من أسباب هجرة السوريين

17 سبتمبر 2015

لاجئ سوري وابنه قرب الحدود المجرية الصربية (15سبتمبر2015،Getty)

+ الخط -
تعيش القارة الأوروبية، هذه الأيام، أكبر مشكلة للهجرة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، ويحاول قادة الدول الأوروبية معالجة نتائج المشكلات والأزمات والحروب التي تجتاح سورية والعراق خصوصاً، والشرق الأوسط عموماً، من دون مواجهة أسباب هذه الهجرة التي تكمن في الأنظمة الاستبدادية القمعية، ولا يريدون الخوض في حلها جذرياً، من دون الإشارة إلى ضرورة وقف الحرب، المسبب الرئيسي لموجة الهجرة هذه. كل اجتماعاتهم المكثفة تبحث في وضع حلول لتخفيف الهجرة غير الشرعية، ولا يبحثون أسباب الهجرة. 

خرج السّوريون إلى الشارع من أجل الحرية والديمقراطية وللقضاء على الظلم والقمع ودولة المخابرات والاستبداد المقيت، من خلال المظاهرات السلمية، وبشكل حضاري، لكن النظام حوّل هذه المظاهرات إلى مسلحة باستخدام الأسلحة الفتاكة وحتى المحرّمة دولياً ضد المدنيين العزّل، ما اضطر الناس إلى الهروب من الموت المباشر، وبدأت عمليات اللجوء والنزوح بعد استخدام النظام الاستبدادي العنف المفرط بالسلاح والاعتقال والاختطاف والاغتصاب في التعامل مع الثورة السورية السلمية. ومن أسباب الهجرة باتجاه أوروبا:
1- العنف المفرط تجاه المناطق والمدن التي شهدت احتجاجات ومظاهرات سلمية ضد النظام الطاغي، واستخدام القصف العشوائي بالأسلحة الثقيلة والفتاكة بجميع أنواعها، بما فيها الأسلحة الكيماوية المحرّمة دولياً.
2- سياسة المجازر الممنهجة: مارس النظام مجازر ممنهجة ومدروسة بحق بعض المدنوالقصبات، من أجل التغيير الديمغرافي في هذه المناطق.
3- سياسة الاغتصاب الممنهج والمدروس بخطف البنات والفتيات والتحرش الجنسي، من عناصر الأمن والشبيحة، ما دفع عوائل لمغادرة سورية عديدة، خوفاً من وقوع هذه الانتهاكات على أحد أفراد عائلتهم.
4- سياسة التجنيد الإجباري، واستدعاء الاحتياط، خصوصاً بعد صدور المرسوم 104 لعام 2011، ما دفع عوائل كثيرة لمغادرة سورية خشية استدعاء أبنائهم إلى الخدمة الإلزامية أو الاحتياط.
5- القصف الممنهج والمدروس على المشافي والمراكز الصحية من النظام المجرم لقتل الكوادر الطبية والجرحى والمرضى بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية للقطاعين، الصحي والغذائي، على الرغم من أن سورية من الموقعين على اتفاقية جنيف لعام 1949، والتي تعطي الحصانة للكوادر الطبية والجرحى والمرضى والأسرى، لكنه صنّف الأطباء ضمن أعداء الدولة، حسب مفهوم النظام بسبب علاجهم المصابين والجرحى.
6- تحويل سورية من سجن انفرادي إلى مسلخ جماعي بحق الشعب السوري، ورفع شعار
"الأسد، أو نحرق البلد"، وبشار الأسد كان قد وعد أن لا يسلّم البلد إلى أهلها، إلا كما استولى عليها والده في السبعينات، وكان عدد السكان آنذاك حوالي 8 ملايين.
7- فتح أبواب سورية على مصراعيها لجذب الإرهابيين من المليشيات التكفيرية والإرهابية الشيعية والسنية.
8- تجنيد القاصرين والقاصرات، خصوصاً من هذه الكتائب والمليشيات الإرهابية، والتي تخلى النظام لهم عن بعض المناطق في سورية.
9- تسليم زمام الأمور في سورية إلى الحرس الثوري الإيراني، والسماح للملالي بالاحتلال العلني، من دون أن يتحرك المجتمع الدولي.
10- الوضع الاقتصادي العام، والذي دفع كثيرين إلى مغادرة سورية من دون وجود خطر مباشر على حياتهم، نتيجة توقف حركة التجارة والاقتصاد بشكل عام، ووصول نسبة البطالة إلى أكثر من 90% بالتوزاي مع الارتفاع الجنوني في الأسعار وتوقف الخدمات العامة.
11- الحصار الممنهج: استخدمه النظام في بعض المدن والمناطق، ما اضطر الأهالي إلى إيجاد مخرج آخر خارج البلد، أو مناطق أخرى في سورية.
12- المشكلات والصعوبات التي يواجهها اللاجئون السوريون في دول الجوار هي التي تدفعهم إلى المخاطرة بحياتهم وأموالهم عبر اللجوء إلى طرق غير شرعية للهجرة إلى أوروبا، وتؤدي في أحيانٍ كثيرة إلى وفاة عديدين منهم.
13- يعاني غالبية المهجرين من درجة عالية من ضعف الصلابة النفسية أمام الضغوط الكبيرة عليهم، فيصبحون كأنهم يسعون للانتحار البطيء للتخلّص من حياتهم، بناءً على أمل ضعيف، كثيراً ما يغرقون، وأغلب هؤلاء غير قادرين على التأقلم، ولا يجدون أمامهم سوى المخاطرة بحياتهم وعائلاتهم من أجل الوصول إلى "جنة" أوروبا، كما يحلمون بها.
14 ـ فقدانهم الأمل في إيجاد الحل للصراع في سورية، بعد كل الدمار والخراب.
15- تخاذل المجتمع الدولي في إيجاد الحل للقضية السورية، ولشعب ناضل من أجل الحرية والديمقراطية.
لذا، يكمن الحل الأساسي في إنقاذ الشعب السوري من براثن النظام القمعي وتحرير سورية من الاحتلال الإيراني وجميع المليشيات التكفيرية والإرهابية، حتى لا يضطر الشعب السوري، يوماً، إلى المطالبة بحق العودة.

8829B9E8-34BE-4121-BEB3-AB6533784986
محمد محمود

من مواليد 1995، محام، سبق له الكتابة بعدة صحف ومواقع منها العربي الجديد وكسرة وزائد 18 واليوم الجديد وبوابة يناير.