ربما كانت اليمن هي البلاد الوحيدة التي حافظت على تراثها المعماري الذي عمره قرون بالتأكيد. كل المدن العربية وبنسب متفاوتة فقدت الكثير من خصائصها المعمارية أمام موجات عمليات النسخ والحداثة الجاهزة إلى الحد الذي خسرت العديد منها شخصيتها، أو بات ما تبقى منها، ليس سوى أحياء صغيرة ومحدودة المساحة ضمن النسيج العمراني العام.
تتعرض هذه المباني الآن، بهندستها البديعة وقناطرها الجميلة وطرزها المعمارية، إلى انفجار القذائف وطلقات الحروب. والحصيلة أن ما يتم دكّه اليوم، لن يجد غداً من يستعيده عندما تتسابق شركات الإنشاءات الاستثمارية على الدخول في المناقصات لإعادة الإعمار. اللهم هذا إذا توافرت الأموال اللازمة لذلك عبر قروض خارجية بطبيعة الحال، باعتبار أن البلاد ستخرج من حربها يوماً وهي في حالة تتجاوز شفير الإفلاس إلى السقوط في قاعه.
المؤشرات حول كلفة إعمار اليمن لا تتناسب مع قدرات بلاد محدودة الموارد، وتعاني من كمّ متراكم من المشكلات التي لا تجد علاجاً لها. هناك أولاً الجراح الثخينة التي تتركها الحروب الأهلية على بنية المجتمع والعلاقات بين أبناء المناطق والمدن والقرى والعشائر والمجموعات القبلية. أكثر من ذلك هناك حالات تراجع مقلقة في الدخل الوطني بفعل انهيار مقوّمات القطاعات الاقتصادية من زراعة وصناعة وتجارة. وهي بالأصل ضعيفة وهشّة، وبحاجة إلى إعادة ضخّ موارد لتعاود العمل بالوتيرة السابقة. ما يؤكد ذلك حال الانكماش التي سجلتها السنوات الأخيرة. يكفي الإشارة إلى أن النمو تراجع بنسبة 12 بالمائة عام 2014، و34 بالمائة عام 2015، وستكون بالتأكيد سنة 2016 الأسوأ.
هذا الوضع رفع من معدلات البطالة إلى 65 بالمائة من تعداد القوى العاملة، وجعل من هذه القوى المنتجة بمن فيها الأطفال الذين تسرّبوا من المدارس مجرّد مقاتلين في حروب تدمر بلادهم. وفي مجاري المعارك يعاني 80 بالمائة من سكان اليمن من سقوطهم إلى ما دون خط الفقر في غضون عام واحد.
بالطبع، أحياناً لا تترك الحروب مجالاً كافياً للحديث عن تكاليف إعادة الإعمار، إذ يكون الكل مستغرقاً في تتبع أخبار المعارك وما يدور على جبهات القتال من مواجهات. مع ذلك قدّر نائب رئيس البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حافظ غانم كلفة إعمار أربع مدن يمنية هي: صنعاء وعدن وتعز وزنجبار بما لا يقل عن خمسة مليارات دولار، مؤكداً احتمال مضاعفتها في حال استمرار القتال. أما وزير التخطيط اليمني السابق محمد التيمي فقد رأى أن الكلفة الإجمالية لا تقل عن 100 مليار دولار... حديث عن مليارات وسط تلاميذ شعب يفتقدون الأبسط بما هو شربة الماء النظيفة.
(أستاذ جامعي)
اقــرأ أيضاً
تتعرض هذه المباني الآن، بهندستها البديعة وقناطرها الجميلة وطرزها المعمارية، إلى انفجار القذائف وطلقات الحروب. والحصيلة أن ما يتم دكّه اليوم، لن يجد غداً من يستعيده عندما تتسابق شركات الإنشاءات الاستثمارية على الدخول في المناقصات لإعادة الإعمار. اللهم هذا إذا توافرت الأموال اللازمة لذلك عبر قروض خارجية بطبيعة الحال، باعتبار أن البلاد ستخرج من حربها يوماً وهي في حالة تتجاوز شفير الإفلاس إلى السقوط في قاعه.
المؤشرات حول كلفة إعمار اليمن لا تتناسب مع قدرات بلاد محدودة الموارد، وتعاني من كمّ متراكم من المشكلات التي لا تجد علاجاً لها. هناك أولاً الجراح الثخينة التي تتركها الحروب الأهلية على بنية المجتمع والعلاقات بين أبناء المناطق والمدن والقرى والعشائر والمجموعات القبلية. أكثر من ذلك هناك حالات تراجع مقلقة في الدخل الوطني بفعل انهيار مقوّمات القطاعات الاقتصادية من زراعة وصناعة وتجارة. وهي بالأصل ضعيفة وهشّة، وبحاجة إلى إعادة ضخّ موارد لتعاود العمل بالوتيرة السابقة. ما يؤكد ذلك حال الانكماش التي سجلتها السنوات الأخيرة. يكفي الإشارة إلى أن النمو تراجع بنسبة 12 بالمائة عام 2014، و34 بالمائة عام 2015، وستكون بالتأكيد سنة 2016 الأسوأ.
هذا الوضع رفع من معدلات البطالة إلى 65 بالمائة من تعداد القوى العاملة، وجعل من هذه القوى المنتجة بمن فيها الأطفال الذين تسرّبوا من المدارس مجرّد مقاتلين في حروب تدمر بلادهم. وفي مجاري المعارك يعاني 80 بالمائة من سكان اليمن من سقوطهم إلى ما دون خط الفقر في غضون عام واحد.
بالطبع، أحياناً لا تترك الحروب مجالاً كافياً للحديث عن تكاليف إعادة الإعمار، إذ يكون الكل مستغرقاً في تتبع أخبار المعارك وما يدور على جبهات القتال من مواجهات. مع ذلك قدّر نائب رئيس البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حافظ غانم كلفة إعمار أربع مدن يمنية هي: صنعاء وعدن وتعز وزنجبار بما لا يقل عن خمسة مليارات دولار، مؤكداً احتمال مضاعفتها في حال استمرار القتال. أما وزير التخطيط اليمني السابق محمد التيمي فقد رأى أن الكلفة الإجمالية لا تقل عن 100 مليار دولار... حديث عن مليارات وسط تلاميذ شعب يفتقدون الأبسط بما هو شربة الماء النظيفة.
(أستاذ جامعي)