موسكو تتهم واشنطن بحماية "النصرة"...والمعارضة تصد النظام بمحيط دمشق

27 يونيو 2017
"سورية الديمقراطية" تسيطر على حي القادسية بالرقة(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
تحتدم المعارك على جبهات عدة في الأراضي السورية عشية اجتماع أستانة المقرر في الرابع من الشهر المقبل. ومن القنيطرة في الجولان المحتل إلى منطقة البادية، مروراً بدمشق ووصولاً إلى الرقة، ازدادت وتيرة التصعيد العسكري، وكأن الأطراف المعنية بالصراع السوري تسعى لتثبيت مكاسب ميدانية لتستثمرها على طاولة مفاوضات أستانة، في الرابع من الشهر المقبل. وقد تجدد القصف الإسرائيلي في مدينة القنيطرة التي تشهد هي ومناطق محيطة بها، مواجهات مسلحة بين قوات النظام وفصائل المعارضة. كذلك، هاجمت قوات النظام السوري، في محيط دمشق، مواقع للمعارضة التي شنت بدورها هجوماً ضد النظام في البادية السورية، فيما تواصل "قوات سورية الديمقراطية" تقدمها في الرقة ضد تنظيم "داعش".

وفيما أعلنت وزارة خارجية كازاخستان موافقة كل من روسيا وتركيا وإيران والأردن على المشاركة في اجتماع أستانة المقبل بشأن الأزمة السورية، يوم الرابع والخامس من يوليو/تموز، أعرب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عن أمله بنجاح هذا الاجتماع في توضيح الرؤية المشتركة حول مناطق تخفيف التوتر. وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي عقده أمس الإثنين بموسكو، مع نظيره الإثيوبي، وركنيه غيبيهو، إن العمل جارٍ على مستوى الخبراء لتوضيح جميع التفاصيل الفنية المتعلقة بـ"مناطق تخفيف التوتر". وذكر أن تنسيق هذه التفاصيل أمر ضروري لتفعيل هذه الرؤية على الأرض. واعتبر الوزير الروسي أنه منذ الإعلان عن قرار إقامة تلك المناطق، شهد الوضع في الأراضي المشمولة بالاتفاق، تحسناً ملحوظاً وانخفاضاً لمستويات العنف. وعبّر لافروف عن أمله في أن تؤثر الجولة المقبلة من المفاوضات إيجابياً على الجهود المشتركة لتسوية الأزمة السورية، إضافةً إلى المساعدة في دفع المفاوضات السورية في جنيف إلى الأمام، وفق قوله.

ومن جهة أخرى، اتهم وزير الخارجية الروسي الولايات المتحدة بأنها تحمي "التنظيمات الإرهابية" مثل "جبهة النصرة" من الضربات الجوية. وقال "ظهرت خلال الأيام القليلة الماضية دلائل جديدة على محاولات تجنيب جبهة النصرة بحلتها الجديدة الضربات". وأضاف "نعتقد أن هذه لعبة خطيرة للغاية ويجب وضع حد لها"، مؤكداً أنه "يجب وضع أي معايير مزدوجة وأفكاراً أو مخططات مخفية جانباً من أجل محاربة الإرهاب بلا هوادة"، وفق تعبيره. وأضاف لافروف أن بلاده لا تزال واثقة من أن المخرج الوحيد من الأزمة الحالية يكمن في تشكيل جبهة موحدة هدفها الحقيقي هو محاربة الإرهاب. وذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يدعو إلى تشكيل مثل هذه الجبهة منذ وقت طويل، لكن هذا العمل يواجه عراقيل "يضعها أولئك الذين يسعون للاصطياد في الماء العكر"، على حد تعبيره.

وقد استهدفت إسرائيل لليوم الثالث على التوالي مواقع لقوات النظام السوري في مدينة القنيطرة الحدودية. وقال الناشط معاذ النعيمي، الموجود في القنيطرة لـ"العربي الجديد"، إن قذائف أطلقها الجانب الإسرائيلي استهدفت "مفرزة الجسر" في ريف القنيطرة، ما أدى إلى مقتل عنصرين من قوات النظام وإصابة ثلاثة، وذلك رداً على سقوط قذائف في الأراضي المحتلة من الجولان السوري المحتل. وكان الطيران الإسرائيلي قد استهدف مواقع قوات النظام والمليشيات الموالية له في كل من معسكر "نبع الفوار" شمال القنيطرة، و"تل الشحم"، ما أدى إلى تدمير مرابض مدفعية، كما استهدف في يوم سابق مواقع قوات النظام في سرية "جبيل" ومحيط مدينة خان أرنبة، ما أدى لتدمير دبابتين لقوات النظام. وأوضح النعيمي أن الاشتباكات لا تزال مستمرة بين قوات النظام والمعارضة في المدينة، حيث نجحت الأخيرة في صد هجمات قوات النظام لاستعادة ما خسرته في محيط مدينة البعث. وأشار إلى أن فصائل المعارضة استهدفت بقذائف الهاون مواقع النظام في منطقة حرفا بجبل الشيخ بريف دمشق الغربي بينما استهدفت مدفعية النظام منطقتي بيت جن والزيات.

وحول الأسباب التي دفعت المعارضة إلى فتح معركة في القنيطرة في هذا الوقت، بعد هدوء طويل نسبياً، رأى النعيمي أن الهدف الأول هو تخفيف الضغط عن مدينة درعا التي تتعرض لهجوم مكثف لقوات النظام منذ 20 يوماً، إضافة إلى إرباك خطط النظام لفتح معركة في منطقة "مثلث الموت" (الواقعة على تقاطع حدود ريف دمشق ودرعا والقنيطرة) حيث تحشد قوات النظام السوري تعزيزات كبيرة مع حضور قوي لعناصر حزب الله والمليشيات الأخرى. وأضاف أن الهدف الثالث لهذه المعركة هو محاولة وقف الاستقدام المكثف لمليشيات حزب الله وإيران إلى القنيطرة، حيث باتت المدينة تحت سيطرة الحزب تقريباً. ولفت إلى أن هذا الحضور المكثف لحزب الله قد يكون أثار قلق إسرائيل أيضاً، والتي كثفت في الآونة الأخيرة من استهداف مواقع الحزب وقوات النظام في القنيطرة بغية توجيه رسالة للأخيرة بأنها هي المسؤولة عن سقوط القذائف "الشاردة" في الجزء المحتل من الجولان، وكذلك عن استقدام مقاتلي حزب الله إلى المنطقة، وما يقومون به من تحصينات وحفر أنفاق في القنيطرة استعداداً كما يبدو لأية سيناريوهات مستقبلية مع إسرائيل.


وأعلنت صفحات موالية للنظام مقتل رئيس فرع سعسع، العقيد طارق علي حمود، خلال الاشتباكات مع الفصائل المعارضة في مدينة البعث بالقنيطرة. ويعتبر حمود صديقاً مقرباً من رئيس النظام، بشار الأسد، إذ نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة قديمة تجمعه مع الأسد. واعترفت مواقع مقربة للنظام بمقتل 93 عنصراً من قوات النظام والمليشيات الداعمة له، بعد 48 ساعة من هجوم مقاتلي المعارضة على مدينة البعث، وسيطرتهم على نقاط عسكرية داخل المدينة. وفي جنوب البلاد، قصف طيران النظام الحربي والمروحي محيط مدينة درعا بعدد من البراميل المتفجرة، كما طاول القصف بلدات طفس وصيدا والنعيمة واليادودة، ما أسفر عن سقوط جرحى وأضرار جسيمة في ممتلكات المدنيين.

وتصاعدت المواجهات في دمشق ومحيطها، حيث شنت قوات النظام مدعومة بمليشيات أجنبية ومحلية، هجوماً عنيفاً على مدينة عين ترما شرق العاصمة دمشق، تخلله قصف مدفعي وجوي كثيف. وأوضحت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن فصائل المعارضة أبدت مقاومة شديدة في محور عين ترما، بالتزامن مع اشتباك متقطع في الأطراف الشرقية من حي جوبر حيث تحاول قوات النظام استنزاف المعارضة في أكثر من جبهة على طول المتحلق (الجسر) الجنوبي، بهدف قضم كل منطقة على حدة ما يسهل عليها حصار حي جوبر وفصله عن الغوطة الشرقية. وأعلنت فصائل المعارضة عن صدّ الهجوم على جوبر الذي تزامن مع قصف للمقاتلات الحربية، مؤكدةً تكبيد قوات النظام خسائر في الأرواح والعتاد.

وارتفعت وتيرة المعارك بين قوات المعارضة والنظام السوري في جبهات البادية السورية وشرق دمشق، حيث يحاول كل طرف تحقيق تقدم على حساب الآخر. وشنّت فصائل في "الجيش السوري الحر" هجوماً مباغتاً ضد قوات النظام والمليشيات المساندة لها في ريف دمشق الشرقي، أسفر عن تحقيق تقدم لقوات المعارضة. وقال الناطق باسم فصيل "جيش أسود الشرقية"، سعد الحاج، لـ"العربي الجديد" إن قوات المعارضة استعادت السيطرة على بلدة رجم الصريخي في منطقة بير قصب، ودمرت دبابة لقوات النظام من طراز "تي 72" وعدة آليات، بينما ردت قوات النظام بقصف جوي لمناطق المعارضة بالقنابل الفراغية والعنقودية والنابالم الحارق ومادة الفسفور. وأوضح الحاج أن هذه المنطقة تربط بين ريف دمشق الشرقي وريف السويداء الشرقي، وهي قريبة من عدة مواقع عسكرية للنظام مثل المحطة الحرارية "سانا"، والتي تحولت إلى ثكنة عسكرية وغرفة عمليات للمليشيات الأجنبية، ومن مطار خلخلة العسكري.

وسيطرت قوات النظام على منطقة الضّليعيات بريف حمص الشمالي الشرقي على مقربة من الحدود الإدارية بين محافظة حمص ومحافظة دير الزور، بعد انسحاب تنظيم "داعش" منها. وكانت أنباء أخرى قد أشارت إلى انسحاب قوات النظام في بادية الحماد جنوب دير الزور، بعد غارات من طيران مجهول على مواقعها. وتمكنت قوات النظام، مدعومةً بمليشيات أجنبية وإسناد جوي روسي، في الآونة الأخيرة، من التقدم إلى عمق البادية السورية والوصول إلى الحدود السورية العراقية بريف دير الزور الجنوبي الذي شهد أمس سقوط مزيد من القتلى، جراء قصف جوي استهدف منزلاً لعائلة نازحة من الرقة في مدينة القورية، ما أسفر عن مقتل عشرة من أفرادها أغلبهم من النساء والأطفال. ومع هذا القصف يرتفع عدد القتلى في مدينة دير الزور إلى 20 قتيلاً مدنياً خلال 24 ساعة.

وسقط قتلى مدنيون جراء قصف لطائرات "التحالف الدولي" على مدينة الرقة. وذكر الموقع الإلكتروني "الرقة بوست"، أن طيران "التحالف" استهدف عدة أحياء سكنية في مدينة الرقة، ما أوقع 3 قتلى وعشرات الجرحى، وسط أوضاع إنسانية صعبة يعيشها الأهالي.

وأعلنت "قوات سورية الديمقراطية" سيطرتها على حي القادسية في مدينة الرقة بعد اشتباكات مع تنظيم "داعش". وكانت هذه المليشيات قد أعلنت سيطرتها على أربعة أحياء في المدينة، إضافة إلى مقر عسكري ومعمل وقلعة تاريخية وساحة، خلال عشرة أيام من المعارك في المدينة ومحيطها، ليكون القادسية هو الحي الخامس الذي تنتزعه من قبضة التنظيم. كما أعلنت "قوات سورية الديمقراطية" أمس، سيطرتها على بلدة الكسرة بريف الرقة بعد مواجهات مع "داعش"، إضافة إلى قرية الفريخ الواقعة على بعد ستة كيلومترات جنوب مدينة الرقة.