لا توجد أرقام رسمية حول أعداد السجناء والمعتقلين الذين قضوا في السجون العراقية جراء التعذيب أو الأمراض المعدية وسوء التغذية، لكن تكرار حوادث وفاة السجناء يجعل القضية محل اهتمام واسع من المنظمات الحقوقية وأهالي السجناء.
يؤكد والد المعتقل المتوفى في سجن الحوت العراقي، الحاج فاضل أحمد، أن نجله دخل السجن بوزن 98 كيلوغراما. ويقول لـ"العربي الجديد"، في أول حديث لوسائل الإعلام "تمكنت خلال سنة كاملة من زيارة ابني مرتين فقط، وكل مرة كنت أدفع 500 دولار لضابط السجن كرشوة، وكان اللقاء ربع ساعة فقط، وشكا لي الضرب والتعذيب والجوع وإجبارهم على فعل أشياء مهينة لإضحاك الحراس ومدير السجن ومن معه".
ويشير إلى أنّ ابنه اعتقل "خلال حملة تفتيش واسعة قبيل انعقاد مؤتمر القمة العربية (مارس/آذار 2012)"، مضيفاً "ذهبت لاستلام جثة ابني، فوجدت مسؤول استخبارات السجن يقول لي: وقّع على هذه الورقة كشرط لاستلام الجثة، وعندما كشفت عن وجهه وجدت آثار ضرب وحروق. رفضت الاستلام وطالبت بتحقيق، فصرخ بوجهي الضابط قائلا باللهجة العراقية "لعد روح انقلع لبيتكم وخلي ابنك سنة ثانية إلى أن تجي لجنة تحقيق من بغداد".
عندها ما كان أمام الوالد سوى تسلّم الجثمان ودفنه من دون الذهاب إلى البيت خوفاً من ردة فعل والدته وإخوته".
وأمس الأربعاء، توفي نزيل عراقي في سجن الناصرية جنوب البلاد، بسبب تعرضه للتعذيب، وفقا لما أكدته منظمة محلية عراقية.
وبحسب رئيس منظمة السلام لحقوق الإنسان ومقرها أربيل، محمد علي، فإن "السجين طه عبد الله (33 سنة)، توفي جراء التعذيب بعدما تعرض للضرب المباشر ما أوقف كليتيه عن العمل".
ويوضح أنه "منذ مطلع عام 2016 الجاري، قضى أكثر من 80 سجيناً عراقياً جراء التعذيب وسوء التغذية، إذ يشوب عملية إطعام السجناء فساد كبير، والمواد المقررة لهم لا تصلهم بل يتم سرقتها من قبل إدارة السجون".
وتحجم الحكومة العراقية عن تناول الملف، كما تمنع وللعام السادس على التوالي، المنظمات المحلية والدولية الحقوقية من زيارة السجون واللقاء بالنزلاء فيها وتطلب موافقات مسبقة بما لا يقل عن أسبوعين وتحديد اسم السجن الذي يرغبون زيارته وسبب هذه الزيارة.
وتنتشر في عموم مدن العراق عشرات السجون التي تتوزع مسؤوليتها بين وزارات العدل والدفاع والداخلية وجهاز المخابرات ومديرية الاستخبارات العامة، إضافة إلى عشرات أخرى تابعة لمليشيات الحشد الشعبي.
وتقدر منظمات عراقية حقوقية عدد القابعين في السجون بأكثر من ربع مليون مواطن؛ غالبيتهم متهمون بالإرهاب، منهم نحو 60 في المائة لم يسعفه حظه في أن يعرض على القضاء بل تم اعتقاله وزجّه بالسجن بشكل مباشر، كما تجري العادة منذ سنوات طويلة.
ووجهت تقارير لمنظمات عراقية، أخيراً، الاتهام لمفوضية حقوق الإنسان العراقية بالطائفية والفساد لعدم تناولها ملف السجون والانتهاكات التي تحصل فيها بشكل ممنهج، ووصف عضو بارز في البرلمان العراقي السجون العراقية بعبارة "مقابر الأحياء"، مبيّنا في اتصال مع "العربي الجديد"، أنّ "ملف السجون بات وصمة عار على الجميع".
ويبيّن البرلماني الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "التقارير التي ترد مرعبة. هناك تعذيب وضرب وحشي واغتصاب وحرمان من الطعام. كل شيء يمكن أن تتخيله" واصفاً المشرفين على السجون بأنهم "مصابون بالسادية".
كما يلفت إلى أنّ "الوفيات في سجون المليشيات أضعاف ما هي عليه في سجون الحكومة، والأمم المتحدة تقوم بدور العالم الساكت".