موريتانيّون يحلمون بكنوز الذهب

17 يناير 2015
استراحة بعد جولة من البحث عن كنوز الصحراء (Getty)
+ الخط -

في موريتانيا كنوز مدفونة في الصحراء. هكذا تقول الحكاية التي يصدّقها بعض أهل البلاد ويكذّبها آخرون. ويتناقل الموريتانيّون الأحاديث حول استخراج كنوز في مناطق مختلفة، وتسري شائعات عن أشخاص اغتنوا فجأة بعد رحلة في الصحارى.

قد تبدو الحكاية أشبه بأسطورة لا تصدّق. لكن توجّه القبائل قديماً إلى تخزين الأموال والأمتعة عبر دفنها في الأرض، يجعلها ممكنة.

وتبدأ الرحلة عندما يختار الباحثون عن كنوز الذهب مناطق عاشت فيها قبائل عُرفت بسلطانها وجاهها وثروتها الكبيرة. ومن بين هذه المناطق، يختارون أقلها عرضة للعوامل المناخيّة كالتعرية والفيضانات. وبعد انتهاء البحث والتقصي، تبدأ مرحلة تحديد موقع الذهب لتنطلق أعمال الحفر والتنقيب.

وتستلزم هذه المرحلة الاستعانة بأهل الخبرة، سواء الذين يملكون قدرات خاصة للكشف عن الآبار والمياه الجوفيّة والكنوز والمعادن تحت سطح الأرض، أو الذين يستخدمون طرقاً خفيّة لإظهار الكنز من خلال التعاويذ.

مغامرات

يخبر أحمد عبد الله ولد بياه (54 عاماً)، وهو راعٍ من سكان المنطقة الشرقيّة، أن ظاهرة البحث عن كنوز الذهب والحلي القديمة المطمورة في الأرض، انتشرت قبل نحو عشر سنوات بين الرحالة وهواة السفر إلى البادية. وقد عرفت هذه الظاهرة ازدهاراً بعد انتشار قصص عن أشخاص تحوّلت حياتهم من فقر إلى ثراء فاحش، إثر عثورهم على كنوز.

ويشير ولد بياه إلى أن المنطقتَين الشرقيّة والوسطى غنيّتان بدفائن لا تُحصى، إذ إنها كانت موطن قبائل تعتمد على تخزين أموالها وأمتعتها النفيسة في قلب الأرض. وهو ما دفع عدداً كبيراً من الباحثين عن الكنوز وحتى السحرة والمشعوذين، إلى البحث في داخلها وسؤال الناس عن معلومات تفيدهم.

يضيف الراعي الذي يعيش متنقلاً مع قطيع إبله وولدَيه، أنه استضاف في خيمته "عدداً من الباحثين عن الكنوز. وعلى الرغم من أنهم لم يفصحوا عن غايتهم، إلا أنني أكتشفها من الأسئلة التي كانوا يطرحونها. فهم كانوا يأملون في أن تكون الإجابات عنها مفتاحاً للكنز".

إلى ذلك، لا بدّ من الإشارة إلى أن اكتشافات سجّلت في مناطق عديدة في السنوات الماضية، تباينت ما بين ذهب وفضة. ويتداول القرويّون تفاصيلها في جلساتهم اليوميّة.

محمود ولد الشيخ المختار، (39 عاماً)، واحد من هؤلاء الذين يؤكدون وقائع استخراج الكنوز وأنها ليست مجرّد أقاويل. فيخبر أنه عاين مصوغات قديمة من الذهب الخالص لدى أحدهم. كذلك استمع إلى شاهد عيان أكد له حقيقة مغامرات الباحثين عن الكنوز.

قدرات خاصة

يعتبر بعض الموريتانيّين أن استخراج الدفائن ليس هواية أو لهواً، بل يتطلب قدرات خاصة وإلماماً ببعض الكتب القديمة. وتختلف الخطط المتبعة لاستخراج الكنز. فبعض المنقبين يتممون العمليّة في ليلة تمام البدر مستعينين بأشخاص لهم قدرات خاصة، ولا يملكون المال الكافي لإنجاز عمليّة البحث والحفر بأنفسهم. فتتمّ الصفقة باقتسام الكنز.

إلى هؤلاء، يلجأ السحرة والدجالون إلى استحضار الجنّ الذي يقودهم الى مكان الكنز، بحسب ما يدّعون، مستخدمين تعاويذ وقرابين.

من جهة أخرى، تختلف المدّة التي يقضيها الباحثون عن الكنز في العمليّة. فمنهم من ينجز حفريات بسيطة ويعثر على "كنزه" خلال أيام، ومنهم من يواصل البحث والنبش لأسابيع وأشهر من دون العثور على قطعة ذهب واحدة. وتجدر الإشارة إلى أن هؤلاء الأخيرين يفسّرون خيبتهم بأن الكنز محروس من الجنّ.

خرافات

وتضم الكنوز المكتشفة، بحسب ما يتداوله القرويون، مصوغات من الذهب الخالص وقطعاً من الفضة ومسكوكات نقديّة وأوانيَ من الفضة والحلي والعقيق وكتباً وجلوداً وألواحاً خشبيّة.

ويقول خبير الآثار، محمد ولد يسلم: "كثيرون هم الذين يتداولون قصصاً وأساطير عن كنوز في قلب الأرض، وعن نجاح بعض الأشخاص في استخراجها. لكن الأمر لا يعدو كونه خرافات وقصصاً خياليّة. فعلى الرغم من أن الأرض مليئة بالكنوز والذهب، إلا أن استخراجها صعب والحالات المسجلة تكون بمحض الصدفة".

وعن الآلات التي يستخدمها الباحثون عن الذهب، يقول ولد يسلم إنها عبارة عن أجهزة جيوفيزيائيّة تكشف الألغام والمعادن، لكنها لا تميّز ما بين الذهب وغيره من المعادن.

ويلفت إلى أن الشبكات المتخصصة في اقتفاء آثار الكنوز المخفيّة تقوم في بعض الأحيان بنبش القبور لاستخراج كنوزها، وهو ما يستدعي تشديد الرقابة عليها لوقف أنشطتها غير المشروعة.