مهجرون سوريون في العراء على أطراف ريف حلب لليوم الرابع

11 مايو 2018
حافلات المهجرين السوريين عالقة على معبر "أبو الزندين" (فيسبوك)
+ الخط -
لم يتخيل المهجرون من جنوب دمشق وريف حمص الشمالي أن تتحول الحافلات التي نقلتهم من مناطقهم إلى الشمال السوري، إلى مأوى لهم طيلة أربعة أيام، بسبب منع دخولهم إلى ريف حلب الخاضع لسيطرة الفصائل المسلحة المدعومة تركياً.

وقال المهجر من جنوب دمشق، أيهم العمر، لـ"العربي الجديد"، إن "آلاف المهجرين من جنوب دمشق وريف حمص الشمالي، عالقون على معبر (أبو الزندين) على أطراف الباب، في ريف حلب. لا توجد موافقة تركية على دخولنا إلى المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المدعومة من تركيا، ما زلنا عالقين في مكاننا لليوم الرابع على التوالي".

وأضاف: "بعد أكثر من 18 ساعة سفر بين جنوب دمشق وريف حلب، كانت مليئة بالتوتر والاستفزاز من قبل الموالين للنظام، بدأ مسلسل الانتظار على المعبر. النظام أقام حولنا طوقا عسكريا، فلا يسمح لنا بالابتعاد من الحافلات أكثر من عدة أمتار في منطقة شبه جرداء لا يوجد بها إلا بضع شجيرات، حتى أن بعض المنازل المتفرقة القريبة منا يمنعنا النظام من دخولها".

وأوضح العمر: "خلال الأيام الثلاثة الماضية، كان الطقس متقلبا للغاية، بخاصة في الليل الذي شهد أمطارا غزيرة، ما تسبب في إصابة كثير من الأطفال وكبار السن بالأمراض في ظل عدم وجود دواء أو طعام". وأعرب عن أمله بأن تصل مناشداتهم إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، "طيلة أربعة أيام نحاول توصيل معاناتنا إلى وسائل الإعلام، لكن للأسف إلى اليوم لم يلتفت إلينا أحد".

وقالت أم زهير (35 سنة)، وهي مهجرة من جنوب دمشق: "لم نعش طوال السنوات الماضية أسوأ من هذه الأيام الأربعة، رغم ما كان فيها من حصار وقصف وجوع، في اليوم الأول من وصولنا، لم يكن معنا طعام أو ماء، وكان الطقس باردا جدا وتساقطت الأمطار، وبقينا حتى مساء اليوم الثاني بلا طعام، حتى وزع الهلال الأحمر ثلاث سلال غذائية على كل حافلة إضافة إلى صهريج ماء، وفي مساء اليوم الثالث جلبوا سلال مواد غذائية بكميات لا تكفي وجبة واحدة كل 24 ساعة عمادها بعض المعلبات".

وأضافت: "جاءت سيارة من الهلال الأحمر لتقييم الحالات الصحية، وتم إدخال بعض الحالات الحرجة إلى الباب، ووزعوا على الأطفال المصابين بالحمى والسعال من جراء البرد أدوية، لكنّ هناك حالات مرضية وأشخاصا يعانون من أمراض مزمنة في حاجة إلى دواء أيضا، وقد تتدهور أوضاعهم الصحية في حال لم تصل أدويتهم".




أما سلوى (25 سنة)، المهجرة من جنوب دمشق، فقالت لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع لم يعد يطاق. منذ أربعة أيام ونحن مقيمون في الحافلات. لم نبدل ثيابنا ولا يوجد ماء للاغتسال، حتى أن الحافلات مشتركة بين الرجال والنساء"، ولفتت إلى أن "الجميع ينامون منذ أربعة أيام جلوسا في مقاعد الحافلات، إنه أمر متعب ومرهق جدا".

وأضافت أن "المشكلة الكبرى هي عدم وجود مرافق خدمية في المنطقة، بعد مضي اليوم الأول لم نعد نحتمل، مما اضطرنا إلى الاستعانة بما توفر من قطع قماش كستائر لنقضي حاجتنا خلفها، قبل أن يجلب الهلال الأحمر في وقت متأخر مساء اليوم الثاني، حمامات متنقلة، إلا أن وضعها سيئ، والازدحام عليها يجبر البعض على اللجوء إلى الستائر لقضاء الحاجة".

بجانب الحافلات، تظهر مجموعة من الأطفال الذين لا يبلغ أكبرهم العشر سنوات. يحفرون في الأرض ويلعبون بالتراب، قالوا إنهم يحفرون خنادق ويقيمون سواتر ترابية. كأنهم يعيشون أجواء معركة من نسج خيالهم الذي تأثر بسنوات الحرب التي عاشوها في مناطقهم.
بالقرب منهم، أطفال آخرون يلعبون بالحجارة، يبدو أنهم يحاولون بناء غرفة يحلمون أن تؤويهم، وعلى مقربة طفل يمسك بثوب أمه ليخبرها بأنه جائع، وهي بدورها تسأل من حولها إن تبقى لديه شيء مما وزعه الهلال الأحمر. لكن يبدو أنها لم توفق.

يقول أبو محمد (70 سنة)، المهجر من جنوب دمشق، لـ"العربي الجديد": "كل شدة بعدها فرج، لكن الشدة التي نعيشها لا أعتقد أن لها مثيل في العالم. حوصرنا وقصفنا وجعنا فقط لأننا خرجنا نطالب بكرامتنا وحريتنا، لم نكن نطالب بالسلطة، وإنما أردنا العدل، وبعد سنوات من المرار تتفق الدول على إخراجنا من منازلنا، واليوم ننتظر أن تسمح لنا تركيا بالدخول إلى قطعة من الأرض السورية".

وأضاف: "خرجت مع ابني الوحيد ليدفنني حيث سيقيم، ولكن اليوم أخاف أن أدفن هنا ويرحل هو بعيدا، فأنا مريض ولم يعد معي دواء".