في الوقت الذي عمّ فيه الإضراب الشامل جميع محافظات الضفة الغربية، بما فيها القدس، وقطاع غزة والمناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948، بدعوة من لجنة المتابعة العربية والقوى الوطنية والإسلامية، رفضاً لما يُسمّى "قانون القومية اليهودي" العنصري، والذي صادق عليه الكنيست الإسرائيلي أخيراً، اندلعت مواجهات في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال، فيما شيع الفلسطينيون جثمان الشهيد محمد زغلول الخطيب (الريماوي) في مسقط رأسه في بلدة بيت ريما شمال غربي رام الله.
وخلال المواجهات، التي استمرت حتى مساء اليوم، أصيب العديد من الفلسطينيين في العديد من مناطق متفرقة من الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة.
واندلعت مواجهات عند مدخل قرية اللبن الشرقية، جنوب مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية المحتلة، أطلق خلالها جنود الاحتلال قنابل الغاز المسيل للدموع تجاه المواطنين.
وقال رئيس المجلس القروي، سامر عويس، لـ"العربي الجديد"، إن شبان القرية نظموا وقفة احتجاجية ضد قانون القومية اليهودي، حيث عم إضراب شامل في القرية.
وأشار إلى أن مواجهات اندلعت بين الشبان وقوات الاحتلال التي تواجدت بالمكان، حيث أصيب عدد من الأهالي بالاختناق جراء استنشاقهم الغاز المسيل للدموع.
على الصعيد ذاته، أصيب ثلاثة شبان بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط إضافة إلى عشرات حالات الاختناق بالغاز، خلال مواجهات عنيفة اندلعت في بلدة كفر قدوم شرقي مدينة قلقيلية، شمال الضفة.
وذكر منسق المقاومة الشعبية في كفر قدوم أن قوات كبيرة من جيش الاحتلال اقتحمت البلدة، وأطلقت الرصاص والقنابل الصوتية والغازية خلال قمع مسيرة نظمتها القوى في البلدة تنديداً بقانون القومية وإسناداً لأهالي الخان الأحمر المهدد بالهدم.
وفي بلدتي أبو ديس والعيزرية، شرق القدس المحتلة، اندلعت مواجهات ما بين قوات الاحتلال والشبان الفلسطينيين، ما أوقع عدداً من الإصابات.
كما اندلعت مواجهات في منطقة جبل الطويل في محيط مستوطنة "بساغوت" المقامة على أراضي مدينة البيرة، وسط الضفة، في حين تواصلت المواجهات في محيط مستوطنة "بيت إيل" شمال رام الله، أصيب خلالها عدد من الشبان الفلسطينيين، وأصيب المصور الصحافي شادي حاتم برصاصة مطاطية في قدمه.
وأصيب عدد من الشبان في منطقة جبل الريسان المهدد بالمصادرة لصالح التوسع الاستيطاني، والواقعة إلى الغرب من مدينة رام الله، إثر مواجهات اندلعت هناك، عقب فعالية سلمية.
في هذه الأثناء، تشهد العديد من الأحياء والبلدات في القدس المحتلة، منذ ساعات العصر، مواجهات عنيفة أوقعت عدة إصابات، بينها إصابة واحدة بالرصاص الحي.
وفي محيط مخيم قلنديا، شمال القدس المحتلة، أصيب شاب بعيار ناري في منطقة الظهر، كما سجلت إصابات أخرى بالعيارات المطاطية.
وفي بلدة الرام المجاورة، اندلعت مواجهات على المدخل الشمالي للبلدة، أصيب خلالها أحد جنود الاحتلال إصابة مباشرة بالوجه نتيجة رجمه بالحجارة، وفق ما أفادت به مصادر محلية في البلدة.
وفي منطقتي باب العامود وسوق المصرارة، اشتبك الشبان مع جنود الاحتلال الذين هاجموا تجمعاً للمواطنين، ما أدى إلى إصابة شاب بغاز الفلفل، بينما اعتقل ثلاثة شبان آخرون.
وتشهد بلدة العيسوية، وسط القدس المحتلة، في هذه الأثناء، مواجهات مع جنود الاحتلال الذين اقتحموا البلدة بأعداد كبيرة مطلقين الرصاص المطاطي وقنابل الغاز ما أوقع عدة إصابات بالغاز.
من ناحية أخرى، سلمت قوات الاحتلال، عصر اليوم، استدعاءات لستة نشطاء مقدسيين بعد ملاحقتهم في ساحات الأقصى.
وقال ثائر الفسوس أحد نشطاء "فتح" في مخيم شعفاط، والذي تسلَّم أحد هذه الاستدعاءات، بأنه تحدد غدًا موعد للتحقيق معهم على خلفية تواجدهم في الأقصى.
على صعيد آخر، بدأ نشطاء، مساء اليوم، ببناء خيمة في منطقة بوابة القدس، جنوب شرق القدس المحتلة، في إطار فعاليات المقاومة الشعبية، على ما أفاد به الناشط هاني حلبية.
من جانبه، قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن طواقمه تعاملت مع 26 إصابة خلال المواجهات المندلعة في مدخل البيرة الشمالي وبلدة أبوديس والعيزرية، وأنها قدمت الإسعافات الأولية للمصابين، ونقلت عددًا منهم للمستشفيات، حيث تنوعت الإصابات بالمطاط والسقوط والاختناق بالغاز المسيل للدموع.
وأكد الهلال الأحمر أيضًا أن طواقمه قدمت العلاج لأربع إصابات خلال مواجهات في مدينة قلقيلية وبلدة كفر قدوم، حيث تنوعت الإصابات ما بين إصابة بالرصاص المطاطي والاختناق بالغاز المسيل للدموع، بينما تعاملت طواقم الهلال الأحمر مع إصابة بغاز الفلفل في اعتداء لشرطة الاحتلال في باب العامود في القدس.
وبدأت المواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين قبيل ظهر اليوم، في منطقة باب الزاوية بمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، أطلقت خلالها قوات الاحتلال قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، ما أوقع العديد من الإصابات بحالات اختناق تمت معالجتها ميدانياً.
وفي السياق، اندلعت مواجهات في محيط مستوطنة بيت إيل، المقامة على أراضي الفلسطينيين شمال رام الله وسط الضفة الغربية، أشعل خلالها شبان فلسطينيون الإطارات المطاطية، لكنه لم يبلغ عن وقوع إصابات.
في غضون ذلك، بدت اقتحامات المسجد الأقصى، اليوم الإثنين، أقل عدداً وأضعف من سابقاتها على مدى الأيام الأربعة الماضية ضمن اقتحامات المسجد خلال ما يسمى بـ"عيد العرش اليهودي"، حيث شارك نحو ثلاثة آلاف مستوطن في هذه الاقتحامات، وواصلت أعداد كبيرة من هؤلاء المتطرفين اليوم مسيرات العربدة والاستفزاز في البلدة القديمة من القدس التي حولتها سلطات الاحتلال إلى ثكنة عسكرية.
وداخل المسجد الأقصى، اقتحم عشرات المستوطنين باحاته، اليوم، في وقت اعتقلت قوات الاحتلال شابين خلال قيامهما بأعمال تنظيف في منطقة باب الرحمة.
أما في شارع الواد المؤدي إلى المسجد الأقصى، فانتظم عدد من المستوطنين في حلقة رقص كبيرة أغلقوا خلالها الشارع وسط حماية ومرافقة من قبل جنود الاحتلال، تعالت خلالها صرخاتهم العنصرية، قبل أن يواصلوا سيرهم باتجاه حائط البراق، حاولوا خلالها الاعتداء على المارة المقدسيين.
وكانت مسيرات العربدة التي نفذها المستوطنون بدأت عند منتصف الليلة الماضية، تخللها عنف وحشي بحق المواطنين هناك، حين اعتُدي على المواطن محمد الحداد وزوجته في باب العامود بالقدس، ثم انفلت المستوطنون إلى سوق المصرارة القريب، حيث هاجموا مطاعم ومحلات تجارية ومركبات لمواطنين مقدسيين، تخلل ذلك إطلاق قوات الاحتلال قنابل الغاز والصوت باتجاه المقدسيين، الذين هبوا للدفاع عن أنفسهم، ما أوقع عدداً من الإصابات بحالات اختناق.
وفي السياق، شهدت مدينة القدس، منذ صباح اليوم، إضراباً شاملاً التزاماً بالقرار الوطني الفلسطيني الداعي إلى ذلك، رفضاً لقانون القومية اليهودي، حيث تعطلت الدراسة وشلت الحركة التجارية في المدينة المقدسة.
وعلى صعيد منفصل، شيعت جماهير غفيرة من الفلسطينيين، الإثنين، جثمان الشهيد الفلسطيني محمد الريماوي (24 عاماً)، في مسقط رأسه بقرية بيت ريما شمال غربي رام الله، بمشاركة شعبية ورسمية.
واستشهد الريماوي في الثامن عشر من الشهر الماضي، بعدما اعتدت عليه قوات خاصة إسرائيلية بالضرب خلال محاولتها اعتقاله من منزل عائلته، وتفجير باب منزله ودهم غرفته الشخصية، واحتجزت جثمانه في ثلاجاتها 12 يوماً إلى غاية تسليمه لعائلته مساء أمس الأحد.
وانطلق موكب تشييع جثمان الشهيد الريماوي قبيل ظهر اليوم، من مجمع فلسطين الطبي بمدينة رام الله، بعد أن أقيمت له جنازة عسكرية من قبل الأمن الفلسطيني، ونقل جثمانه بواسطة مركبة إسعاف خاصة إلى مسقط رأسه بمشاركة مسيرة مركبات، وألقيت نظرة الوداع عليه من قبل عائلته ومحبيه، ومن ثم أقيمت صلاة الجنازة على الشهيد بعد صلاة الظهر في مسجد بيت ريما الكبير.
وعلى وقع الهتافات التي تمجد الشهيد وتندد بجريمة الاحتلال بحقه، وتطالب بمحاسبة قتلته، شارك نحو أربعة آلاف فلسطيني من أهالي بيت ريما والقرى المجاورة بمسيرة تشييع جثمان الشهيد محمد، وسط إطلاق الرصاص الحي بالهواء من قبل مسلحين ملثمين تحية لروح الشهيد.
وجابت مسيرة تشييع جثمان الشهيد الريماوي شوارع بلدة بيت ريما وهو محمول على الأكتاف، ولُفّ جثمانه بالعلم الفلسطيني وراية حركة فتح، إلى أن وُري جثمانه الثرى في مقبرة القرية، وأُلقي العديد من الكلمات المنددة بجريمة الاحتلال بحق الشهيد والمطالبة بمحاسبة جنود الاحتلال على جريمتهم.
وتصر عائلة الريماوي على محاسبة قتلة ابنها محمد، إذ إنها عازمة على التوجه إلى كافة المؤسسات الحقوقية والمحاكم المحلية والدولية لمساءلة الاحتلال على هذه الجريمة.
وخلال العام 2018، قتلت قوات الاحتلال 3 فلسطينيين عقب اعتقالهم، وهم ياسين السراديح من أريحا، والذي اعتدى عليه جنود الاحتلال بالضرب خلال اعتقاله، وكذلك الأسير عزيز عويسات، والذي تم الاعتداء عليه داخل السجن، إضافة إلى الشهيد محمد الريماوي، فيما وصل عدد شهداء الحركة الفلسطينية الأسيرة إلى 217 شهيداً منذ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.