تشهد العاصمة الموريتانية نواكشوط أزمة ارتفاع أسعار المساكن، تزامناً مع قرب بدء العام الدراسي الجديد وعودة سكان العاصمة من الإجازات، بسبب المضاربات التي يقوم بها ملاك المنازل المستأجرة والسماسرة.
وعاد بلاهى ولد أحمدو، إلى نواكشوط بعد شهرين في البادية ليخبره صاحب المنزل بأن الإيجار أصبح 50 ألف أوقية بدل 45 ألفا، ولم يكن أمام الرجل غير الاستسلام للأمر الواقع والقبول بالزيادة، نظرا لصعوبة الحصول على منزل مستأجر في هذا الوقت، على حد قوله لـ"العربي الجديد".
وليست أسعار المنازل وحدها ما يشكو منه المستأجرون، فعقود الإيجار شفهية وليست مكتوبة، خاصة في الأحياء الشعبية، وهو ما يعطي لملاك العقارات الأفضلية في تحديد الأسعار وطرد المستأجر في أي وقت.
ومع التوسع العمراني الكبير الذي شهدته نواكشوط، خلال العقد الأخير، وتوزيع الدولة آلاف القطع الأرضية، فإنّ أزمة السكن لا تزال في تصاعد بفعل الهجرة الواسعة من المدن الداخلية نحو نواكشوط، إضافة إلى غياب الخدمات الأساسية في العديد من الأحياء الجديدة كالماء والكهرباء والنقل، ما جعل السكان يفضلون استئجار منازل غير بعيدة نسبياً عن مركز المدينة وتتوفر فيها الخدمات الضرورية بشكل أكبر.
وحصل محمد سالم ولد إنله، على قطعة أرض عام 2010 في منطقة الترحيل بعرفات، وشيّد بيتا وبعض المرافق فيه، غير أنه بعد أشهر من السكن لم يستطع البقاء هناك بسبب بعده من المؤسسة الدراسية حيث يتابع أبناؤه تعليمهم، فانتقل إلى حي الداية 18 في عرفات، حيث يتوفر النقل إلى وسط المدينة.
وطالب محمد سالم، في حديثه لـ"العربي الجديد"، الدولة بمنحهم قطع أرض في مناطق صالحة للسكن وتتوفر فيها وسائل النقل والخدمات الصحية وسبل العيش الكريم.
ويعود إقبال الموريتانيين على السكن في العاصمة إلى ترهل الخدمات الصحية والتعليمية في المدن الداخلية، فضلا عن غياب فرص العمل. وتحولت نواكشوط، خلال العشرية الماضية، من عاصمة صغيرة إلى مليونية، بالموازاة مع ما يصفه المراقبون بـ"العشوائية" التي تطبع التعامل مع ملف الإسكان عبر ترخيص القطع الأرضية للقضاء على الأحياء العشوائية من دون توسيع خدمات الماء والكهرباء.
وفاقم التمدد العمراني لنواكشوط من مشاكل السكن بسبب الضغط على الخدمات الضعيفة أصلا، واستغل ملاك العقارات الإقبال على العاصمة من أجل رفع أسعار الإيجارات بشكل كثيف، خاصة خلال موسم الصيف، حيث يقبل المواطنون على العاصمة القريبة من الأطلسي هربا من الحرارة، كما ترتفع إيجارات المنازل مع بداية العام الدراسي بفعل إقبال الموريتانيين على الهجرة إلى العاصمة بحثا عن تعليم أفضل لأبنائهم.