لم تبدأ الحملة الانتخابية الرئاسية الأميركية لعام 2016 رسمياً بعد، إلا أنه من الواضح أن أحد الموضوعات الساخنة هو الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة. وكان الرئيس باراك أوباما، قد أعلن العام الماضي عن حزمة تعديلات على قانون الهجرة يستطيع بموجبها نحو خمسة ملايين مهاجر غير شرعي من أصل نحو 12 مليوناً يعيشون في الولايات المتحدة ومعرضّين للترحيل إن تم اكتشاف أمرهم، بالحصول على تأشيرات إقامة وعمل في إطار قوننة وضعهم.
تجدر الإشارة إلى أن أكثر من نصف هؤلاء يعيشون في البلاد منذ عشر سنوات على أقل تقدير، بحسب الإحصائيات الرسمية. لكن الجمهوريين اعترضوا على هذه الخطوات متهمين الديمقراطيين بمناورات انتخابية للحصول على دعم الناخبين من دول أميركا اللاتينية، خصوصاً وأن أكثر من 60% من المهاجرين غير الشرعيين من دول أميركا الوسطى والجنوبية.
ويصل معظم المهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة بطريقتَين رئيسيتَين. الأولى، عن طريق الدخول عبر الحدود بمساعدة عصابات تهريب أو بمجهود ذاتي. وهم غالباً ما يدخلون عن طريق الحدود المكسيكية الأميركية التي تمتدّ على أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر ويقطعها سنوياً بشكل قانوني في الاتجاهَين أكثر من 350 مليون شخص، ما يجعل نقاط الحدود بين البلدَين الأكثر عبوراً في العالم. لكن طول الحدود هذا يجعل مراقبتها بشكل كامل، شبه مستحيلة. وتقدّر الإحصائيات الرسمية عدد الذين يدخلون البلاد بشكل غير قانوني عبر تلك الحدود من دون أن يقبض عليهم بنحو 200 ألف شخص سنوياً، إلا أن 80 ألفاً منهم يعودون إلى بلادهم بشكل طوعي.
أما الطريقة الثانية، فهي من خلال الدخول بشكل قانوني إلى الولايات المتحدة، سواء بتأشيرة سياحية أو غيرها. لكن الزائر يعمد إلى "كسر تأشيرته" ولا يغادر البلاد عند انتهاء المدة القانونية التي يسمح له في خلالها البقاء في البلاد.
باولا من البرازيل واحدة من هؤلاء. تقول لـ "العربي الجديد": "دخلت الولايات المتحدة قبل أكثر من خمس سنوات وكانت معي تأشيرة سياحية لثلاثة أشهر". هي كانت قد أنهت دراستها الجامعيّة في العلوم السياسية في البرازيل، لكنها تعتاش اليوم على تنظيف البيوت في نيويورك. تضيف أنها أتت لزيارة حبيبها "لكن سرعان ما افترقنا. لم أعد إلى البرازيل وقد تمكنت عن طريق بعض المعارف من الحصول على عمل بشكل غير قانوني في تنظيف البيوت". وتحصل باولا، اليوم، على خدمات صحية بسيطة، إذ توفر بعض المنظمات غير الحكومية والمراكز تلك الخدمات من دون مقابل مادي ومن دون السؤال عن أوراق الإقامة أو الهوية.
إلى ذلك، بدأت مدينة نيويورك توفر بطاقات هوية لقاطنيها وتسمح للمهاجرين غير الشرعيين بالحصول على هذه البطاقات من دون أن يكونوا مهاجرين شرعيين. وهي لا تطالب إلا بأوراق ثبوتية فقط، كشهادة ميلاد أو جواز سفر أو بطاقة هوية من البلد الأم، من دون أن يتوجّب على المتقدّم إبراز ما يثبت إقامة قانونية في البلاد.
وباولا، اليوم، غير قادرة على مغادرة الولايات المتحدة، لأن أمر بقائها هنا خمس سنوات بشكل غير قانوني سينكشف، وستمنع في الغالب من العودة. تشير إلى أنها وجدت الحياة التي كانت تبحث عنها في نيويورك، حتى ولو كان الوضع غير مثالي ولا يتطابق مع المستوى الاجتماعي الذي تتحدّر منه. وهي تفكر حالياً بدفع نحو عشرين ألف دولار أميركي بالتقسيط لأحد معارفها حتى يتزوجها رسمياً، وبذلك يمكنها تغيير وضعها القانوني والحصول على أوراق رسمية.
أما سلمى فأتت من المكسيك، وهي تعمل في مقهى للنراجيل في نيويورك. هي أيضاً دخلت البلاد بشكل قانوني وبقيت بعد انتهاء مدة إقامتها، لكنها تفكر، اليوم، في العودة إلى بلادها بسبب كل ما عانته في خلال السنوات الأربع الماضية. تقول لـ "العربي الجديد": "أعيش بخوف دائم من القبض عليّ، وأصحاب العمل يستغلونني من جهة الأجر وساعات العمل التي تفوق 12 ساعة يومياً من دون أي زيادة. وأحياناً لا أتقاضى أكثر من أربعين دولاراً في اليوم، من دون تأمين صحي". تضيف، أن أحد الأسباب الرئيسية لقدومها إلى الولايات المتحدة هو بحثها عن فرصة أفضل للعيش ومساعدة عائلتها في المكسيك. لكن هذه الفرصة تبدو لها، اليوم، غير واقعية، خصوصاً في ظل عدم قانونية وجودها واستغلال أرباب العمل هذا الوضع. لذا، "حجزت تذكرة وسأعود إلى المكسيك. وأنا سعيدة بهذه العودة على الرغم من آمالي المحطمة".
وتثير مسألة العمالة غير القانونية جدالاً بين الخبراء الاقتصاديين، إذ يرى بعضهم أن أحد أسباب النمو الاقتصادي الذي تشهده الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة هو الأجور المتدنية التي يحصل عليها المهاجرون غير الشرعيين. وأكثر القطاعات استفادة من العمالة غير القانونية هي الزراعة والبناء وشركات التنظيف والفنادق والمطاعم. لكن آخرين يرون أن العمالة غير القانونية تؤدي إلى خفض أجور الأميركيين والأجانب الذين يعيشون في البلاد بشكل قانوني ويدفعون الضرائب.
إلى ذلك، يستفيد الاقتصاد الأميركي والشركات من العمالة غير القانونية بسبب الأجور المنخفضة والخدمات الاجتماعية القليلة التي تقدّم إلى هؤلاء، في حال اعتبرنا أن ما من غياب تام لتلك الخدمات والحقوق. ويرى بعض آخر، يدعم إجراءات أوباما، أن حصول المهاجرين غير الشرعيين على إقامة يعني دفعهم كذلك ضرائب تنعش خزينة الدولة والاستثمار في البلاد وتدعم الاقتصاد.
تجدر الإشارة إلى أن أوباما كان قد واجه انتقادات عند ترحيل عدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين منذ توليه رئاسة البلاد، فاقت في خلال السنوات الست الأولى من ولايتيه مليونَي شخص. يُضاف إلى ذلك العدد نفسه للمهاجرين الذين رحلهم الرئيس السابق جورج بوش الابن، في خلال ثماني سنوات. وقد أدى الترحيل إلى انقسام عائلات كاملة كان أبناؤها المولودون في الولايات المتحدة قد حصلوا على الجنسية الأميركية. وستحاول التشريعات الجديدة التي لم يصادق عليها الكونغرس بعد، قوننة أوضاعهم من دون أن يعني ذلك حصولهم على الجنسية فوراً.
تجدر الإشارة إلى أن أكثر من نصف هؤلاء يعيشون في البلاد منذ عشر سنوات على أقل تقدير، بحسب الإحصائيات الرسمية. لكن الجمهوريين اعترضوا على هذه الخطوات متهمين الديمقراطيين بمناورات انتخابية للحصول على دعم الناخبين من دول أميركا اللاتينية، خصوصاً وأن أكثر من 60% من المهاجرين غير الشرعيين من دول أميركا الوسطى والجنوبية.
ويصل معظم المهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة بطريقتَين رئيسيتَين. الأولى، عن طريق الدخول عبر الحدود بمساعدة عصابات تهريب أو بمجهود ذاتي. وهم غالباً ما يدخلون عن طريق الحدود المكسيكية الأميركية التي تمتدّ على أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر ويقطعها سنوياً بشكل قانوني في الاتجاهَين أكثر من 350 مليون شخص، ما يجعل نقاط الحدود بين البلدَين الأكثر عبوراً في العالم. لكن طول الحدود هذا يجعل مراقبتها بشكل كامل، شبه مستحيلة. وتقدّر الإحصائيات الرسمية عدد الذين يدخلون البلاد بشكل غير قانوني عبر تلك الحدود من دون أن يقبض عليهم بنحو 200 ألف شخص سنوياً، إلا أن 80 ألفاً منهم يعودون إلى بلادهم بشكل طوعي.
أما الطريقة الثانية، فهي من خلال الدخول بشكل قانوني إلى الولايات المتحدة، سواء بتأشيرة سياحية أو غيرها. لكن الزائر يعمد إلى "كسر تأشيرته" ولا يغادر البلاد عند انتهاء المدة القانونية التي يسمح له في خلالها البقاء في البلاد.
باولا من البرازيل واحدة من هؤلاء. تقول لـ "العربي الجديد": "دخلت الولايات المتحدة قبل أكثر من خمس سنوات وكانت معي تأشيرة سياحية لثلاثة أشهر". هي كانت قد أنهت دراستها الجامعيّة في العلوم السياسية في البرازيل، لكنها تعتاش اليوم على تنظيف البيوت في نيويورك. تضيف أنها أتت لزيارة حبيبها "لكن سرعان ما افترقنا. لم أعد إلى البرازيل وقد تمكنت عن طريق بعض المعارف من الحصول على عمل بشكل غير قانوني في تنظيف البيوت". وتحصل باولا، اليوم، على خدمات صحية بسيطة، إذ توفر بعض المنظمات غير الحكومية والمراكز تلك الخدمات من دون مقابل مادي ومن دون السؤال عن أوراق الإقامة أو الهوية.
إلى ذلك، بدأت مدينة نيويورك توفر بطاقات هوية لقاطنيها وتسمح للمهاجرين غير الشرعيين بالحصول على هذه البطاقات من دون أن يكونوا مهاجرين شرعيين. وهي لا تطالب إلا بأوراق ثبوتية فقط، كشهادة ميلاد أو جواز سفر أو بطاقة هوية من البلد الأم، من دون أن يتوجّب على المتقدّم إبراز ما يثبت إقامة قانونية في البلاد.
وباولا، اليوم، غير قادرة على مغادرة الولايات المتحدة، لأن أمر بقائها هنا خمس سنوات بشكل غير قانوني سينكشف، وستمنع في الغالب من العودة. تشير إلى أنها وجدت الحياة التي كانت تبحث عنها في نيويورك، حتى ولو كان الوضع غير مثالي ولا يتطابق مع المستوى الاجتماعي الذي تتحدّر منه. وهي تفكر حالياً بدفع نحو عشرين ألف دولار أميركي بالتقسيط لأحد معارفها حتى يتزوجها رسمياً، وبذلك يمكنها تغيير وضعها القانوني والحصول على أوراق رسمية.
أما سلمى فأتت من المكسيك، وهي تعمل في مقهى للنراجيل في نيويورك. هي أيضاً دخلت البلاد بشكل قانوني وبقيت بعد انتهاء مدة إقامتها، لكنها تفكر، اليوم، في العودة إلى بلادها بسبب كل ما عانته في خلال السنوات الأربع الماضية. تقول لـ "العربي الجديد": "أعيش بخوف دائم من القبض عليّ، وأصحاب العمل يستغلونني من جهة الأجر وساعات العمل التي تفوق 12 ساعة يومياً من دون أي زيادة. وأحياناً لا أتقاضى أكثر من أربعين دولاراً في اليوم، من دون تأمين صحي". تضيف، أن أحد الأسباب الرئيسية لقدومها إلى الولايات المتحدة هو بحثها عن فرصة أفضل للعيش ومساعدة عائلتها في المكسيك. لكن هذه الفرصة تبدو لها، اليوم، غير واقعية، خصوصاً في ظل عدم قانونية وجودها واستغلال أرباب العمل هذا الوضع. لذا، "حجزت تذكرة وسأعود إلى المكسيك. وأنا سعيدة بهذه العودة على الرغم من آمالي المحطمة".
وتثير مسألة العمالة غير القانونية جدالاً بين الخبراء الاقتصاديين، إذ يرى بعضهم أن أحد أسباب النمو الاقتصادي الذي تشهده الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة هو الأجور المتدنية التي يحصل عليها المهاجرون غير الشرعيين. وأكثر القطاعات استفادة من العمالة غير القانونية هي الزراعة والبناء وشركات التنظيف والفنادق والمطاعم. لكن آخرين يرون أن العمالة غير القانونية تؤدي إلى خفض أجور الأميركيين والأجانب الذين يعيشون في البلاد بشكل قانوني ويدفعون الضرائب.
إلى ذلك، يستفيد الاقتصاد الأميركي والشركات من العمالة غير القانونية بسبب الأجور المنخفضة والخدمات الاجتماعية القليلة التي تقدّم إلى هؤلاء، في حال اعتبرنا أن ما من غياب تام لتلك الخدمات والحقوق. ويرى بعض آخر، يدعم إجراءات أوباما، أن حصول المهاجرين غير الشرعيين على إقامة يعني دفعهم كذلك ضرائب تنعش خزينة الدولة والاستثمار في البلاد وتدعم الاقتصاد.
تجدر الإشارة إلى أن أوباما كان قد واجه انتقادات عند ترحيل عدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين منذ توليه رئاسة البلاد، فاقت في خلال السنوات الست الأولى من ولايتيه مليونَي شخص. يُضاف إلى ذلك العدد نفسه للمهاجرين الذين رحلهم الرئيس السابق جورج بوش الابن، في خلال ثماني سنوات. وقد أدى الترحيل إلى انقسام عائلات كاملة كان أبناؤها المولودون في الولايات المتحدة قد حصلوا على الجنسية الأميركية. وستحاول التشريعات الجديدة التي لم يصادق عليها الكونغرس بعد، قوننة أوضاعهم من دون أن يعني ذلك حصولهم على الجنسية فوراً.