وسقط، أوّل من أمس الجمعة، أكثر من عشرين صاروخاً مجنّحاً على مناطق جبل الزاوية، ومحيط سراقب في ريف إدلب، ومنطقة جبل شحشبو في ريف حماه الشمالي، ومناطق جبل التركمان في ريف اللاذقية الشمالي. ويؤكّد الناشط الميداني مراد الإدلبي لـ"العربي الجديد"، أنّ أحد الصواريخ سقط على مدرسة في بلدة كنصفرة في منطقة جبل الزاوية في ريف إدلب الشمالي، ما أدى إلى تدميرها بشكل كامل وسقوط إصابات في صفوف المدنيين. كما تمّ استهداف قرية عين لاروز بصاروخين مجنّحين، وانفجر أحدهما في سماء القرية، وسقط الآخر على منازل المدنيين، ما أسفر عن إصابة عشرين شخصاً بجروح، وهرعت فرق الدفاع المدني لإسعافهم.
وبحسب الإدلبي، استهدفت قرية مرعيان في جبل الزاوية بصاروخ مجنّح أدى انفجاره في حي سكني إلى مقتل ثلاثة مدنيين على الأقل، وانفجر صاروخان آخران في محيط ناحية احسم، وآخر في سهل الغاب غربي إدلب، من دون إصابات. ويشير الناشط ذاته إلى أنّ أربعة مدنيين قضوا وجرح آخرون نتيجة استهداف قرية ميدان غزال في ريف حماه الغربي بخمسة صواريخ مجنّحة، ظهر الجمعة.
بدوره، يلفت الناشط الميداني مضر حاج قاسم في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ ثلاثة صواريخ مجنّحة استهدفت قرية تل السلطان إلى الشرق من مدينة سراقب في ريف إدلب، بعد مرورها على ارتفاع منخفض جداً فوق المدينة.
ويرجّح الملازم المنشقّ محمد العمر، الملتحق بـ"الجيش السوري الحرّ" منذ عامين، في ريف إدلب، أن تكون هذه الصواريخ المجنّحة من صواريخ "كروز" وتحديداً من نوع "كاليبر"، يتم إطلاقها من طائرات قاذفة استراتيجية بعيدة المدى أو من قطع بحرية ثقيلة كالمدمرات البحرية أو الغواصات الضخمة.
اقرأ أيضاً: المعارضة السورية تسيطر على مواقع استراتيجية شمال حماة
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت، الأربعاء الماضي، دخول ثلاثة أنواع من القاذفات الروسية بعيدة المدى إلى المعركة في سورية، وهي القاذفات الاستراتيجية "توبوليف تي يو 22، وتوبوليف تي يو 95، وتوبوليف تي يو 160". كما أعلنت أيضاً عن استهداف مواقع قالت إنّها تابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من الأسطول الروسي في البحر الأبيض المتوسط.
ويقول الملازم محمد العمر، إنّ إدخال روسيا هذه القاذفات الاستراتيجية واستخدامها لقطعها البحرية في بحري قزوين والمتوسط ضد أهداف عديمة الأهمية على المستوى العسكري في ريف إدلب، لا يعدو أن يكون محاولة من الروس لإرهاب عناصر المعارضة المسلّحة والمدنيين القاطنين في مناطق سيطرتها، معتبراً أنّ الكلفة العالية لاستخدام هذه القاذفات الاستراتيجية بعيدة المدى، والتي يصل مدى الواحدة منها إلى ثمانية آلاف كيلومتر في معركة كالتي يخوضها النظام السوري والروس والإيرانيون ضد المعارضة المسلّحة، تشير إلى عدم تكافؤ بين كلفتها والأهداف التي تُوجّه ضدها.
ويوضح الملازم ذاته أنّ معظم الصواريخ المجنحة التي تم إطلاقها حتى الآن، سقطت في مناطق سكنية أو أراضٍ زراعية خالية، وبعضها استهدف مقرات صغيرة لفصائل المعارضة، مشيراً إلى أنّ الأخيرة لا تملك أساساً مقرات مهمة في مناطق سيطرتها في الشمال السوري، يمكن أن يكون استهدافها بهذه الصواريخ مجدياً، مبيّناً أنّ هذه الصواريخ تُستخدم عادة ضد التحصينات القوية كالملاجئ ومقرات القيادة ومستودعات الأسلحة الضخمة.
ويشير العمر إلى أنّ المعارضة تعتمد أساليب تشكيل وانتشار، ما جعل القصف الجوي من طيران النظام السوري وطائرات "سوخوي" الروسية، عديم الجدوى. ويلفت إلى أنّ المعارضة لا تتخذ مقرات قيادة كبيرة ولا تعتمد على تخزين الأسلحة والذخائر في مستودعات كبيرة، بل تكتفي بالانتشار في مجموعات صغيرة في مناطق سيطرتها وفي مقرات مؤقتة، وتعمد دائماً على تغيير مقراتها، الأمر الذي يفقد المعلومات الاستخباراتية التي يجمعها النظام السوري والاستخبارات الروسية والإيرانية، قيمتها.
يعتبر العمر أنّ الروس يسعون من خلال استخدام هذه الأنواع من القاذفات الاستراتيجية والصواريخ المجنّحة إلى ممارسة استعراض قوة على حساب المدنيين السوريين الذين يقطنون مناطق سيطرة المعارضة، لكن ذلك لن يجدي نفعاً على المستوى العسكري. فالمعارك المستمرة في أرياف اللاذقية وحلب وحماه لم تتأثر بسبب استخدام هذا النوع من الصواريخ، مشيراً إلى أنّ قوات النظام تمكّنت من تحقيق التقدم في ريف اللاذقية في اليومين الأخيرين، نتيجة العدد الكبير لمقاتلي المليشيات العراقية والإيرانية والأفغانية الذين انضموا للقتال إلى جانب قوات النظام وليس نتيجة استخدام الروس لصواريخهم وقاذفاتهم الاستراتيجية.
اقرأ أيضاً: الحرب السورية في سباق عسكري وسياسي