منى يوسف تطرّز بالنّول وتنشر التراث الفلسطيني

23 مايو 2016
أم ماهر في معرضها (العربي الجديد)
+ الخط -
تعتبر السيدة منى يوسف من بلدة بيت فوريك قرب مدينة نابلس، أن عملها هو في الأصل هواية اكتسبتها من والدتها وجدتها ونقلتها إلى بناتها وعدّة فتيات ونساء من بلدتها والمحافظات المجاورة. تقول أم ماهر ذات الـ 55 عاماً: "تعلمت التطريز منذ الطفولة، حين كانت جدّتي ووالدتي تطرّزان وتنسجان البسط والسجاد، تعلمت منهما كل شيء".
تجلس أم ماهر في معرضها الصغير الذي أطلقت عليه اسم: "أولندر ستايل". تعرض هنا تشكيلة واسعة من الملابس المطرزة والمفارش إضافة إلى الأكسسوارات والحقائب والهدايا. وتشرح: "أسست هذا المعرض بعد سنوات طويلة من المعاناة، والعمل والمثابرة والدعم المعنوي من عائلتي المكونة من خمس بنات وشاب واحد، فهذا العمل بحاجة إلى مكان يتسع لماكينة النول".
بدأت فكرة "أولندر ستايل" بعد مطالبات كثيرة من الزبائن لقياس الملابس ومشاهدة أكثر من تفصيل ولون، تقول منى، "بدأت العمل في التطريز من غرفة النوم الخاصة بي حيث كانت صغيرة جداً، ثم انتقلت بعد سنوات إلى غرفة صغيرة جداً لا تصلح لعرض وقياس الملابس". عن اسم معرضها تقول أم ماهر، "أولندر" تعني نبتة الدفلة ولها عدة ألوان منها الأبيض والزهري والقرنفلي والأحمر والأرجواني، وتنتشر في أراضي بلدتنا بيت فوريك وفي معظم أراضي فلسطين. وهذه الألوان تنعكس على فساتيننا وتطريزنا واسم جميل اخترته أنا وبناتي.
عن بداياتها تلفت أم ماهر، إلى أنه "بداية عملي كانت التطريز للمؤسسات، حيث كنا نطرز الملابس والهدايا لصاحب العمل، عانينا كثيراً خاصة في الانتفاضة عام 2000 حيث حاصر الاحتلال بلدتنا وكنا نتواصل مع الخارج وننقل البضاعة والمطرزات عبر الجبال، كنا نعمل حتى نؤمن حياة كريمة لعائلاتنا رغم الظروف الصعبة التي كنا نعيشها وشعبنا الفلسطيني".
وتتابع: "في عام 2009 قررت العمل مع مجموعة من الفتيات في البلدة، فاشتريت ثلاث ماكينات وانطلقنا من غرفة صغيرة جداً وبدأت في تلك الفترة بشراء المواد الخام بسعر أقل وأسست مخيطة صغيرة وأصبحت أبحث عن نساء ليطرزن معي أنا وبناتي. ومن هنا انطلقنا في العمل بقوة وأصبحنا نصل إلى عدد أكبر من الناس بفضل المعارض والجمعيات التي كنا نشارك ونعرض فيها مطرزاتنا".

وتضيف أم ماهر: "في هذا العام أيضاً قمت بتدريب مجموعة من الفتيات على التطريز واستعنت بهن فيما بعد وعملت معهن وأحضرت "خيّاطة" بعدما صممت الرسومات والملابس. هذا ما وسّع الشغل وأصبح يغطي محافظات الوطن إلى أن وصلنا إلى التسويق الإلكتروني الذي فتح أبواب العمل لدينا، وأصبحنا نرسل الطلبات إلى عدد من الدول حتى وصل عدد النساء اللواتي يعملن معي إلى أكثر من 40 سيّدة بينهن طالبات جامعيات".
وتقول منى: "لدينا موقع إلكتروني نعرض فيه الملابس المطرزة وأحدث التصميمات والرسومات التي جذبت مئات الزبائن من خارج فلسطين، ولدينا أيضا صفحة على فيسبوك إضافة إلى أننا نتعامل مع عدد من التجار في المدن الفلسطينية بشكل مباشر. كما شاركنا في عدد من المعارض في تشيلي وأوكرانيا وشرم الشيخ".
وتضيف: "لدي خمس بنات، ثلاث منهن تخرجن من الجامعات في عدة تخصصات. مي تخصصت بتكنولوجيا المعلومات وتعمل على الموقع الإلكتروني وتسوّق للمعرض. مها، تخصصت بإدارة الأعمال وتحمل على عاتقها حسابات المعرض إضافة إلى المتابعات المالية والمصرفية. ميساء تخصصت باللغة الفرنسية وتعمل على التسويق في الصفحة على الفيسبوك.
أما ملاك أبو ذراع، الابنة الرابعة لأم ماهر، فهي لا تزال تدرس في جامعة النجاح بتخصص تكنولوجيا المعلومات، وهي متفوقة وذكية جداً، حازت على جائزة ناسا قبل أشهر في تصنيع لعبة على الكمبيوتر تتصور فيها الحياة على المريخ. أما ماهر الابن الوحيد، فسافر إلى التشيك بعد إنهاء الثانوية حيث حصل على منحة دراسية عام 2003 وتزوج وبقي هناك.
عن دراستها تقول أم ماهر: "أنهيت بكالوريوس علم اجتماع وكنت أعيش في السعودية مع زوجي وابني وبناتي حتى عام 1998 وحضرنا إلى فلسطين ولم أجد عملاً وفق اختصاصي، إلى أن حولت هوايتي في التطريز إلى عمل منتج".
عن المشاكل التي تواجهها أم ماهر في العمل تشرح: "تواجهنا الكثير من المشاكل، منها الوضع الاقتصادي السيئ، إضافة إلى غزو البضائع الصينية للسوق الفلسطينية، وإلى منافسة الملابس المطرزة بالماكينات، ولا ننسى حاجز الاحتلال المقام على مدخل بلدتنا حيث إنه مغلق في أغلب الأوقات".