أسابيع مع إمكانية تمديده أسبوعين أو أكثر.

وبين غزو تجارة الشنطة وإغراق الأسواق بالسلع الموازية، التي تعرض على قارعة الطريق يحاول أصحاب المحلات والأنشطة التجارية الرسمية التقاط لقمة عيشهم من فكي الكماشة التي أطبقت على القطاع التجاري في تونس، فيما يظل موسم التخفيضات رغم الفشل المناسبة الأهم للتجار لإغراء التونسيين.

وبالرغم مما يعرف عن التونسيين بالاهتمام بمظهرهم وحبهم لمواكبة الموضة، إلا أن ارتفاع كلفة المعيشة وتراجع قيمة الدينار وفرض ضرائب جديدة باتت تقلل من سنة إلى أخرى إقبالهم على شراء الملابس.

ويرى لطفي الرياحي، رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك، فشل موسم التخفيضات بتزامنه مع فترة الامتحانات التي ترتفع فيها نفقات الدروس الخصوصية، مشيرا في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن الدروس الخصوصية في فترات الامتحانات تأتي على أكثر من 30% من النفقات العائلية، مما يؤثر سلباً على القدرة الشرائية للتونسيين ويدفعهم لتقديم المهم على الأهم.

ويقول الرياحي إن بعض الزيادات التي جاءت في قانون المالية استغلها البعض لرفع الأسعار بما يفوق القدرة الشرائية للكثير من التونسيين حتى بعد إقرار التخفيضات، مشيرا إلى أن المضاربين والكيانات التجارية الكبرى باتت تتحكم في الأسعار، خاصة أن أكثر من 80% من المنتجات تخضع لنظام تحرير الأسعار، وهو ما يستغله التجار.

وبحسب بيانات رسمية للمعهد الوطني للإحصاء (حكومي)، سجل مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي ارتفاعا بنسبة 0.4% خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، مقارنة بالشهر السابق عليه، حيث صعد مؤشر مجموعة الملابس والأحذية بنسبة 1.3%.

ومطلع العام الجديد، شهدت الأسعار في تونس زيادات في العديد من القطاعات، طاولت أساساً المحروقات، والعديد من المنتجات، تفعيلًا للإجراءات التي تضمنتها الموازنة من أجل الحد من العجز المالي.

وأقر البرلمان موازنة تقدر بنحو 14.55 مليار دولار للعام الجاري، تضمنت العديد من الإصلاحات الضريبية التي طاولت الشركات والأشخاص بدأ العمل بها في الأول من يناير/ كانون الثاني 2018.

واعتبرت بعض القوى الشعبية والأحزاب المعارضة أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تطبقه الحكومة يأتي في إطار الاستجابة لإملاءات صندوق النقد الدولي.

وواجهت الحكومة ضغوطاً شعبية متزايدة لإحداث تعديلات بالموازنة، واندلعت احتجاجات في عدد من محافظات البلاد أوائل العام الجاري بسبب موجة الغلاء الأخيرة.

المساهمون