وسط الفوضى التي تتكشف يوماً بعد يوم تفاصيلها ومدى تمدّدها في مختلف القطاعات الصحية والغذائية والاستهلاكية، لن يكون من المستغرب السؤال عن مدى سلامة الغذاء الذي يقدَّم للمرضى في المستشفيات اللبنانية. هل من رقابة على مطابخ تلك المؤسسات الصحية؟ وهل تلتزم جميعها بشروط ملاءمة الوجبات التي تقدّمها، مع الحالات التي تختلف من مريض إلى آخر؟
تقول المتخصصة في التغذية نيكول مفتوم لـ "العربي الجديد" إن "المستشفيات التي تحترم قواعد الصحة العامة الخاصة بسلامة الغذاء، لا بد من أن تراعي كل الشروط الغذائية. وذلك من خلال التنبه إلى نوعية الطعام، مع التركيز وبدقة على المواد الأساسية من بروتين ومعادن وأملاح. فأي خطأ في تزويد المريض بالطعام غير المناسب، هو بمثابة تزويده بالدواء غير الملائم. بالتالي، قد يلحق به الأذى وتكون التداعيات سلبية على صحته". وفي ما يتعلق بالتلوث الغذائي، تشير مفتوم إلى أن ذلك "قد يحصل. لذا نشدد على أهمية المراقبة الذاتية التي يقوم بها كل مستشفى".
وفي حديث إلى "العربي الجديد"، يوضح نقيب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون أن "ثمة كشفاً دورياً من قبل وزارة الصحة على مطابخ المستشفيات، يقوم به مفتشون صحيون. ومن الضروري أن تتقيد بسلامة الغذاء تطبيقاً لنظام تحليل المخاطر ونقاط التحكم الحرجة". وهو نظام وقائي عالمي يُعنى بسلامة الغذاء من خلال تحديد الأخطار التي تهدد سلامته، سواء أكانت بيولوجية أو كيميائية أو فيزيائية.
ويشرح هارون أن ذلك يشمل "تخزين الأكل بشكل صحيح وفقاً لحرارة معينة، وكذلك تخزين الأطعمة بالطرق السليمة في المستودعات خصوصاً تلك المثلجة مع التدقيق في صلاحيتها قبل طهوها، بالإضافة إلى إرسالها للمريض مع احترام القواعد الصحية للسلامة الغذائية لجهة حفظها بشكل جيد. ولا ننسى أهمية الكشف الدوري على صحة العاملين في المطبخ عبر إلزامهم بالفحوصات الطبية الدورية سنوياً أو حتى شهرياً، وذلك إلى جانب ضرورة أن تكون ملابسهم نظيفة دائماً وخالية من الجراثيم".
ويؤكد هارون على أن "المستشفيات في لبنان تخضع إلى المعايير العالمية للسلامة الغذائية التي تعدّ من أهم شروط التصنيفات، قبل أن يسمح لها بالعمل في هذا السياق. ولعلّ أبرزها تأمين الكهرباء على مدار الساعة تفادياً لأي تلف غذائي في المستودعات، خصوصاً في اللحوم المثلجة. كذلك، يتوجب على المستشفيات معرفة مصدر الأطعمة التي تحفظ في مستودعاتها حتى لا تقع في مشكلة التلوث الغذائي (الشائعة اليوم)، وأيضاً مصدر الأطعمة التي تتزود بها بشكل يومي. ولا ننسى أهمية قواعد تخزين الغذاء السليم، تلك الخاصة بالخضار وأيضاً تلك الخاصة باللحوم المثلجة، مع التشديد على ضرورة وجود متخصصة في التغذية تحمل إذن مزاولة المهنة، إذ إن دورها أساسي في الإشراف على نوعيّة الطعام المقدّم لكل مريض".
ويشدّد هارون على "ضرورة التقيّد بأساسيات الحرص على سلامة الغذاء من خلال غسل الخضار وطبخها وتعقيمها بالشكل الصحيح. كذلك، يُلزم كل مستشفى باختصاصية تغذية للإشراف على توزيع الأكل على المرضى سواء لجهة النظافة أو الكمية أو النوعية. فالغذاء لا يقل أهمية عن الدواء، ومن المحتمل أن يسبب ضرراً على المريض".
من جهته، يشدد رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاطف مجدلاني لـ "العربي الجديد" على "ضرورة تقيّد المستشفيات بشروط السلامة العامة، خصوصاً في ما يخصّ النظافة في الطعام الذي يقدّم للمرضى. ووفق علمنا، فإن المستشفيات تعتمد رقابة ذاتية في عملية الطهو وفي تقديم الطعام للمرضى، وفق شروط سلامة الغذاء".
أما مستشار وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور، الدكتور بهيج عربيد، فيرى في اتصال مع "العربي الجديد" أن موضوع سلامة الغذاء في المستشفيات وطرق الرقابة عليها مهمّ للغالية تماماً كموضوع الدواء. ويقول: "كل مرض يحتاج إلى نوع معين من الغذاء، خصوصاً أمراض القلب والسكري وارتفاع الكوليسترول. لذا من الضروري إجراء كشف مستمر على العاملين في المطبخ، للتأكد من أن عملية الطهو سليمة، من دون أن ننسى أهمية نظافة اليدين والتدقيق في المكونات الغذائية التي تقدَّم للمريض بحسب حالته الصحية، وكل ذلك تحت إشراف دائم من قبل متخصصين في التغذية". ويوضح أن وزارة الصحة ترسل مفتشين صحيين متخصصين في هذا المضمار، للكشف المستمرعلى مطابخ المستشفيات وأخذ عينات من الأطعمة المحفوظة في المستودعات خشية أن تكون منتهية الصلاحية".