من ضحى بـلوك سومرز؟

14 ديسمبر 2014
+ الخط -
أود التعبير، بداية، عن بالغ الحزن في مصاب الصحافي، لوك سومرز، زميل مهنة القلم والحرف والحقيقة، وأيضاً مصاب المخطوف الآخر الجنوب أفريقي في جريمة الاختطاف والتصفية المدانة بشدة، كما أتقدم بخالص التعازي وأحر المواساة إلى أسرتيهما المكلومتين، ومحبيهما المحزونين وإلى شعبيهما.

وحديثي، هنا، يقتصر على الصحافي، لوك سومرز، الذي كان خبر اغتياله وتصفيته أمراً صادماً لي شخصياً بل محزناً للغاية، لمعرفتي به في ساحة التغيير في صنعاء، وكانت لنا لقاءاتنا القصيرة والمحدودة في المركز الإعلامي للثورة الشبابية، وما ارتسمت له في ذاكرتي من صورة طيبة وخالدة عن رجل ودود ولطيف، شخصيته مسالمة وخجولة اجتماعيّاً ونشيط ومخلص في عمله، وذو إحساس إنساني مرهف. وهنا، أتذكر موقفاً إنسانيّاً لسومرز، وبينما كنت في لقاء عابر معه، وبجانبنا أحد الأصدقاء، قاطعنا أحد الشباب الناشطين في الثورة، بسؤال تعارفي وجهه إلى سومرز. هل أنت أميركي؟ أجاب سومر نعم، فقال له الشاب. هل تعلم أن الغارات الأميركية جرائم ضد الإنسانية هدفها إيجاد حالة تعاطف وبيئة حاضنة للمتطرفين، بدليل أن أكثر من 70% من ضحايا تلك الجرائم أطفال ونساء ومدنيون، بعضهم تم استهدافهم في مناسبات عرس، وآخرون في مناسبات عزاء و30% من الضحايا الآخرين أغلبهم مواطنون لم يثبت تورطهم في الإرهاب؟ وما أن انتهى ذلك الشاب من حديثه حتى أحسست بـالصحافي، لوك، يعتصر ألماً، ورأيت الدموع تحتار في عينيه، تبحث عن سبيل للتعبير عن ذلك..

ولأن عملية تحريره، حسب الرواية الأميركية الرسمية متناقضة ومضطربة، وتثير علامات ريبة عديدة، والتساؤلات عن مقتله، والتي توجب دماؤه على أسرته في المقام الأول ومحبيه البحث عن أجوبة لها. وكوني يمنيّاً لست بعيداً عن الحدث، أعرض تفاصيل، قد تساعد على الوصول إلى حقيقة ما جرى، ومن المستفيد من ذلك، فدماؤه المسفوكة ظلماً، لابد وأن تكون بوصلة صادقة لا تخضع لقاعدة الحقيقة مع القوي دائماً، ولا تنخدع بالتباكي، ولا تقبل أن تكون فرصة للاستثمار السياسي الرخيص والابتزاز القذر.

جاء في تسريبات شبه رسمية، عبر مسؤول أمني أميركي، أن سبب مقتل الصحافي، لوك سومرز، كان نتيجة خيانة، وأعتقد ذلك. لكن ممن؟ ومن أي نوع؟

لم تكن الخيانة في العملية الأولى التي استهدفت وكر الإرهابيين في كهف حجر الصيعر في محافظة حضرموت، ونفذت بمشاركة قوات خاصة يمنية، بدليل أنها حققت نجاحاً فنيّاً ومهنيّاً، وأنجزت تحرير ثمانية مختطفين، بينهم يمنيون، وعاد الفريق مع المختطفين سالمين، كما أظهرت أن السرية في العملية كانت عاليّة، حيث لم تتمكن المجموعة الإرهابية من الاستعداد للمواجهة.
ظهرت الخيانة بجلاء في العملية الثانية التي نفذتها قوات خاصة أميركية، منفردة، واستهدفت، حسب رواية الإدارة الأميركية، المكان الذي نقل لوك سومرز ورفيقه الأفريقي إليه، ومن دون تنسيق ومشاركة الجانب اليمني، والدليل على الخيانة أنها انتهت بفشل العملية، ومقتل أو تصفية المختطفين لوك سومرز، والمواطن الأفريقي بعكس العملية الأولى!

أليس الأحرى أن يتساءل الجميع عن السر وراء قرار الجانب الأميركي عدم التنسيق مع الجانب اليمني، والإصرار على الانفراد بالعملية؟ ولماذا تجاهل الجانب الأميركي التنسيق حتى مع الحكومة البريطانية، بحكم أن الصحافي، لوك سومرز، مواطن بريطاني الأصل، وتحريره جزء من مسؤوليتها؟ فهل كانت عملية نقله مع رفيقه، وغض الطرف عنها، من دون إلغاء العملية السابقة، وتوجيهها للهدف الجديد، هو إبعاد سومرز عن المختطفين الآخرين، لتنفيذ أمر مشبوه، سرّاً، وعدم ترك أي شاهد يروي ما حصل، وذلك يأتي جزءاً من خطة استراتيجية لا تنتهي بتحريره أو بتصفيته؟

هناك قصص مأساوية وأحداث غامضة كثيرة، ذهب ضحيتها صحافيون غربيون عديدون، خصوصاً في العقد المنصرم، اتضح، فيما بعد، بحسب ما كشفته صحف غربية عن تورط المخابرات الغربية في عمليات الاختطاف والتصفية، تحت عناوين تحرير أولئك المختطفين، ولم يكن ذنبهم سوى أنهم نقلوا الصورة كاملة، بما تقتضيه الحقيقة، وليس بما تمليه أو تقيده سياسات تلك الأجهزة المخابراتية، التي تعتبر الحقيقة وكل من ينقلها عدواً لها.

فهل كان مصير سومرز هو مصير أولئك الصحافيين، وفي ظروف غامضة متشابهة؟ سؤال لأسرة الفقيد وللشعب الأميركي، برسم دماء لوك سومرز.

avata
avata
حُميد منصور القطواني (اليمن)
حُميد منصور القطواني (اليمن)