من مفكرة مهاجر عربي

05 يوليو 2015
مهاجرون عربا في ألمانيا بحثا عن مكان للعيش(Getty)
+ الخط -
في الهجرة الأولى لشاب مصري أحترمه، لم يكن يخجل أن يقول الحقيقة كما هي عن عمله في فيينا لأهله الذين تركهم خلفه. فما هو العيب بأن يبني الإنسان حياته بتوزيع الصحف أو بيعها في ذلك الزمن الأول؟ لكن الكذبة أن يكون كل منا "محمود المصري" الثري الذي تحيطه به الشقراوات.
طبيعي جدا أن يكون كسب القوت والعيش أمراً أكثر من عادي، لا شيء بطولي في ذلك. من رحل للعمل في معامل أوروبا بعيد الحرب العالمية الثانية، من المغرب وبلاد الشام للمساهمة كيد عاملة في بناء أوروبا كان الواحد منهم يجمع بضعة دراهم وليرات لمساعدة أهله الذين تركهم خلفه من دون أن يصور واقعه، سوى في حالات شاذة، بأنه "ملك زمانه". فكيف سيكون ملك زمانه إذا كان محيطه يعرفه تماماً ويعرف عمله، إلا إذا انطلت قصة أن الأوروبيين "مساطيل ومتأخرين" ليأتي ذلك المهاجر ليديرهم.
القصة بالنسبة لنا ثقافية في فهم ثقافة العمل. أنت غير ناجح إن لم تكن في الألفية هذه تحمل "شوالاً" من المال وترسل الهدايا بحسب الطلب.
المهاجرون يعيشون ثقافة اعتذار دائم، وخجل من قول الحقيقة. في الولايات المتحدة الأميركية ليست مشكلة أن يكون عربي، يمني أو فلسطيني، صاحب "دكان" أو سائق تكسي وغيره.
مشكلتنا عميقة في التمويه على حقيقة أن نتقبل حقيقة واقعنا، على الأقل لنغيره إن استطعنا. تحويلات المغتربين إلى بلادهم كبيرة وبالأرقام هي بالمليارات، لكن دعونا نعترف مرة واحدة بأن كثيرين منا يعيشون حالة صعبة في الاستجابة لخيال سارح في البلد الأصلي يتصور التالي: سيارة حديثة، شركة، وشقراء تنتظر عند الدرج.
هذه ليست حقيقة بل وهم يعشعش في خيالات البعض ممن يصور الأمر كذلك وممن يتخيله كذلك فيصبح راتب بمئات اليوروهات/ الدولارات يستحق كل مخاطر الغربة. فطالما أن فلاناً أصبح "شبه مليونير" يرسل المال "فلا بد لي أن أكون نصف مليونير". لكنها صورة بعيدة عن الواقع.
سرت فترة صرعة الآيفون جعلت من لا يحمل في حقيبته مجموعة هواتف ذكية كهدايا يوزعها مثل "البون بون" (السكاكر) ينظر إليه كـ "أبله وربما بخيل وربما فاشل".

المساهمون