مهرجان "كيور سالي"

16 سبتمبر 2016
يشرب الرجال شاياً مخمراً (أيسوف سانوغو/ فرانس برس)
+ الخط -
يمكن تمييز قبائل "الودابي" في النيجر بصور رجالهم طوال القامة، وعيونهم الواسعة، ووجوهم التي تومض أسنانهم بابتسامة غريبة. وهم مجموعة من العشائر الرّحل الذين ينحدرون من الشعب الفولاني والطوارق. وشهرة "الودابي" موثقة أيضاً بأزيائهم الاحتفالية ووجوههم الملونة، والتي تبرز على وجه الخصوص في مسابقة جمال الذكور السنوية المعروفة باسم "جيريول".
تستمر المناسبة لعدة ساعات كل يوم، فالرجال يرقصون ويغنون في شمس الصحراء الحارقة. وبالرغم مما يبدو عليه ذلك من مشقة وشدة؛ فإن لبعض رجال الودابي حيلة تمكنهم من مواصلة الرقص الوحشي، إذ يشربون شاياً مخمراً مصنوعاً من لحاء أشجار معينة. ويشاع عنه أن له تأثيراً مخدراً أو يبعث على الهلوسة، وهم يعتقدون أن هذا الشاي يعطيهم القدرة على الرقص لساعات طويلة حتى النهاية.

"الجيريول" ليست حدثا فردياً، لكن في كل عام يرتحل شعب الودابي إلى الحافة الجنوبية للصحراء الكبرى، ويتجمع في أماكن مختلفة لإحياء عدة طقوس احتفالية. والموقع الأكثر شهرة هو مدينة غال المعروفة بمسطحاتها الملحية، والتي يقام فيها مهرجان "كيور سالي" سنوياً في سبتمبر/ أيلول بعد انتهاء موسم الأمطار. وفي فترة المهرجان، يزداد عدد سكان هذه المدينة الضئيلة من حوالى 500 شخص إلى أكثر من خمسين ألفاً. وإضافة إلى البدو الرحل وقطعانهم، يذهب السائحون أيضاً إلى غال لمشاهدة مهرجان "كيور سالي"، الذي يعد عيداً للحصاد وسوقاً كبيرة واجتماعاً للقبائل. ويتوجّ المهرجانَ استعراضٌ طاووسيٌّ متميّزٌ من الرجال لنيل لقب الرجل الأكثر جاذبية في العشيرة.


تعد "الجيريول" مسابقة لملك الجمال، كما أنها أيضاً طقوس غزلية، نظراً لأن الأبهة والتباهي غالباً ما يقودان للمغازلة ويزيدان من احتمال توافق الأحبة على الزواج. و"الودابي" يرتبون الزيجات تقليدياً، وقد يكون العديد منهم متزوجين بالفعل عندما يحضرون المسابقة، ولكن المهرجان قد يجعل الأمور تتطوّر، فيتزوج الرجل منهم ثانية وثالثة عندما تعجب به أنثى جديدة. فالتعدد في قبائل الودابي أمرٌ مُتاح ومنتشر. في ثقافة تلك القبائل، الجمال هدف منشود، وللنساء الحرية في اتخاذ أزواج متزوجين قبلهنّ، شريطة أن يكونوا حسني المظهر، على أمل أن ينجبوا أطفالاً أكثر جاذبية.
في أثناء الاحتفال، يلون الرجال وجوههم بالأصفر والأحمر، مع لمسات من الأبيض والأسود؛ لتسليط الضوء على التماثل في الوجه، وهي السمة التي تقدرها نساء الودابي كثيراً. ويتفنن الرجال في ارتداء الملابس المزركشة بالخرز والريش والجلد والأقمشة الملونة. ثم يستعرضون مهاراتهم في الرقص تحت لهيب الشمس، لإثبات قدرتهم على التحمل. وقد يستمر هذا الطقس أسبوعاً كاملاً، وفي هذه الأثناء، تراقب النساء أداء الرجال بعيون فاحصة وخبيرة تجوبهم من الأعلى إلى الأسفل، وينتقون بعناية من يرونه مناسباً من الرجال. وفي مقاييس الجمال هناك، تعد العيون الواسعة البيضاء المشرقة، والأسنان البيضاء اللامعة أهم علامات الجمال والجاذبية، كما أن مجرد الابتسامة بين الجنسين تمثل علامة الرضا والقبول بين الذكر والأنثى.

تمر النساء جيئة وذهاباً بروية وهدوء أمام صف الرجال، وعندما تجد الأنثى ذكراً جذاباً تشير إليه، والعشيرة التي يفوز منها العدد الأكبر من الرجال تفوز بالمسابقة والمهرجان.

المساهمون