يروي التاريخ أن فخر الدين باشا تولى ولاية المدينة المنورة قبل بداية تمرّد الشريف حسين بالتعاون مع البريطانيين بفترة وجيزة، ودافع عن المدينة في وجه قوات الحلفاء وقوات الشريف حسين. وعندما قررت الحكومة العثمانية إخلاء قسم من المدينة المنورة، بموجب معاهدة موندروس، أبلغوا فخر الدين باشا، والذي كان يلقب بـ"نمر الصحراء" أو الفخري، بالقرار، فرفضه واستمر بالمقاومة، بعدما نقل 30 أثراً من الأمانات النبوية الشريفة إلى اسطنبول خوفاً من تعرض المدينة لأعمال سلب ونهب تحت حماية 2000 جندي.
وخلال كلمة ألقاها أردوغان في اجتماع عقده بالقصر الرئاسي في أنقرة بعدد من المخاتير، قال "إن واحدة أخرى من البطولات هي دفاعنا عن المدينة المنورة، إن استهداف أولئك الذين يظنون أنهم على معرفة بالدفاع عن المدينة وبفخر الدين باشا، هو أمر ليس عابراً"، موجهاً كلامه لعبد الله بن زايد، بالقول: "عندما كان فخر الدين باشا يدافع عن المدينة، أنت أيها المسكين المفتري أين كان جدك، حين خرج فخر الدين باشا من اسطنبول للدفاع عن المدينة، ذهب لحماية الأراضي المقدسة من المحتلين، ولكن أجدادك أين كانوا؟".
وأضاف أردوغان: "دون أي خجل أو ملل وصولاً إلى الهذيان، يستمر هؤلاء المساكين بالقول إن أجداد أردوغان قاموا بسرقة الأمانات المقدسة من المدينة وجلبوها إلى إسطنبول، إن هذا ليس اسمه سرقة بل إنها حماية للإمانات من أولئك المحتلين".
وهاجم أردوغان حكام الإمارات دون ذكر أسمائهم، بالقول: "نحن نحمي تلك الأمانات المقدسة في إسطنبول، هل كان عليها أن تذهب للغرب؟ هؤلاء بذهنية غربية لذلك بدأوا بالهجوم، وبعد أن أرسل فخر الدين باشا الأمانات المقدسة إلى إسطنبول، شعر بالراحة وبذل كل جهده لحماية المدينة، والآن ينظّر، للأسف، أولئك المقيمون في أراض قريبة (من المدينة) دون خجل ويستمرون بالافتراء علينا. اعرفوا حدّكم". وقال أيضاً "قبل كل شيء يجب توجيه السؤال لهم، لو أن هذه الأمانات ذهبت إلى الغرب، بأي حال كانت ستكون، وهل كانوا سيبذلون الجهود لاستعادتها؟"، خاتماً حديثه بالتشديد على الأخوة العربية ـ التركية بالقول: "الشعوب العربية هم إخوتنا وأرواحنا".
وكان بن زايد أعاد تغريد جملة لناشط هاجم فيها أردوغان، وادعى ارتكاب فخر الدين باشا (القائد العسكري التركي الذي دافع عن المدينة المنورة أثناء الحرب العالمية الأولى) جرائم ضدّ السكان المحليين، بالقول: "هل تعلمون في عام 1916 قام التركي فخري باشا بجريمة بحق أهل المدينة النبوية، فسرق أموالهم وقام بخطفهم وإركابهم في قطارات إلى الشام واسطنبول برحلة سُميت سفر برلك".
وجاء في التغريدة أيضاً: "سرق الأتراك أغلب مخطوطات المكتبة المحمودية في المدينة وأرسلوها إلى تركيا. هؤلاء أجداد أردوغان وتاريخهم مع المسلمين العرب".
وكان نائب رئيس الوزراء التركي فكري إشيق، هاجم وزير الخارجية الإماراتي بشدة بوصفه بالأحمق، وقال "في الوقت الذي نكافح فيه من أجل بغداد والقدس، يأتي أحد المعتوهين ليقوم بإقحام الرئيس رجب طيب أردوغان إبان الحرب العالمية الأولى"، مضيفاً: "إعادة نشر تغريدة مسيئة للأتراك والرئيس أردوغان أمر مخجل، وأؤكد على ضرورة عودته عن خطئه، وألّا يكون أداة لمثل هذه الحركات الاستفزازية".
وتابع إشيق "هي أيضاً عمل استفزازي ينم عن سوء نية، ويُظهر بشكل جلي أن لورانس ما زال على رأس عمله"، في إشارة إلى توماس إدوارد لورنس الشهير بلورنس العرب (1888 – 1935)، وهو ضابط مخابرات بريطاني كُلف بمهام تأليب القبائل العربية وزعمائها ضد الدولة العثمانية، ودفعهم للتمرد عليها خلال الحرب العالمية الأولى.
مسار الخلافات التركية الإماراتية
وللمفارقة، فإن هذا التراشق الكلامي بين الطرفين يأتي بموازاة تعاون اقتصادي بين البلدين، يصل إلى مبيعات الأسلحة. إلا أن العلاقات السياسية والدبلوماسية بينهما زاد فيها منسوب التوتر منذ أن ترددت أنباء عن قيام الإمارات بالتعاون مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بدعم المحاولة الانقلابية الفاشلة في يوليو/تموز 2016، لترد أنقرة بتقديم الدعم لدولة قطر في وجه دول الحصار، عبر إنشاء قاعدة عسكرية تركية في قطر.
أوجه الخلاف ظهرت أيضاً، حينما قامت أنقرة وطهران بإحباط محاولة تقسيم العراق عبر انفصال إقليم كردستان، ووقف الإماراتيون والسعوديون إلى جانب الانفصال، وصولاً إلى تقديم السعودية والإمارات دعماً سياسياً لقوات حزب الاتحاد الديمقراطي (الجناح السوري للعمال الكردستاني).
وكذلك عند التحركات التركية ـ الأردنية ـ الفلسطينية ضد قرار الإدارة الأميركية حول القدس المدعوم من السعودية والإمارات، والتي أثّرت على الاتفاق بين الرياض وأبوظبي وواشنطن الذي يُعَوّل عليه للتحالف مع دولة الاحتلال بوجه التدخل الإيراني في المنطقة.