وتُرجح المعلومات الأمنية المنشورة أنّ بعض أفراد المجموعة دخلوا أوروبا بصفة "لاجئين سوريين" ثم سافروا إلى باريس بسيارات مُستأجرة من حي مولنبيك سان جان البلجيكي، والذي ارتبط اسمه بعدد من الهجمات العنيفة في السنوات الأخيرة، حتى بات يُعرف بين السكان المحليين بـ"عرين الإرهابيين"، ولا سيما أنّ معظم سكانه الـ90 ألف شخص هم من المهاجرين.
وبحسب المدعي العام الفرنسي، فرانسوا مولان، فإنّ المسلحين السبعة الذين قُتلوا في الهجوم شكّلوا ثلاث مجموعات جرى التنسيق في ما بينها، وكانوا يحملون أسلحة من نوع واحد، ويرتدون أحزمة ناسفة من نوع واحد أيضاً. وقام أعضاء المجموعة الأولى المؤلفة من ثلاثة انتحاريين بتفجير أنفسهم قرب ملعب "استاد دو فرانس" شمال باريس، حيث كانت تجري مباراة لكرة القدم بين منتخبَي فرنسا وألمانيا. وضمّت المجموعة الثانية ثلاثة قاموا بالهجوم على مسرح "باتكلان" للحفلات الموسيقية في باريس. أما المنفّذ السابع، الانتحاري إبراهيم عبد السلام (31 عاماً)، فرنسي مقيم في بلجيكا، فقد فجّر نفسه في مطعم قرب ساحة "لا ريبوبليك"، بالإضافة إلى العقل المدبّر للاعتداءات، عبد الحميد أبا عود، والذي لا يزال في سورية.
بلال حدفي
أمضى الفرنسي الجنسية، بلال حدفي (20 عاماً) صاحب الوجه الطفولي، بحسب ما وصفته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، وقتاً في القتال إلى جانب تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سورية قبل أن يعود إلى أوروبا. وجاء في تقرير الصحيفة أنّ "الإرهابي بلال حدفي سافر إلى سورية للانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابي الذي لقّبه باسم أبو عمر البلجيكي، وأيضاً بلال المهاجر، هو فرنسي من أصل مغربي وكان يقيم في بلجيكا". وقالت الصحيفة إن "حدفي من بلدة نيدر أوفر هيمبيك البلجيكية، سافر مطلع هذا العام إلى سورية بعدما أصبح متشدداً على يدي إمام بلجيكي، وكان صديقاً على فيسبوك لجهادي سوري من حي مولنبيك يدعى أبو إسلام، والذي نشر، أخيراً، صور جثث مقطوعة الرأس على موقع التواصل الاجتماعي".
كان حدفي أحد الانتحاريين الثلاثة الذين فشلوا في اقتحام ملعب فرنسا الدولي، بحسب الصحيفة، مشيرة إلى أن أحدهم فجّر نفسه عندما تم توقيفه من قبل حراس الملعب لتفتيشه، ثم تبعه الانتحاري الثاني بعد ثلاثة دقائق من التفجير الأول، خارج الـ"استاد"، تلاه الانتحاري الثالث الذي فجّر نفسه بالقرب من مطعم ماكدونالدز. ونشرت صحف بريطانية صوراً أبرزها حدفي على صفحته الشخصية عبر "فيسبوك"، يظهر فيها عاري الصدر، بينما يأخذ حمام شمس ويحتسي عصيراً، وصوراً أخرى يظهر فيها وهو يتدرب على استخدام السلاح.
أحمد المحمد/هوية غير مؤكدة
لم تتأكد هوية المدعو أحمد المحمد (25 عاماً) مع أن جواز السفر الذي عثر عليه يقول إنه من مواليد إدلب في سورية. وعُثر على جواز السفر السوري قرب جثه أحد الانتحاريين، وتقول المعلومات إن صاحب الجواز تم تسجيله في اليونان في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بحسب بصماته. وتشير المعلومات المنشورة إلى أنّ أحمد وصل إلى اليونان بعد عبور بحر إيجه من تركيا مع مجموعة من 198 مهاجراً، بعدما تمّ إنقاذهم من الغرق، وطلب المحمد اللجوء في جزيرة ليروس اليونانية باستخدام جواز سفر مزيف باسم "أحمد المحمد". أُلقي القبض عليه وأُطلق سراحه في ما بعد، وسُمح له بالسفر عن طريق البلقان مروراً بنقاط التفتيش في صربيا وكرواتيا قبل أن يتجه إلى شمال أوروبا. حدّدت اليونان هويته بعد العثور على جواز سفره بالقرب من جثة أحد أفراد العصابة المنفّذة للهجوم خارج الملعب الباريسي.
اقرأ أيضاً: هل تواصل منفّذو هجمات باريس... عبر الـ"بلاي ستايشن"؟
عمر اسماعيل مصطفاوي
كان عمر اسماعيل مصطفاوي (29 عاماً) الانتحاري الأوّل الذي أعلنت السلطات الفرنسية اسمه، وتم تحديد هويته من البصمات التي أُخذت من أحد أصابعه المقطوعة. تعود أصول مصطفاوي إلى الجزائر، كما أنّ لديه شقيقين، يملك أحدهما مقهى في مدينة شارتر الفرنسية، وفق ما ذكر موقع "جورنال دو سونتر". مصطفاوي فرنسي، ولد في كوركورون في ضواحي باريس. أُدين ثماني مرات بين 2004 و2010 بسبب قيادة سيارة من دون رخصة والاتجار في المخدرات، لكنّه لم يسجن مطلقاً. عمل عمر (أب لولدَين) خبّازاً. ظهر في فيديو غنائي يعود لعام 2009 وهو يغني الراب. وبحسب مصادر الشرطة، لا يزال المحققون يسعون لإثبات أنه أقام فعلاً في سورية عام 2014. ونقلت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية عن مسؤول تركي قوله إنّ "السلطات التركية أبلغت فرنسا عنه مرّتين، لكنها لم تتلق سوى طلب معلومات عنه بعد هجمات باريس". وكان مصطفاوي أحد الانتحاريين الثلاثة الذين اقتحموا مسرح "بتاكلان".
سامي عميمور
الانتحاري الثاني الذي تم تحديد اسمه من ضمن منفذي هجوم "بتاكلان". ولد عميمور (28 عاماً) في ضاحية درانسي، شمال شرق باريس. كان يُعرف من قبل السلطات الفرنسية قبل الهجوم، إذ اتهمته الأجهزة الفرنسية في أكتوبر/تشرين الأول 2012 بالانتماء إلى "منظمة إرهابية"، وتخطيطه للسفر إلى اليمن. تمّ وضع عميمور تحت الرقابة القضائية فقط، من دون الإدانة بالسجن. صدرت مذكرة توقيف دولية بحقه بسبب "انتهاكه لمراقبته القضائية" في خريف 2013. تُرجح الجهات الأمنية الفرنسية أن يكون عميمور قد توجّه في ذلك الوقت تحديداً إلى سورية وبقي هناك حتى صيف 2014.
إبراهيم عبد السلام
إبراهيم عبد السلام (31 عاماً) فرنسي مقيم في بلجيكا. فجّر نفسه أمام مقهى في "بولفار فولتير" وسط باريس، ما تسبب بإصابة شخص بجروح بالغة. استأجر إبراهيم سيارة مسجّلة في بلجيكا، وعُثر عليها في ما بعد في مونتروي، قرب باريس، غداة الاعتداءات، وفي داخلها ثلاث بنادق كلاشينكوف وستة عشر مخزن رصاص. وضع المحققون أسرة إبراهيم عبد السلام تحت المراقبة، إذ إنّ أحد أخوته، محمد عبد السلام، وضع لفترة قيد التوقيف على ذمة التحقيق في بلجيكا، وأُطلق سراحه من دون توجيه أية تهمة إليه، أمّا أخوه الثالث، صلاح عبد السلام، فقد أصدرت بروكسل بحقه مذكرة توقيف دولية، علماً أنّ صلاح استأجر سيارة أخرى مسجّلة في بلجيكا وعُثر عليها مركونة أمام مسرح "بتاكلان".
عبد الحميد أبا عود (العقل المُدبر)
تم تحديد اسم البلجيكي ذي الأصول المغربية، عبد الحميد أبا عود (27 عاماً) بكونه العقل المُدبِّر لهجمات باريس. يُعتقد أنه لا يزال في سورية، ويُعرف بلقب "أبو عمر سوسي" أو "أبو عمر البلجيكي". ينتمي أبا عود إلى حي مولنبيك. تشير المعلومات إلى أنّ الفريق المنفّذ لهجمات باريس والمؤلف من سبعة مسلحين جمعوا الأسلحة والأحزمة الناسفة هناك قبل التوجه إلى فرنسا في سيارات مستأجرة.
انضم أبا عود إلى صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وظهرت صورته في عدد من أشرطة الفيديو عبر الإنترنت. تلفت المعلومات الأمنية إلى أنّه أشرف على الاعتداءات في العاصمة الفرنسية، مساء الجمعة الماضي، إذ كان على اتصال مباشر بالانتحاريين الذين نفّذوا الهجمات. بيّنت الشرطة الفرنسية أن أبا عود خطّط لهجمات باريس من قاعدته في سورية بمساعدة أشخاص تابعين له في فرنسا وبلجيكا. وسبق للاستخبارات أن لاحقت تحركاته حتى اختفائه في اليونان في وقت سابق من العام الحالي، بعدما حكمت عليه بلجيكا بالسجن غيابياً لمدة 20 عاماً.
توضح المعلومات أن أبا عود أقنع آلاف المتشددين من الشباب بالقدوم إلى سورية بمن فيهم شقيقه المراهق، والذي يعتبر أصغر متشدد لدى "داعش". ظهر أبا عود في مقابلة له مع مجلة "دابق" التابعة للتنظيم، وقال فيها، إنه سافر إلى سورية "للتصدي للصليبين الذين يشنون حرباً ضد المسلمين". وزعم أبا عود أنه رجع في وقت سابق إلى بلجيكا ليقطن في منزل آمن للتخطيط لمزيد من الغارات في جميع أنحاء أوروبا.
اقرأ أيضاً "داعش" وتغيير قواعد اللعبة: نقل الحرب لساحة "العدو البعيدة"