مهمات عسكرية للمستوطنات اليهودية

11 يوليو 2015

مستوطنة إسرائيلية قرب قرية نحالين بالضفة الغربية

+ الخط -
منذ احتلت إسرائيل مدينة القدس عام 1967، وهي تعمل جاهدة للسيطرة عليها، وتغيير معالمها، بغرض تهويدها وإنهاء الوجود العربي فيها، وقد استخدمت لأجل ذلك وسائل وإجراءاتٍ عديدة ضد مباني المدينة وسكانها، حيث كان الاستيطان في المدينة، وفي الأراضي التابعة لها، أحد أهم الوسائل لتحقيق هدف إسرائيل الأساسي. وسعت، في العقود الماضية، إلى استكمال مخططها الاستيطاني، الهادف إلى السيطرة الكاملة على مدينة القدس، وعملت على تحقيق ذلك من خلال توسيع ما يسمى بحدود القدس شرقاً وشمالاً، بضم مستوطنة معاليه أدوميم، التي يقطنها حوالى 35 ألف مستوطن يهودي، مستوطنة رئيسية من الشرق، إضافة إلى المستوطنات العسكرية الصغيرة، مثل عنتوت وميشور وأدوميم وكدار وكفعات بنيامين من الجهة الشرقية، والنبي يعقوب وكفعات زئييف والتلة الفرنسية وكفعات حداشا وكفعات هاردار من الشمال، فالسياسة التي اتبعتها إسرائيل أدت إلى مضاعفة عدد المستوطنين. وفي الوقت نفسه، قلّصت نسبة الفلسطينيين الذين يشكلون ثلث سكان القدس، أي حوالى 220 ألف نسمة، بما فيها الجزء المضموم 380 ألف نسمة.
عملياً، أضاف ضم مستوطنة معاليه أدوميم إلى حدود البلدية 35 ألف مستوطن إلى عدد المستوطنين، الموجودين في الحزام الإستيطاني حول القدس. وبذلك، أصبح أكثر من 200 ألف مستوطن يسكنون داخل حدود البلدية، إضافة إلى المستوطنات الشرقية التي تضاعف العدد فيها إلى 400 ألف يهودي في القدس الغربية.
وقد بلغ عدد المستوطنات في القدس، بحسب إحصائيات مركز أبحاث الأراضي، 29 مستوطنة، 14 منها في الجزء المضموم من القدس، أي ما يسمى حدود القدس الشرقية، وتنتشر هذه المستوطنات في محافظة القدس على شكل تجمعات استيطانية مكثفة، تتخذ الشكل الدائري حول المدينة وضواحيها، ممثلة بمراكز استيطانية كبيرة المساحة. ويشار، أيضاً، إلى أن حدود البلدية (القدس الغربية) تم توسيعها رسمياً. ولكن، عمليا تم الاستيلاء على 72كم مربعاً بقرارات مختلفة، وبتقييد التمدد العمراني في القدس، وتحويل المناطق إلى مستوطنات إسرائيلية، كما حدث مع جبل أبو غنيم "مستوطنة هارحوماه".
وأهم الكتل الاستيطانية حول القدس: كتلة غوش عتصيون، وتتكون من مستوطنات: ألون شيغوت، كفار عتصيون، مجدال عوزا، نافي دانيال، جبعوت، بات عايس، روش تسوديم، بيتار عيليت.
كتلة معاليه أدوميم وتضم: معاليه أدوميم، علمون، جفعات بنيامين، ميشور أدوميم، ألون، نفي برات وكتلة موديعين .
الكتل الاستيطانية في شمال غرب القدس: جفعات زئيف، جفعوت حدشاه، هارادام، وهارشموئيل.
وهناك التجمعات الاستيطانية داخل الحدود الموسعة لمدينة القدس، وهي: الحي اليهودي داخل أسوار البلدة القديمة، ونيفي يعقوب، وراموت، وجيلو، وتلبيوت الشرقية، ومعلوت دفنا، والجامعة العبرية، ورامات أشكول، وجبعات همفتار.
وأظهرت بيانات أصدرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن عدد المستوطنات في الضفة الغربية ارتفع، مع نهاية عام 2012، إلى 144 مستوطنة. وبلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية، في نهاية عام 2012، نحو 563.546 مستوطناً. وتعمل إسرائيل على تقديم حوافز استثمارية واجتماعية للإسرائيليين الذين ينتقلون للعيش داخل المستوطنات، بهدف بناء كيان مستقل داخل مناطق الضفة الغربية. وتكمن خطورة المستوطنات اليهودية في أنها قلاع عسكرية محصّنة، تلعب دور خط الدفاع الأول، بالإضافة إلى أنها تبدّد إمكانية التوصّل إلى سلام حقيقي في المستقبل، لأنها تخلق وقائع جديدة. وقال ديفيد بن غوريون، في أهميّة الدور الأمني والاستراتيجي للمستوطنات اليهوديّة: "الأمن الإسرائيلي يعني مستوطنات زراعية.
الجليل الأعلى ومناطق النقب الخالية في الجنوب نقاط ضعف، ولا تستطيع أية قوّة عسكريّة أن تضمن لنا ملكيّتها والسيطرة الدائمة عليها، ما لم نستوطنها بالسرعة والكثافة اللازمتين".
وفي هذا الصدد، ونظراً للدور الأمني والاستراتيجي، الذي تلعبه المستوطنات، أصبحت المستوطنات قطاعاً عسكريّاً ينظّمه القانون الإسرائيلي، فقد جاء في قانون الدفاع لعام 1949 ما يلي: أن يعمل الجيش على خلْق روح الريادة القتالية في الشبّان الممتلئين بالقدرة على المبادرة والشجاعة والطاقة الكبيرة. ولتحقيق ذلك، يفرض التدريب الزراعي داخل القوات المسلّحة بغرض إنشاء المستوطنات الحدوديّة التي بدونها لا يتحقّق أمن الدولة. ويتم إنشاء المستوطنات، في كل الحالات، تحت إشراف الجيش الإسرائيلي، نقاطاً شبه عسكرية، تتحوّل، في ما بعد، إلى مستوطنات تعمل رأس جسر لغيرها من المستوطنات، وتُستخدم جهاز إنذار مبكراً، كما أنها تستهدف أيضاً "زرع الوجود اليهودي في كل أجزاء فلسطين المحتلّة، بغرض ضم هذه المناطق إلى إسرائيل الكبرى، عندما يحين الوقت المناسب".
ويمكن تعريف الدور الأمني الذي تؤدّيه المستوطنات الإسرائيلية على النحو التالي: "هذه المستوطنات أنشئت لتقوم بمهمات اقتصادية وعسكريّة، ولتؤدّي عملاً زراعيّاً وآخر أمنيّاً، هو أن تكون بمثابة المخافر الأماميّة، وجرس إنذار، وتشكّل بمجموعها نسق التغطية الأولى، تدعمها القوات العسكرية القريبة منها، وتناط بالمستوطنات مهمة الإنذار التعطيلي للقوات المعادية، وكسر حدة الهجوم وتعيين محاوره الأساسية، واتجاه ضربته الأساسية، حتى تتمكّن القوات الإسرائيلية من تجميع قواتها وتوجيه الضربة المعاكسة في الزمان والمكان المناسبين، وقد أضفى الإسرائيليون على المستوطنات نقطة مراقبة أو مجموعة نقاط مراقبة للحراسة، وأحيطت المستوطنة بسور عال بنطاقٍ، أو نطاقين من الأسلاك الشائكة، كما تحاط المستوطنات، أحياناً، بحقول ألغام مختلفة، ومدافع مضادة للدبابات على الطرق الرئيسية، ويُبنى بداخل المستوطنات عدد من الدشم، وحفر الأسلحة لتحقيق الدفاع الدائري، كما تحفر خنادق المواصلات التي تربط مراكز التجمّع الرئيسية في المستوطنة. وتشكّل المستوطنات نقاط إنذار قريبة، كما أنها ترسل الكمائن ليلاً، وتحتفظ المستوطنة بكميات من الطعام والمياه والذخيرة والأسلحة تكفي أسبوعين.

ولدى إنشاء أية مستوطنة، يجب أن تتوفر العناصر التالية في موقعها: أن يتمتّع الموقع بميزة استراتيجيّة، كأن يكون منطقة محصّنة طبيعيّاً، أو عالياً يُشرف على مساحات واسعة، وأن تتحكّم المستوطنة بمحاور الطرق الأساسيّة في المنطقة، وإمكانيّة استغلال الموقع للقيام ببعض النشاطات الاقتصادية، أو أن يكون قريباً من مستوطنات أخرى يتوفر فيها العمل للمستوطنين قرب الموقع من التجمّعات العربية، ذلك لأن للمستوطنات وظيفة، هي أن تكون بمثابة الوتد المدفون بين التجمّعات العربية الذي يتيح فصلها أو تطويقها، وأن تخدم المستوطنة الحدود الأمنية الإسرائيلية، سواء أكان موقعها قرب الحدود، أم في الداخل.
وتراعى عند إنشاء المستوطنات الإسرائيلية عناصر عدة، أهمّها: أن تشغل المستوطنة أكبر مساحة ممكنة من الأرض، لإعطاء المستوطنين الثبات والاستمرارية، ومنح المستوطنين الشعور بالاستقلالية، وتوفير منزل خاص لكل منهم إن أمكن، وإضفاء مسحة جماليّة على المستوطنة، تشمل البيوت والمنظر العام للمستوطنة، وإيجاد أكبر قدر ممكن من التجانس السكاني لمساعدة المستوطنين على التأقلم بسرعة. وبالإضافة إلى مهمة المستوطنات في المشاركة في البناء العسكري الدفاعي لإسرائيل، خصوصاً في ما يتعلّق بتأمين الحدود الخارجية والمناطق الداخلية الحيويّة، تُعتبر المستوطنات قواعد للقوات المسلّحة. وهي أيضاً تعمل بمثابة مستودعات للقوّة البشريّة المدرّبة تدريباً عسكريّاً واللازمة للقوات الإسرائيلية المهاجمة. وفي الوقت نفسه، تُعتبر المستوطنات نقاطاً ميدانيّة لإخلاء الجرحى والمصابين في العمليات العسكريّة، وإذا استطاعت القوات الإسرائيلية الاستيلاء على أية أراض جديدة، تكون مستوطنات الحدود بمثابة رأس جسر للوثوب إلى هذه المناطق.





217FF6AE-3C51-4AE0-9E39-C354B2A6D4DD
عصام شريح

صحفي فلسطيني، عمل في إذاعة قطر ٣٩ عاماً، وله مقالات في مجلات وصحف قطرية ولبنانية.