كشف تقرير ميداني نشرته هيئة حقوقية في الجزائر، اليوم الثلاثاء، أنّ المهاجرين الأفارقة يدفعون ما لايقل عن 2600 يورو لأجل قطع الصحراء والوصول إلى الجزائر، كما أنّ شبكات تهريب البشر التي تنشط بين الجزائر ومالي النيجر تحصل على مبالغ ضخمة جراء هذا النشاط.
ونشرت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان تقريراً ميدانياً أعدّه اثنان من ممثليها في منطقة الصحراء الجزائرية.
وأوضح رئيس مكتب الرابطة بولاية تمنراست (أقصى جنوب الجزائر)، صمدات حبيب الله، أنّ المهاجرين الأفارقة يدفعون 2600 يورو من أجل الوصول إلى الأراضي الجزائرية، مشيراً إلى أن "أولئك الأفارقة المتطلعين إلى بلوغ الأراضي الجزائرية يدفعون ما قيمته 1100 يورو لأشخاص يسهلون لهم قطع الصحراء في ظرف يومين، ثم يقومون بدفع ما قيمته 1500 يورو إضافية من أجل إدخالهم إلى الأراضي الجزائرية، وبالضبط إلى ولاية تمنراست التي تبعد عن العاصمة بألفي كيلومتر".
وأضاف المصدر نفسه أنّ سماسرة الهجرة غير الشرعية للأفارقة في مدينة عين فزام، الواقعة على بعد 12 كيلومتراً عن الحدود الجزائرية النيجرية، يعيشون عصرهم الذهبي، على الرغم من أن الحدود مغلقة بين البلدين، ولكن نتيجة للحرب التي يشنها الجيش الفرنسي في منطقة شمال مالي ودول الساحل، ظهر مرتزقة يعملون مع الفرنسيين ويمارسون في أغلب الأحيان تجارة الأسلحة وتهريب البشر".
وأشار حبيب الله إلى أن محور منطقة آرليث ـ سمقة بالنيجر وعين فزام بالجزائر يعتبر معبراً حيوياً لتهريب البشر ليلاً ونهاراً، إلى جانب محور صحراء تنزروفت الذي يتم فيه تهريب البشر بين منطقتي برج باجي مختار الحدودية ومدينة أدرار جنوبي الجزائر، وتحولت المنطقة إلى ساحة للتجارة المربحة لشبكات المافيا التي تستغل تدفق مئات اللاجئين على عين فزام وتمنراست يومياً، لتمرير قوافل المهاجرين نحو الحدود".
وفي السياق ذاته، أكّد الناشط الحقوقي ورئيس المكتب الجهوي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في الجنوب، قدور روابح،
أن المنطقة التي تقع بين ولاية تمنراست الجزائرية وحدود دول النيجر وتعرف بصحراء "تينيري" ويسميها الطوارق "ليسما"، تعدّ مسلكاً مهماً للمهاجرين غير الشرعيين الأفارقة ومهربي البشر.
وأشار المتحدث إلى أن "هذه المنطقة تصبح خلال الصيف أكثر صعوبة، إذ تسجل عدداً من حالات الوفاة بسب العطش والتيه في الصحراء الوعرة، لافتقارها إلى المعالم التي تجعل تمييز المسارات ممكناً، كما أن الاهتداء إلى الطريق لا يجيده إلا مرشدون متمرسون، وكثيراً ما يتخلون عن المهاجرين غير الشرعيين نتيجة المراقبة الأمنية أو لأسباب أخرى" .
وخلال الأشهر الأخيرة، أقامت السلطات الجزائرية تعزيزات عسكرية على حدودها الجنوبية،
خاصة مع مناطق شمالي النيجر ومالي، للحدّ من تدفق المهاجرين الأفارقة، وتفكيك الشبكات التي تشرف على تنظيم خطوط الهجرة السرية في الصحراء.
وكان الجيش الجزائري قد أعلن، السبت الماضي، عن توقيف 36 مهاجراً من جنسيات أفريقية مختلفة تسللوا إلى الجزائر بطريقة غير شرعية في منطقتي ورقلة جنوبي الجزائر.
ومنذ فترة تقوم السلطات الجزائرية بتجميع المهاجرين الأفارقة المقيمين بطريقة غير قانونية في البلاد بمراكز خاصة في منطقة تمنراست جنوبي البلاد، قبل ترحيلهم إلى بلادهم عبر دولتي مالي والنيجر، على الرغم من اعتراض هيئات حقوقية ومدنية.
وكانت وكالة "أسوشيتد برس"الأميركية، قد نشرت أمس الإثنين، تقريراً زعمت فيه أن الجزائر تخلت عن أكثر من 13 ألف مهاجر أفريقي في الصحراء القريبة مع النيجر ومالي خلال الشهور الـ14 الماضية، وتركتهم يواجهون مصيراً مجهولاً. ونقلت قصصاً لمهاجرين قالوا إنهم تعرضوا للتعنيف والرمي في الصحراء من قبل قوات الأمن الجزائرية.
في المقابل، انتقدت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، التي تعترض على عمليات ترحيل المهاجرين الأفارقة من الجزائر، تقرير الوكالة الأميركية، ووصفته "بالمبني على مغالطات ولا يستند إلى معلومات دقيقة".