من ساكي إلى مودريتش..أسماء غيرت خريطة اللعبة

28 سبتمبر 2014
مودريتش و ساكي (العربي الجديد)
+ الخط -

يعتمد جزء مهم في كرة القدم والتكتيك الحديث على توظيف اللاعب في غير مركزه الطبيعي، واللّعب به في أكثر من مكان ومركز خلال الموسم، من أجل إيصال أكثر من فكرة إلى عقل اللاعب، بالإضافة إلى ميزة الانتشار والتكيف مع أي ظرف، كذلك وجوده كخيار ثاني في حالة الطوارئ.

استخدم السير أليكس فيرجسون هذه العملية كثيراً مع مانشستر يونايتد، والجيل الذهبي في التسعينيات، لعب فيل نيفيل في دفاع الوسط، بدأ راين جيجز على الجناح وانتهي في الارتكاز المساند. وأخيراً، واين روني الذي لعب في أكثر من مركز هجومي، في العمق وعلى اليسار واليمين، هو بمثابة لاعب الطوارئ الذي يلعب أينما وجد الخلل.

ومع وجود هذه النوعية من اللاعبين، هناك أمثلة أكثر راديكالية، خاصة بصعوبة تحديد مركزها داخل الملعب، ومسح المستطيل الأخضر بالطول والعرض في كل شبر منه، حتى التسعين دقيقة.أمثلة من الماضي.

بول وارهارست، اللاعب الإنجليزي الذي لعب كرة القدم من سنة 87 حتى 2007، عشرين سنة كاملة في كل مكان بالملعب، وشارك مع أكثر من نادي إنجليزي. هو لاعب غير معروف بشكل كبير مثل بقية النجوم، لكنه يمتاز بشيء مهم، أنه لعب كمدافع ولاعب وسط ومهاجم أيضاً في مسيرة طويلة، إنه نموذج للاعب الشامل في كرة القدم.

نموذج أشهر وأوضح إلى اللاعب الشامل في كرة القدم، لويس أنريكي، المحارب، المشاغب، صاحب المواقف الغريبة والنهايات الشجاعة، لوتـشو لاعب الغريمين، ريال مدريد وبرشلونة، الذي عرف بالحرباء، لأن الحرباء قادرة على التلون والظهور بأكثر من شكل، أما لويس أنريكي فكان لاعباً قادراً على شغل كل المراكز داخل الملعب.

ويأتي السؤال، هل هذه النوعيات ما زالت موجودة ؟ الإجابة ستكون لا، والسبب، تطور اللعبة بشكل كبير لتصبح كما قلنا من قبل مرتبطة بإدارة خصائص الأفراد، وأقرب إلى التخصص، اللعبة صارت متخصصة بشكل كبير وواضح، هناك أكثر من لاعب قادر على القيام بالدور المكلف به في كل مركز، يضم عدد معين من اللاعبين، وكذلك الهجوم، كل مكان تتحرك فيه يجب أن تقابله بتحرك في المكان الأخر من أجل التخصص.

في حضرة الأستاذ
تحّدث ساكي في حواره القديم مع الصحفي باولو بالديني، عن دور كل لاعب داخل الفريق، وهل المدافع يجب عليه أن يرّكز فقط على رقابة مهاجم الخصم أم يكون له دور في الجانب الدفاعي للفريق ككل لينطلق إلى جانب تكتيكي آخر مهم يندرج تحت فكرة تبادل المراكز والتحول من مكان إلى آخر داخل الملعب ليؤكد أن الجمود التكتيكي هو السائد في السنوات الأخيرة وأكبر دليل على ذلك، زيادة المناقشات حول ما إذا كان هذا اللاعب جناحاً أم لاعب وسط صريح أم إرتكازاً دفاعياً، ليؤكد أن هذه الأسئلة هي أس البلاء للكرة الحديثة.

التخصص قاتل لكرة القدم، يؤكد بائع الأحذية الذي صار مدرباً شهيراً، هذا الكلام حول فكرة تقيد كل لاعب بمركز معين داخل الملعب، ويستعيد الأيام الخوالي في فترة المجد مع ميلان الذهبي، حينما وضع الثنائي فرانك ريكارد وكارلو أنشيلوتي في منطقة الارتكاز، في طريقة لعب 4-4-2 الميلانية.

وضع ساكي ريكارد المدافع في المنتصف، وجعل أنشيلوتي، الفاشل في قراءة النوتة الموسيقية، لاعباً آخر يجيد فهم الأوركسترا الكروية، ويعرف من أين يأتي التناغم والانسجام داخل المنتصف، لذلك وصل أريجو إلى القمة، ليس بسبب بطولاته، أو أرقامه، فهناك أسماء أخرى حققت بطولات عديدة، لكن لأنه آمن بالمستقبل، وركز على عولمة اللعبة، لذلك تفوق على كافة أقرانه، لأنه صاحب فكر سابق لعصره بعشرات السنين.

لوكا مورديتش
وإذا كان خوان رومان ريكلمي هو آخر صناع اللعب القدامى في اللعبة، فإن الكرواتي الموسيقار لوكا مودريتش، هو صانع اللعب الحديث، والنسخة الأكثر اكتمال في كرة القدم الحديثة، وذلك لأنه لاعب قادر على الحسم في الثلث الهجومي الأخير، إما بصناعة الأهداف أو تسجيلها بالتسديدات بعيدة المدى، بالإضافة إلى قوته غير العادية في منطقة الوسط، كإرتكاز مساند قادر على أداء الشق الدفاعي، ومساندة زملائه في الضغط على لاعبي الخصم وحرمانهم من الكرة.

ومع رحيل تشابي ألونسو إلى بايرن ميونخ، وعدم اكتمال الثقة في الشاب أياراميندي، فإن ريال مدريد عانى بعض الشيء أمام سوسيداد وأتليتكو مدريد، وحتى في انتصاراته العريضة في آخر جولات الليجا والأبطال، يبدو أن مشكلة العمق الدفاعي بالوسط ما زالت تؤرق العارفين بخبايا الأمور داخل قلعة النادي الملكي، لأن الألماني كروس غير معتاد بعد على اللعب كارتكاز دفاعي صريح، مما يسمح بوجود مساحات واضحة أمام رباعي الدفاع.

وكما تعلم أنشيلوتي الكثير من ساكي، فعليه التفكير الآن في استنساخ فكرة الثنائي الذي يدافع ويهاجم في آن واحد، ويعيد ثنائية ريكارد-كارلو مع كروس-مودريتش. وبالطبع هناك اختلافات عديدة لصالح المارد الإيطالي، حيث أن الهولندي فرانك مدافع من الأساس، عكس ثنائي الريال، بالإضافة إلى أن ضغط فريق ساكي من المستحيل الوصول إليه بسبب قوانين التسلل الحالية، وعدم قدرة نجوم الريال على الدفاع بنفس قوة الهجوم.

لكن الأمل الأخير سيكون لوكا، الكرواتي القادر على هزم التخصص في اللعبة، والنجم الذي من الممكن أن يجمع بين الدفاع والهجوم في توليفة واحدة وقالب مشابه، شريطة دخول الألماني كروس على الخط معه، وبذل جهد مضاعف من الثالوث "رونالدو، بيل، خاميس"، لأن الإستراتيجية المنتظرة لا تحتاج فقط إلى أهدافهم، بل في عملهم الدفاعي رفقة الثنائي لوكا وكروس، لأن الانتصارات الحالية تعطي قيمة أمام الصغار، لكن في جولات الحسم، الأمر سيكون مختلف، وفي قمة الصعوبة.

المساهمون