موريتانيا: أوضاع صعبة تعيشها النساء المعيلات للأسر

11 أكتوبر 2016
نسبة الفقر في موريتانيا مرتفعة جداً(العربي الجديد)
+ الخط -


مع إطلالة كل صباح، تحمل تربة بنت قلاه، حزمة أغراضها إلى سوق الداية 11 في نواكشوط، تضع طاولة صغيرة على الطريق العام لتبيع السمك والخضراوات للمارة قبل أن ترتفع حرارة النهار، لتعود إلى منزلها بما استطاعت تحصيله من نقود لإعالة أطفالها الثلاثة.

رحلة الذهاب إلى السوق ليست الوسيلة الوحيدة التي تتبعها تربة لتحصيل قوت أطفالها، فهي تبيع الثلج وتربي الدجاج في فناء منزلها، كما تساعد الجيران في الأعمال المنزلية مقابل مبلغ مالي.

تقول بنت قلاه، إن عملها لإعالة أسرتها ليس جديداً، فهي كانت تعمل خادمة قبل زواجها، لكن  تركت العمل حين تزوجت، لتعود إليه بعد أن سافر زوجها إلى الخارج وبقي بدون عمل عدة أشهر، قبل أن يطلّقها.

استطاعت بعد سنوات من السكن في منطقة عشوائية، الحصول على قطعة أرض بنت فيها عريشاً وبعض المرافق الأخرى. تؤكد في حديثها لـ "العربي الجديد" أنها سعيدة بعملها على الرغم من أنه شاق، معتبرةً أنّ الأم هي المعيل الحقيقي لأسرتها، لأن الرجال لا يتابعون تربية الأطفال، ولا يعرفون ما يتطلبه المنزل من مصاريف.

وتشير إلى أن بعض الرجال "بخيل" لا يصرف على أطفاله، معربة عن اعتقادها أن على المرأة أن تعمل حتى لو كان زوجها منتجاً لأن الأعباء كثيرة جداً هذه الأيام.

يشار إلى أنّ ظاهرة النساء المعيلات للأسر في موريتانيا، تزداد بفعل التحديات الاجتماعية والاقتصادية، ما يفرض عليهن العمل، خاصة في حالات الطلاق، وعجز الأزواج عن العمل بسبب المرض أو البطالة، فضلاً عن السيدات اللواتي يفضلن العمل حتى مع وجود معيل للأسرة، بهدف تقاسم أعباء الحياة والمسؤولية.





وتعمل النساء الموريتانيات في مهن مختلفة، كالتجارة والمقاولة والتسويق. وتراجعت مع الوقت العوائق الاجتماعية بشأن عمل المرأة، دون أن يمنع ذلك من بقاء بعض المجالات حكراً على الرجال. أغلب النساء المعيلات، يعلمن في مهن بسيطة كبيع الخضراوات والأسماك والأعمال المنزلية.

فاطمة بنت يكبر، تعمل في مجال التجارة وناشطة في المجتمع المدني. تقول إنها لا تعمل من أجل إعالة أسرتها فقط، وإنما لقناعتها أن على المرأة أن تكون عنصراً فاعلاً ومنتجاً في المجتمع مثل الرجل، مع العلم أن غالبية النساء يعملن بسبب حاجة عائلاتهن للمال.

وتوضح لـ"العربى الجديد" أن نسبة الفقر في موريتانيا مرتفعة جداً، وأسعار المواد الأساسية جنونية، ومصاريف الدراسة والكهرباء والماء والإيجار أكبر من الدخل، خاصة أن أجور الموظفين ضعيفة، هذه الأسباب تجعل عمل المرأة ضرورياً إلى جانب الرجل، ليتمكنا معاً من سدّ حاجات البيت".

بدورها، تشير الناشطة الاجتماعية إلى أن "المجتمع الموريتاني مجتمع محافظ يضع عوائق أمام عمل المرأة، لكن أصبح بالإمكان تجاوزها بسبب الضغوط الاقتصادية على الأسر، إلى جانب ارتفاع معدلات الطلاق، ولجوء العديد من الأمهات للعمل من أجل قوت أبنائهن، كما يحصل الأمر ذاته في حال وفاة الزوج".

وتطالب بنت يكبر بـ"مساعدة الأمهات معيلات الأسر، عبر تبني الدولة مشاريع اقتصادية واجتماعية، توفّر فرص عمل تناسب الأمهات، وتضمن لهن حياة كريمة، خاصة أنّ ظروف بعضهن تجبرهن على امتهان التسوّل بسبب الفقر والحاجة".


دلالات
المساهمون