راشد اليوسف مهندس ميكانيك آلات زراعية، اصطف مع الكثير من الفلسطينيين في لبنان عاطلاً من العمل منذ تخرجه. هو من بلدة السميرية، قضاء عكا في فلسطين المحتلة، ولد في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، جنوب لبنان، وعاش طوال عمره هناك.
عندما أنهى اليوسف دراسته الثانوية سافر إلى تشيكوسلوفاكيا، وتخرج من إحدى الجامعات مهندساً ميكانيكياً للآلات الزراعية عام 1990. عاد بعدها إلى لبنان، ليستقر وسط أهله، ويبحث عن عمل. لكنّه حتى اليوم لم يحصل على وظيفة في تخصصه، والحجة الدائمة منع الفلسطيني من العمل في لبنان.
يقول اليوسف: "هنا في لبنان ولدت. وسافرت لأتخصص، وأهلي كانوا يرسلون لي المال حتى أتعلم، وكذلك حال الباقين من الخريجين الفلسطينيين، لكنّ القانون اللبناني يظلمنا، فهو يحرمنا من العمل في اثنتين وسبعين مهنة. فلا الطبيب الفلسطيني يمكنه العمل، ولا المهندس ولا الحقوقي، ولا الأستاذ، ولا حتى عامل القمامة إلا إذا عيّن مياوماً عند الحاجة لا حقوق له أو ضمانات، وعند انتفاء الحاجة يُستغنى عنه".
يتابع اليوسف: "حالنا- نحن الفلسطينيين- في لبنان صعب جداً، وحتى في الخارج، فقد حاولت السفر إلى إحدى الدول الخليجية لكنني منعت من الدخول والعمل. وأخبرني أقارب لي أنّي قد أجد عملاً في العراق، لكن كان هناك مشاكل عدة في العمل".
أما عن إجازة العمل في لبنان، فيشير إلى أنّها يجب أن تؤخذ من وزارة العمل، والوزارة لا تمنح الفلسطيني إجازة عمل. وإذا سمحت الوزارة بذلك، فإنّه لا يستطيع الحصول عليها إلا إذا انتسب إلى نقابة المهندسين اللبنانيين، واتحاد المهندسين اللبنانيين، بينما لا يحق له الانتساب إلى النقابة والاتحاد، والسبب الدائم أنّه فلسطيني.
يقول اليوسف: "مررت بتجربة عمل، في إحدى الشركات في منطقة خلدة (جنوب بيروت)، لمدة 15 يوماً، وكان الاتفاق أن يكون الراتب مائتي دولار أميركي. عملت في اختصاص مختلف عن اختصاصي، فالعمل كان في صيانة مولّدات الديزل الكهربائية، والمبلغ المتفق عليه لم يكن يكفي ثمناً للمواصلات من صيدا إلى خلدة". ويضيف: "خلال تلك التجربة أُرسلت إلى أحد الفنادق المعروفة لصيانة مولّد كان يلزمه غسل وصيانة، ومعي عامل واحد. وعندما طلبت من المدير عاملاً إضافياً قال لي إنّ بإمكاني تولي الأمر بنفسي مع العامل. قلت له إنني مهندس ولا يجوز ان أغسل المولّد، فلم يقبل. عندها تركت العمل وعدت إلى المخيم، وما زلت عاطلاً من العمل حتى اليوم ومحروما من مهنتي الحقيقية".
يشير اليوسف إلى أنّ فكرة الهجرة مستبعدة لديه اليوم خصوصاً أنّه يخدم والدته التي تعيش وحدها معه في المنزل. ويقول: "حتى الكثير من الدول العربية وغيرها لا تسمح لفلسطينيي لبنان بالذهاب إليها من أجل العمل. فقد تسمح للفلسطينيين الذين يحملون جواز سفر صادراً عن السلطة الفلسطينية، لكن ليس الفلسطيني الذي يحمل وثيقة سفر صادرة من لبنان. فعلى سبيل المثال، ابن أختي يعيش في حيفا، ويسافر دائماً إلى مولدافيا بحكم عمله في إرسال الطلاب الفلسطينيين إلى هناك. دعاني إلى زيارة عادية ثم العودة بعدها إلى لبنان، لكن طلبي رفض، لأنني أحمل وثيقة سفر، وليس جواز سفر".
يعترف اليوسف بأنّه نادم على دراسة هذا الاختصاص وإضاعة سنوات العمر. ويقول: "كثيرون مثلي، فالفلسطينيون في لبنان يتعلمون في سبيل تحسين ظروف حياتهم السيئة. لكنّ قدرنا أن نعاني مجدداً رغم نيلنا تلك الشهادات العليا".
أما عن كيفية تدبر أموره المادية واحتياجاته اليومية، فيقول: "أتقاضى راتباً، ولو ضئيلاً، من منظمة التحرير الفلسطينية، يساعدني في قضاء حاجياتي، لكني لم أتزوج وأكوّن أسرة، لأنّ الأسرة تحتاج لمستلزمات عديدة، ولأني لا أعمل لا أستطيع أن أظلم عائلة معي لن أتمكن من تأمين معيشتها". ويضيف: "وضعنا المهني والحياتي مرتهن بالظروف السياسية في لبنان، وحتى منظمة التحرير لا يمكنها تغيير الوضع القائم".
اقرأ أيضاً: دكان مهندس فلسطيني