تؤثر مزاجية الرؤساء على قدرتهم في السيطرة على انفعالاتهم، وتدفعهم إلى اتخاذ قرارات سيئة تظل علامة فارقة في تاريخهم. بالمقابل هناك رؤساء اتخذوا قرارات في غاية الحكمة والتدبر في لحظات عصيبة من حياتهم السياسية، ودخلوا التاريخ من بابه الواسع.
في موريتانيا، التي تعتبر واحدة من أكثر الدول العربية استفادة من مسلسل التحول الديمقراطي، على الأقل في مسألة عدد "الرؤساء الأحياء"، واجه الرؤساء أزمات ومواقف صعبة جعلتهم يتخذون قرارات مصيرية، من بينهم الرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله، الذي فضل تجنيب البلاد مخاضاً عسيراً كان يتهددها، بفعل انقسام الشارع حول رجوعه للحكم، وتخلى عن منصبه عام 2009 بعد 15 شهراً أمضاها رئيساً بهدف "تحصين البلاد من مخاطر الحظر الاقتصادي والتمزق السياسي والانفجار الاجتماعي".
وقال الرئيس في خطاب تنحيه: "رغم أنني قادر على التمسك بحقي وواجبي في ممارسة المهمة التي انتدبتموني لها، وأنا مسلح لذلك بشرعية دستورية لا مطعن فيها، وبقدرة كبيرة بحمد الله على الصمود، وبظهير قوي من المواطنين المؤمنين بالديمقراطية المستعدين للتضحية في سبيلها. رغم ذلك كله، فإنني آثرت أن أجنب بلدي وشعبي مزيداً من مخاطر الحصار الاقتصادي والتشرذم السياسي والتجاذب الاجتماعي".
وأكد ولد الشيخ عبد الله أنه يسامح كل من هاجمه وانتقده، قائلاً "إلى الذين حملتهم الظروف الاستثنائية التي مر بها البلد على النيل مني شخصياً أو من آخرين من حولي بسببي، فوجهوا إلي وإلى من معي ومن حولي سهام الاتهام، من دون بينة ولا برهان، وبالغوا في تحميلنا أوزاراً نحن منها براء، إلى هؤلاء أتوجه فأقول: لا تثريب عليكم، اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين". وأضاف في خطاب لا يزال الموريتانيون يتذكرونه: "أغادر كما جئت بقلب خال من كل كراهية تجاه أي كان".
ومن القرارات الغريبة التي اتخذها رؤساء موريتانيا، وقف مباراة لكرة القدم بسبب ضيق وقت الرئيس، ففي مباراة "السوبر" التي حضرها الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، تم إنهاء المباراة قبل وقتها الرسمي ودَفْعُ الفريقين المتنافسين مباشرة إلى ضربات الجزاء من دون إجراء الشوطين الإضافيين.
وحاول اتحاد كرة القدم تبرير إيقاف المباراة عند الدقيقة 65، معتبراً أن المباراة احتفالية وليست رسمية قانونية، غير أن الضجة التي أعقبت إيقاف المباراة وتداول الخبر في الصحف العالمية، وضع الاتحاد الموريتاني في مأزق كبير.
وإضافة إلى ضجره من مباراة كرة القدم، قام الرئيس الموريتاني بقطع الإرسال التلفزيوني بعد خلاف نشب بينه وبين صحافي موريتاني في مؤتمر صحافي، حيث هاجم الرئيس الصحافي وأمره بالتزام الصمت، قبل أن يطلب قطع البث المباشر عن فعاليات المؤتمر الصحافي.
أما الرئيس الأسبق علي ولد محمد فال، فقد دخل التاريخ من بابه الواسع حين قرر التنازل عن الحكم للرئيس المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله عام 2007، ليصبح "سوار الذهب" في موريتانيا، أول رئيس موريتاني لا يترشح للانتخابات، ويسلم الحكم طوعاً لمن اختاره الشعب.