مهرجان البراميل المشتعلة في بريطانيا

17 مارس 2017
تجري احتفالات البراميل المشتعلة في بريطانيا (Getty)
+ الخط -
بعض الممارسات والتقاليد القديمة لا تزال تحمل سحراً في قلوب الناس، حتى ولو اشتملت على مخاطر كبيرة يحجم الإنسان عنها في الأحوال العادية. أن تحمل على كتفيك برميلاً من القار المشتعل، وتجري به لمسافة دون مُبرّر، فإنه أمرٌ يُعدُّ ضرباً من الجنون. لكن، بالنسبة لبعض العائلات البريطانية في مدن كثيرة، مثل مدينة ديفون، فإن الأمر يبدو وكأنه مجرد لعبة مثيرة يقبل عليها الكبار والصغار نساء ورجالاً، كما أن أهل البلدة يفتخرون بأن أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم السابعة، ينضمّون للمسابقة المشتعلة رغم خطورتها.

كل عام، وفي ظل الاحتفالات في المدينة، يعدو المشاركون في الاحتفال وهم يحملون البرميل المشتعل، ويمررونه من واحد لآخر وسط الجماهير المحتشدة بالآلاف إلى أن يحترق البرميل تماماً. بينما على الجانب يقف آخرون وهم يحملون أنابيب بها بارود أسود يشعلون فيها النار لتحدث دوياً وتصدر لهباً وضوءاً ليتواكب مع طبيعة الحدث.

ولا يُعرَف على وجه التحديد كيف نشأ هذا التقليد الخطير لأوّل مرة، لكن يرجّح البعض بأنّه يعود للعصور الوثنية القديمة، إذ كانت هناك عادة قديمة تقضي بإشعال البراميل المملوءة بالقطران والمرور بها على الحانات والمحال العامة لتجنُّب الأمراض وطرد الأرواح الشريرة عن طريق الدخان والرائحة الخانقة التي يسبّبها احتراقُ القار.

في المسابقة الغريبة يحاول كل حامل للبرميل الدوران عدة مرات في الساحة المخصصة قبل تمرير البرميل لشخص آخر، ويتوقف قياس مدى التحمل على حجم المسافة والوقت الذي يستغرقه الشخص قبل التخلص من البرميل. ويرتدي الجميع قفازات خاصة وسترات مبطنة بعضها ضد النيران، حتى يستطيعوا تحمّل الحرارة الشديدة المنبعثة من جوف البرميل. والهدف الأساسي لكل متسابق هو الحفاظ على شعلة البرميل مُلتهبة ومُضيئة وعدم إسقاط البرميل على الأرض حتى لا ينكسر أو ينطفئ.

بعض المشاركين من ذوي الخبرات الكبيرة عبر السنين في حمل البراميل، مع ذلك يصر منظمو المسابقة والاحتفالات على جعل أحجام البراميل مختلفة حسب الجنس والسن. فالنساء لهن براميل أصغر وكذلك الأولاد والمراهقون الصغار. أما الكبار فيبدأون فعالياتهم في آخر اليوم ليلاً، ولهم براميل كبيرة تشكل لهم تحدياً يتناسب مع قوة الرجال. وهناك بعض النساء اللاتي يأبين إلا إثبات نديتهن للجنس الآخر، إذ يحملْن البراميل الكبيرة، ويطفن بها على جانب المضمار المخصص للمتسابقين، وحين يخضن في وسط المشاهدين، فإن الجميع يبتعد عنهنّ حتى لا يحدثن كارثة، ويشعلنَ النار في الحاضرين.

مع استغراق الأحداث، تتجه الأمورُ نحو الوحشيّة، فالشراب الكثير يدير الرؤوس وتبدأ الرهانات والتحديات. وكثيراً ما تحدث إصابات أو يتحطم زجاج نوافذ بعض المحال والحانات والمنازل. لكن أهل المدينة يضعونه ضمن بهجة الاحتفالات ولا يحزنون على ذلك.

تجري احتفالات البراميل المشتعلة في عدة أماكن في بريطانيا، وفي مواقيت مختلفة أيضاً من مقاطعة لأخرى. فأحياناً، تُقام مع نهايات فصل الشتاء وبداية الربيع، وكانت هذه المسابقة قد جرى تعليقها لعدة سنوات بعد أحداث مؤسفة في مدينة لويس في ساسكس، لكن بعد مرور بعض الوقت، ووضع لوائح جديدة، عادت المسابقة والاحتفالات للحياة مرة أخرى.


المساهمون