مهمة الريال الصعبة بعد دي ماريا

27 اغسطس 2014
جيمس يخلف دي ماريا في وسط ملعب الريال
+ الخط -

 

من البديهي أنه عندما يتألق لاعب ما مع ناديه ويساهم في حصوله على دوري الأبطال بعد غياب طويل، أن يستمر لسنوات عديدة، لكن هذه المرة الأمر مختلف، نجح أنخل دي ماريا في قيادة الريال إلى منصات التتويج أوروبياً، ورغم عدم تسجيله أي هدف في النهائي الكبير، إلا أن بصمته كانت واضحة في تشكيل أكبر الخطورة على مرمى الأتليتكو مدريد في مدينة لشبونة، ليحصد الملكي الكأس ويُتّوج الإيطالي أنشيلوتي ببطولة قارية جديدة.

وبين لحظة وأخرى، تتبدّل الأمور، ويأتي نجم كولومبي صاعد بسرعة الصاروخ إلى قلعة البرنابيو، يدخل جيمس رودريجز المناخ المدريدي، ويخرج دي ماريا بلا رجعة نحو مسرح الأحلام، ملعب الأولد ترافورد. هكذا هي الساحرة المستديرة، تجعل عشاقها في موقف محيّر على طول الخط، لأن معظم خطواتها تبدو أقرب إلى طور المفاجأة في أغلب الأوقات. وفي النهاية، فاز الفريق الإنجليزي بلاعب من طراز فريد، وراهن الريال على نجم آخر ما زال في بداية طريق الشهرة والتألق.

الريال ما بعد دي ماريا
أكد أنشيلوتي بأن الريال لا يحتاج إلى الأرجنتيني، هو يملك اللاعب الأفضل في العالم والحائز على جائزة الكرة الذهبية، لأفضل لاعب في العالم، كريستيانو رونالدو، كذلك يضم النجم الويلزي جاريث بيل، الذي سجل أهم هدفين خلال الموسم الماضي مع رأسية راموس، وتأثيره الواضح في كأس الملك ودوري الأبطال، لذلك يضع المدير الفني للريال آمالا عريضة على كوكبة النجوم الكبار في مدريد، بعدما ابتعد الجناح الأرجنتيني تماماً عن أفكاره وخططه المستقبلية.

يعتبر جيمس رودريجز لاعبا رائعا، يجيد التمركز في الثلث الهجومي الأخير، وقادرا على شغل كافة مراكز الهجوم، هو الجناح المهاري الذي ينطلق على الخط، والقوي في القطع من الأطراف إلى عمق الملعب، كذلك من الممكن أن يلعب كمهاجم ثانٍ خلف رأس الحربة، بالإضافة إلى مركزه الرئيسي، كصانع لعب متحرك ولاعب حر في "منطقة العمليات" من المستطيل الأخضر، لذلك سيضيف الكثير إلى توليفة الملكي السحرية.

ويختلف جيمس عن دي ماريا في عدم القدرة على اللعب في الوسط، وافتقاده إلى المزج بين مهام لاعب الارتكاز المساند والجناح المهاري السريع، كما فعل دي ماريا خلال الموسم الماضي، لينجح الريال في الجمع بين طريقتي لعب 4-3-3 و 4-4-2 في حضرة "المعكرونة" الأرجنتينية.

كان دي ماريا يبدأ في الوسط رفقة مودريتش وألونسو، ويتحول أثناء الهجوم إلى الأطراف ليصبح جناحا حقيقيا، ويدخل رونالدو في العمق بجوار بنزيما، لتتحول الخطة إلى رباعية الوسط مع ثنائية الهجوم.

صناعة اللعب
لا يحتاج الريال أبداً إلى أجنحة تجيد التهديف بقدر حاجته إلى أطراف تجيد صناعة اللعب، بسبب وجود نجوم بقيمة كريستيانو رونالدو وجاريث بيل، ثنائي يمتاز بالحاسة التهديفية والقدرة على هز الشباك من أي مكان في الملعب، لذلك كان وجود دي ماريا مفصليا إلى حد كبير في الأمتار النهائية من الموسم الماضي، لأنه لا يسجل أهدافا فقط، بل قادرا على صناعتها، وقلب طريقة اللعب في فترة زمنية قياسية، وبالتالي عرف الريال كيف يستفيد من قدرات نجومه التي تكمن في تنوعهم وتكاملهم.

ساهم دي ماريا بنسبة 20% من أهداف الريال في بطولة الليجا خلال الموسم الماضي، ليس فقط كتسجيل، بل كصناعة أيضاً، ومن غير المتوقع أن يتأثر هجوم الفريق الملكي بغياب الأرجنتيني، لكن ديناميكية الوسط والتحولات من الدفاع إلى الهجوم، هما سر الرهان على الخسارة المتوقعة برحيل الجناح اللاتيني إلى الدوري الإنجليزي.

دي ماريا ليس لاعب جناح عاديا، بل هو أيضاً لاعب وسط صريح، يجيد اللعب في العمق والتحول إلى الأطراف والعكس. لذلك مع مهارته الكبيرة، يجيد اللاعب صناعة القرار داخل أهم ميزة تكتيكية مدريدية، الاستخدام القوي للمرتدات وضرب الخصوم من الخلف إلى الأمام، لذلك سيستمر الريال في تسجيل الأهداف خلال الموسم الجديد، لكن مع أساليب ومحاور أخرى.

بقاء خضيرة بأمر أنشيلوتي
أصر المدرب الإيطالي على استمرار الألماني سامي خضيرة رغم تعاقد الفريق مع توني كروس قادماً من بايرن ميونخ، لأن لاعب الوسط يمتاز بقدرة كبيرة على أداء التحولات الهجومية، والقطع من الخلف إلى الأمام. لذلك من الممكن أن يكون لسامي دور جوهري خلال الموسم الجاري، وأن يستخدم الفريق أكثر من تكتيك وفقاً لمجريات اللعب وظروف المباريات وإمكانات الخصوم، لأن طريقة اللعب تختلف من مباراة إلى أخرى.

وسيكون أمام كارلو أكثر من خيار، إما العودة إلى طريقة مورينيو القديمة واللعب بـ 4-2-3-1 صريحة، بتواجد ثنائي من الرباعي "خضيرة وألونسو ومودريتش وكروس" في الوسط خلف جيمس رودريجز في قلب صناعة اللعب رفقة الثلاثي بنزيما، بيل، رونالدو. أو اللعب بـ 4-3-3 كمباراة السوبر الأخيرة، ألونسو ومودريتش وكروس بالوسط كثلاثي محوري رفقة اثنين من رونالدو، بيل، رودريجز، مع بنزيما، أو اللعب بالكولومبي كرأس حربة وهمي.

أما اللعب بـ 4-4-2 الهجومية سيكون أمرا صعب المنال، لأن اللاعب الكولومبي لن يقدم الإضافة المرجّوة التي اشتهر بها دي ماريا خلال الموسم الماضي، لأن اللاعب الراحل قدم قوة تكتيكية مزدوجة بين الوسط والهجوم، ومحاولة تكرار المهمة مع رودريجز ستكون كلمة السر في الفترة المقبلة، إما تعويض الغياب، أو الندم على رحيل لاعب لا يتكرر كثيراً.

المساهمون